مصطلحات جديدة تغزو الشارع المصري
ربعاوي وتحريري وشوارعي
{ثورجي، إخوان، ربعاوي، تحريري، متمرد، شوارعي، ابن شارع}... هذه بعض المصطلحات والمفاهيم التي نالت ذيوعاً واسعاً في الشارع المصري خلال الأونة الأخيرة.
{ثورجي، إخوان، ربعاوي، تحريري، متمرد، شوارعي، ابن شارع}... هذه بعض المصطلحات والمفاهيم التي نالت ذيوعاً واسعاً في الشارع المصري خلال الأونة الأخيرة.
اجتاحت الشارع المصري مصطلحات كانت شبه محظورة على التداول العام، أو كانت تقال بحذر لافت قبل الأحداث الثورية التي تشهدها مصر منذ ثورة يناير وحتى الآن، تحمل معاني ودلالات جديدة، ما حدا بالخبراء والمفكرين بدراستها مشيرين إلى أنها تشكل راهناً ما يسمى بثقافة الشارع. فماذا عن هذه المصطلحات ودلالتها؟ وما هي خصوصية الشارع في مصر وثقافته؟يرصد كتاب ثقافة الشارع الصادر حديثاً عن دار {الهلال} للدكتور سعيد إسماعيل مصطلحات عدة أبرزها: {ثورجي، إخوان، ربعاوي، تحريري، متمرد، شوارعي، ابن شارع}... ومتغيرات شهدها الشارع المصري والمظاهر الدالة عليها.
يؤكد د. إسماعيل في بداية كتابه على أن الشارع المصري يختلف عن كثير من شوارع العالم ويكاد يكون الشارع الوحيد الذي يمثل وضعية خاصة في حياة كل من يتعايش معه، إذ يقوم بوظائف أخرى غير كونه أداة اتصال بين الأماكن المختلفة بمن فيها من البشر كأي شارع في العالم. فهو النادي الاجتماعي الأول للغالبية العظمى من المصريين وهو النادي الرياضي والمنتدى الثقافي والمجال الأوسع للتجارة والسوق التجاري، والكتاب المفتوح الذي يتعلم منه الجميع فنون الحياة وحيلها فالشارع المصري له ثقافته الخاصة.ويشير المؤلف إلى أن الشارع المصري يحمل جملة من المفاهيم والألفاظ والمعاملات والقيم والاتجاهات يصفها الخبراء بثقافة الشارع وقد تجلت هذه الثقافة بميزاتها وتناقضاتها بعد ثورة يناير.ألفاظ وسلوكيات يؤكد د. إسماعيل أن التعامل مع الثقافة باعتبارها طريقة للحياة والتفكير يجعلها ممثلة أحياناً في بعض المظاهر المادية، وأحياناً أخرى في مظاهر غير مادية. وأكثر من هذا في التعامل معها ممثلة في مفردات حياة نواجهها ونعايشها ألفاظاً وسلوكيات وماديات. وكما يوجد ما يسمى بثقافة العنف وثقافة التسامح وثقافة المدرسة، أصبحنا أمام ثقافة شارع بل وبات الشارع وسيطاً من وسائط التنشئة والتكوين والتربية كالمدرسة والجامعة والأسرة ودور العبادة ووسائل الإعلام وبعض المؤسسات الاجتماعية.وعلى رغم أن الحس الشعبي قد أدرك هذه الحقيقة منذ زمن عبر عنها في وصفة للسلوك المتدني بتربية شوارع، غير أن مؤثرات الشارع المختلفة في السنوات الأخيرة قد زادت واتسعت إلى حد كبير بحيث يمكن أن نرى فيه مجمعاً لمؤثرات ثقافية لا تقتصر على فئة بعينها وإنما تنال الجميع بدرجة ما.المصطلحات الرائجة الآن، كالثوري والإخواني والربعاوي والتحريري والشوارعي، يغلب عليها الطابع السياسي، وقد أبرزت مدى الانقسام الذي يشهده المجتمع المصري. فالثوري هو الشخص الذي ينتمي إلى الفئة المطالبة بالتغيير ووجهته الدائمة هي ميدان التحرير. أما الربعاوي فيطلق على فصيل الإخوان المعتصمين في ميدان رابعة العدوية، فيما كان لفظ الشوارعي أو ابن الشارع يطلق قديماً على أطفال الشوارع، إلا أنه يكتسب الآن صفة جديدة فأصبح وصفاً للشخص الذكي الذي يلتقط الأفكار وهي طائرة. يذخر الكتاب أيضاً برصد كثير من المظاهر التي تجلت في الشارع المصري بعد الثورة من فوضى مرورية وتكدس للباعة الجائلين، ما جعل لغتهم ومصطلحاتهم متداولة على نطاق واسع. كذلك أصبحت شوارع كثيرة تقوم بوظيفة العزاء، فينصب سرادق كبير في عرض الشارع وتنطلق مكبرات الصوت ويلتقي المعزون في صخب لافت. وذلك كله كما يقول المؤلف أسهم في تدني المستوى الثقافي للشارع المصري.اختلف الشارع المصري عما كان عليه في أزمنة سابقة، فعلى مر السنوات تغيرت أسماء الشوارع وتغير معها سكانها وعاداتهم وتقاليدهم. كانت غالبية الشوارع تسمى بأسماء إما علماء أو بأكثر المهن والحرف شهرة، فقد حظيت شوارع الخيامية والمغربلين وسوق السلاح بشهرتها، ولا ننسى شارع الإمام محمد عبده وهو نسبة بالطبع إلى الإمام محمد عبده وشارع البيطار (المقريزي سابقاً)، وحارة جمال الدين الأفغاني... وغيرها من شوارع كانت تحمل معاني ودلالات ثقافية تشير إلى أزمانها وناسها.