ولا يزال السؤال حاضراً!
على قطاعات المعارضة أن تسارع إلى الاجتماع حول طاولة حوار، يتم من خلالها تنقية وتهذيب وجمع الصفوف، بعدما تسلل إلى خط المعارضة وركب موجته الكثير ممن لا يمكن بحال من الأحوال قبولهم في هذه الدائرة، ومن ثم يتم الاتفاق على رؤية وأهداف موحدة، والانطلاق بعدها للسير في مساحة عمل مشتركة.
اجتمعت ذات مساء من مساءات إجازة العيد مع مجموعة مميزة من رموز وناشطي الحراك السياسي، من المحسوبين- من مواقع مختلفة- على الخط المعارض أو لنقل الخط غير الموالي للحكومة، ودار الحوار بطبيعة الحال حول تحولات المشهد السياسي، وصولا إلى السؤال المصيري الشهير: ما الخطوة التالية؟!اكتشفت في تلك الجلسة وهي التي لم تخلُ من قدر كبير من المكاشفة والصراحة بأن ذات السؤال كان حاضراً في أوساط كثير من ناشطي وشباب الحراك منذ مراحله الأولى، وأن بعضهم لم يتردد في طرحه على رموز الحراك "وقادته" طوال الوقت، ولكن بلا طائل.
السؤال يرتفع اليوم بشكل أكثر حدة بعدما فشلت المقاطعة الثانية سواء في خارج الحراك أو داخله، وأعني بذلك أنها فشلت في التأثير في المشهدين الانتخابي والإعلامي، وكذلك فشلت في المحافظة على التزام كل القطاعات التي شاركت في المقاطعة الأولى، بل خروج جماعات عارضت المقاطعة وعملت ضدها وصولا إلى المشاركة في الانتخابات، بل صار السؤال يرتفع أكثر بعدما بات الكثير من أبناء الحراك أنفسهم يعتقدون أنه قد فشل ومات! لن أستغرق اليوم في الحديث عن الأسباب التي أدت بالحراك إلى الوصول إلى هذه الحالة، رغم أن ذلك يغريني، وسأكتفي بما كنت كتبته في عين هذه الزاوية، حيث تناولت تلك الأسباب بالتفصيل في كثير من مقالاتي السابقة، والتي يعود بعضها إلى تلك المرحلة التي كان فيها الحراك في قمة عنفوانه، حيث لم أتوقف عن التحذير بأن الاندفاع في ذلك المسار دون رؤية واضحة لسلم الخطوات وللخطط البديلة في حالة مواجهة العراقيل سيكون خطرا جدا، وقد يصيب الحراك في مقتل.ما يهمني طرحه اليوم هو أن على قطاعات المعارضة، وأقولها وأنا مدرك تماما بأن مصطلح "المعارضة" نفسه قد صار بحاجة إلى تعريف واضح وصريح بعدما "تكاثرت الظباء على خراش"، وصار الكل يريد وصلاً بليلى، كنت أقول إن على قطاعات المعارضة أن تسارع إلى الاجتماع حول طاولة حوار، يتم من خلالها تنقية وتهذيب وجمع الصفوف، بعدما تسلل إلى خط المعارضة وركب موجته الكثير ممن لا يمكن بحال من الأحوال قبولهم في هذه الدائرة، ومن ثم يتم الاتفاق على رؤية وأهداف موحدة، والانطلاق بعدها للسير في مساحة عمل مشتركة، والمسألة اليوم لا تحتمل التأخير فالوقت يمضي سريعا.نعم، أدرك تماما أن الوصول إلى الأهداف المرجوة لن يكون قريبا بحال من الأحوال فالطريق طويلة وشاقة، ولكن كل يوم نضيعه في الدوران حول أنفسنا هو يوم ضائغ سنخسره من رصيد المسيرة. ولهذا السبب كنت حريصا في ختام ذلك الاجتماع، وهو الذي لم يكن مخططا له أن يتجه في ذلك الاتجاه أصلا، أن نخلص بنتيجة عملية تمثلت بتكليف أحد الإخوة بالمباشرة بدعوة مجموعة من الأسماء المؤثرة والممثلة لمختلف التيارات الوطنية، من تلك التي تتفق في الحد الأدنى على ضرورة التصدي وإيقاف عجلة الفساد السياسي، وذلك للاجتماع والمباشرة بالتحرك من جديد.المسألة اليوم يا سادتي، وقد كررت هذا مراراً، تجاوزت البرلمان بطريقة تشكيله وآليات انتخابه، المسألة اليوم هي مصير بلد مهدد بأسره يحتاج إلى مشروع إنقاذ شعبي عاجل، وهذا ما يجب أن يبدأ اليوم اليوم وليس غداً.