اليهود في السينما المصرية... صورة صحيحة أم مبالغة؟

نشر في 05-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 05-04-2013 | 00:01
No Image Caption
أثارت الضجة التي رافقت طلب عرض فيلم {يهود مصر} جماهيرياً الحديث عن صورة اليهود في السينما المصرية، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها هذه النوعية من الشخصيات على الشاشة الفضية.
ما خطورة سرد حكايات اليهود الذين كانوا يعيشون في مصر؟ لماذا أثيرت ضجة حول فيلم {يهود مصر} رغم أن فيلم {هليوبوليس} سبقه وعرض حياة يهود كانوا يعيشون مع المسلمين والمسيحيين في مصر من دون مشاكل؟ هل عُرضت صورة اليهودي في السينما المصرية كما ينبغي أم ثمة مبالغة؟

يعبر مخرج فيلم {يهود مصر} أمير رمسيس عن سعادته بطرح فيلمه في دور العرض من دون حذف أي مشاهد، ما يعني فوزه في معركته ضد الأمن الوطني، مؤكداً أن الضغط الإعلامي وتهديد صانعي الفيلم برفع دعوى ضد وزارة الثقافة أديا إلى الموافقة على عرضه.

يكشف رمسيس أن الفيلم حصل على تصريح الرقابة مرتين: الأولى للعرض والثانية لعرضه في المهرجانات الدولية، مشيراً إلى عدم وجود أسباب واضحة لاعتراض الأمن الوطني {غير القانوني}، كما وصفه، على عرضه.

يضيف أنه قصد من خلال {يهود مصر} تصحيح صورة الديانة اليهودية التي انتمى إليها عدد من أبناء مصر في القرن العشرين، ورفض كثر منهم الكيان الإسرائيلي وناضلوا ضده، فنفذ الفيلم الذي كان يحلم به عن المناضل المصري اليهودي هنري كورييل ليتحول إلى فيلم تسجيلي عن {يهود مصر}.

خطأ المجتمع

يوضح رئيس الرقابة على المصنفات الفنية د.عبد الستار فتحي أن الرقابة لم تمنع عرض الفيلم، لكن القيمين عليه لم يكونوا استكملوا الأوراق المطلوبة للعرض الجماهيري، وعندما استوفوها تم التصريح لهم بعرضه الذي يختلف في إجراءاته عن العرض في المهرجانات، مؤكداً سعادته بعرض «يهود مصر» كونه أول فيلم تسجيلي قصير يعرض في الصالات.

بدوره يقول أحمد عبد الله مؤلف فيلم «هليوبوليس» ومخرجه إنه تناول قضية يهود مصر في فيلمه إنما بشكل رمزي يحث على تقبل الآخرين لهم، «خصوصاً إذا كان هؤلاء ينتمون إلى جنسيتنا ولغتنا وطبيعة حياتنا»، وقد جعلته هذه التجربة يدرك أن من أخطاء المجتمع المصري لفظه لجزء من كيانه الأساسي الذي كان يعيش فيه.

يؤكد عبد الله ضرورة «مناقشة مشاكل هذه الفئة، لا سيما في الوقت الحالي، بعدما تصاعدت نبرات الفتنة الطائفية، ولأن هؤلاء اليهود عاشوا بيننا، من بينهم يهود أرمن وأصحاب انتماءات أخرى، لذا لا يمكننا إنكار ذلك والامتناع عن مناقشة ما حدث معهم والاعتراف بأنهم كانوا شركاءنا في الوطن والتاريخ شئنا أم أبينا».

أما الرئيس الأسبق لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية د. سيد خطاب فيرى أن «يهود مصر» نال الموافقة لعرضه في «مهرجان السينما الأوروبية»، مشيراً إلى أنه أكثر ما لفت انتباهه خلو الفيلم من أي أمر يخالف قوانين الرقابة التي يصعب عليها اتخاذ قرار بسحب الترخيص من دون صدور حكم قضائي.

