ردة الفعل التي صبغت المشهد السياسي الكويتي في الأسبوع الماضي على أثر بعض الكلام المتطرف الذي أنتجته تداعيات أحداث سورية كانت رائعة، من خلال البيانات التي صدرت من تجمعات سياسية ومجلس الأمة، ودعمتها الحكومة بتأكيدها أنها لن تتهاون إزاء أي تصرف يستهدف الوحدة الوطنية، وستُفعل قوانين الوحدة الوطنية وكل القوانين ذات الصلة، للحفاظ على نسيج المجتمع الكويتي وتكاتفه، وهو أداء ممتاز يجعل الإخوة الشيعة يتيقنون أن الكويت وطنهم يوفر لهم جميع الضمانات كمواطنين من الدرجة الأولى، وشركاء على قدم المساواة مع الأغلبية السُّنية في الديرة بالفعل والواقع وليس بالكلام.

Ad

لكن الواقع أيضاً يقول إن القوى السياسية والبرلمان والقوى الاجتماعية والحكومة، التي تتكون أغلبيتها من إخوانكم السُّنة، والتي واجهت تطرف طائفة من أبنائها السُّنة، لا يمكنها أن تتغاضى إنسانياً عما يفعله المتطرفون الشيعة من حزب الله اللبناني وجيش المهدي العراقي والحرس الثوري الإيراني في سورية، كما أن الفظاعات التي ترتكب هناك لا يمكن لضمير الشعب الكويتي أن يتجاوزها، خاصة أن ما سيؤول إليه الوضع السوري سيمثل الركن الأساسي لأمن المشرق العربي الذي تنسحب آثاره بلاشك على الكويت كدولة وكيان.

من هنا أتساءل: أين الإخوة الشيعة خصوصاً ذوي التوجهات المدنية منهم من استنكار حديث السيد حسن نصرالله وتجييشه للجيوش للدخول إلى سورية والمذابح التي حدثت للمدنيين هناك، والرموز الدينية التي علقت على مساجد القصير، والقصص المأساوية التي يرويها مدير مستشفى القصير د. قاسم الزين، ووثقها عن جرحى ماتوا في الجرود والبساتين وهم يطلبون شربة ماء، على أثر هجوم جيش النظام السوري وقوات حزب الله، كل ذلك ولم نسمع من أي سياسي شيعي كويتي كلمة استنكار أو شجب للتعبئة المذهبية في إيران والعراق ولبنان تجاه سورية، لكنهم يثنون على ما تقوم به المملكة العربية السعودية ودول أخرى من منع مواطنيهم من الذهاب للقتال في سورية.

إننا في مرحلة بالغة الخطورة قادتنا فيها الأصولية الدينية بشقيها السُّني والشيعي إلى كارثة ستسيل أنهاراً من الدماء، والمطلوب أن يقف رجال وطنيون يحملون الفكر المدني الحق في وجهها، ولا يتذاكى أحد على الآخر بأن يخبئ الطائفي الصغير داخله في ركن ما في عقله وسلوكه ظناً منه أنه قادر على خداعه -ولنترك شعارات فلسطين وتحرير القدس التي استُخدمت من كل صاحب مشروع دكتاتوري وعرقي وأصولي طائفي، ففلسطين والقدس في قلوب الجميع ولن تضيع بإذن الله- ونباشر كمدنيين ومع حتى الإسلاميين المعتدلين العصريين منا في مواجهة المشاريع الطائفية من التكفيريين القاعديين ومن أصحاب التطرف المقابل تحت راية ولاية الفقيه.

ولذلك أقول لإخواني الشيعة نحن بحاجة إليكم لمواجهة الفتنة، ولن نواجهها بخطاب من طرف واحد وغير متوازن، وبقمع مشاعر السُّنة وإسكاتهم عما يحدث من مجازر لأشقائهم السوريين، وتورط بعض القوى الشيعية فيه، خاصة بعد أن أصبح هناك موقف لدول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي تجاه ذلك، والذي يلزم الحكومة الكويتية بأن تسير فيه، فهل ستضع يا أخي يدك في يدي لمواجهة التطرف بجناحيه السُّني والشيعي، وتشجب ما يفعله حزب الله وجيش المهدي والحرس الثوري الإيراني في سورية... أم ستراهن على رهانات أخرى مخفية ومهلكة؟!

***

معظم البيانات التي صدرت بشأن تداعيات الأحداث السورية على الوحدة الوطنية في الكويت، وكلام أحد المتطرفين بشأن سورية، لم تكن متوازنة وشاملة حول سبب المشكلة في ما عدا بيان المنبر الديمقراطي الكويتي الذي أشار مباشرة إلى ذلك.