يضيف خطاب أن «طرح وجهة نظر عن أي ديانة سماوية يعبر عن مدى تحضر المجتمع واحترامه لعقليات أفراده، ثم هذا الطرح يفيد الدين الإسلامي ويؤكد سماحته ويبين الفرق بين اليهودية والإسرائيلية في الإسلام، لافتاً إلى أن الفيلم يعرض وجهة نظر متميزة عن المواطنة من خلال موقف اليهودي المصري وعلاقته بوطنه، فثمة يهود يرغبون في العودة إلى مصر حباً بها».

يشير خطاب إلى وجود فرق بين «هليوبوليس» الذي سمح بعرضه عندما كان رئيساً للرقابة و»يهود مصر»، فالأول يبرز المشاعر الإنسانية معتمداً على أداء ممثلين من بينهم عايدة عبد العزيز التي جسدت شخصية  يهودية، بينما الثاني فيلم وثائقي يتحدث فيه يهود بأنفسهم.

صورة كاريكاتورية

يقول الناقد د. رفيق الصبان إن المنع في ظل عصر التكنولوجيا والاتصالات غير مبرر ومضحك لأن الفيلم الحاصل عليه نزاع عرض في مهرجانات ومراكز ثقافة سينمائية.

لا يرى الصبان خطورة من عرض الفيلم جماهيرياً لأن الموضوع تاريخي، ويتمحور حول يهود مصر ووضعهم في الماضي والحاضر.

يضيف أن صورة اليهود في السينما المصرية كانت تعرض بشكل كاريكاتوري مبالغ فيه، لكن الأعمال الجديدة تعرض نظرة علمية لهم، و»يهود مصر» فيلم تسجيلي وثائقي وليس مجرد فيلم روائي.

يعتبر الصبان أن الفيلم له وضعه الاستثنائي الخاص الذي لا يتيح التنبؤ بمواضيع الأفلام المقبلة، ذلك أن قرار المنع جاء من الدولة من دون أي سبب واضح.

أما الناقدة خيرية البشلاوي فترى ضرورة النظر إلى المسألة من منظار أوسع، موضحة: «سبق أن صرحت الرقابة بعرض الفيلم في الأسبوع الأوروبي الذي تديره ماريان خوري وتحضره فئات معينة، ما يعني ألا  مشكلة فيه رقابياً، ولكن الأزمة في العرض الجماهيري الذي قد يحدث بلبلة وأزمة سياسية نحن في غنى عنها، كون طبيعة الفيلم مثيرة للجدل».

تلاحظ البشلاوي أن إخراج الفيلم أكثر من رائع، ويتضمن عناصر أساسية لازمة لأي عمل سينمائي ناجح ومبذول فيه جهد، «فهو يصوّر اليهود المصريين الذين سافر كثر منهم إلى باريس ولديهم حنين إلى مصر، إنما لا يمكنهم اعتبار أنفسهم مصريين لأنه هُجروا وفُرض عليهم التنازل عن جنسيتهم، وبات من غير الممكن دخولهم إلى مصر، لذا يشعرون بالغيرة من اليهود الإسرائيليين الذين يفترض أنهم أعداء العرب، مع ذلك يصولون ويجولون في البلد بحرية».

 تنصح البشلاوي بعرض الفيلم على الصحافيين والإعلاميين فحسب الذين يستوعبون القضية التي يتناولها بحق، على الأقل في هذه الفترة الساخنة سياسياً واجتماعياً، وإمكان طرحه في ما بعد حينما تكون الظروف ملائمة.

تؤكد أن يهوداً كثراً أضافوا إلى الفن المصري في السينما والتلفزيون والموسيقى والتمثيل لأنهم كانوا جزءاً من الحياة، لذا يستحقون الطرح والتناول شرط اختيار توقيت عرض ملائم.

back to top