تشير الأخبار التي يتم التداول بها في المطابخ السياسية اللبنانية الى أن ما تم التوافق عليه في روما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في شأن قانون مختلط للانتخابات النيابية يجمع بين مناصفة بين النظامين النسبي والأكثري، ليس سوى رأس جبل الجليد، في حين أن ما يحمله هذا الاتفاق في طياته يؤدي عمليا في رأي قيادات معنية واسعة الاطلاع الى تأجيل للانتخابات بذريعة «الاعتبارات التقنية» في حين أن الحقيقة تكمن في تأجيل سياسي يمتد لسنتين على أقل تقدير.

Ad

وتشير المعلومات المتداولة الى أن ما يسعى اليه رئيسا الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه بري يتمثل في الاتفاق على سلة من القرارات وفقا للآتي:

1 - إقرار قانون للانتخاب مركب بين النظامين الأكثري والنسبي، بالتزامن مع إقرار مبدأ اعتماد مشروع اللقاء الأرثوذكسي لانتخاب مجلس للشيوخ يفترض انشاؤه بموجب اتفاق الطائف.

2 - الاتفاق على حكومة جديدة تشرف على المرحلة الإنتقالية المتمثلة بمرحلة التأجيل التقني للانتخابات في انتظار إنجاز التدابير والخطوات التشريعية والتنفيذية لوضع ما تم الاتفاق عليه موضع التنفيذ، وتعريف الرأي العام اللبناني والماكينة التنفيذية للانتخابات بمتطلبات تطبيقه.

3 - الإتفاق على شخصية الرئيس المقبل للجمهورية، علما أن ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان تنتهي في أيار 2014.

4 - التمديد لمجلس النواب الى أن يتم الانتهاء من التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، مع سقف يحفظ ماء الوجه يتمثل في صياغة قانون التمديد وفقا لعبارة «... الى أن يتم إنجاز التحضيرات التشريعية والتنفيذية واللوجستية للانتخابات وبشرط ألا يتعدى ذلك مهلة السنتين حدا أقصى»، علما أن مثل هذه الصيغة تحمل في طياتها اعترافا ضمنيا بالسعي الى التمديد لسنتين. فهي وإن كانت تتضمن عبارة «حدا أقصى»، فإن المؤشرات السياسية تدل على نية لاستنفاد المهلة كاملة بحجة انتظار ما ستؤول اليه الأوضاع الإقليمية لا سيما تطور الثورة السورية.

وفي رأي الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي فإن أقصى ما يمكن الرهان عليه لبنانيا هو تفكيك صاعق التفجير الأمني من خلال تسوية سياسية داخلية، تواكب الرغبة الإقليمية والدولية في إبقاء الوضع اللبناني على حد أدنى من الإستقرار، في ظل غياب الراعي الإقليمي والدولي لحل حقيقي ومتكامل للوضع اللبناني.

وينطلق بري وميقاتي ومعهما البطريرك الراعي من الوضع الأمني المترجرج لبنانيا لتسويق «خطة التمديد» للمجلس النيابي مترافقة مع إعادة توزيع للسلطة يكرس أمرا واقعا يتعادل فيه جميع الفرقاء اللبنانيين سلبيا.

ومع ذلك فإن المراقبين يعتبرون أن الرئيسين بري وميقاتي لا يمكن أن يقدما على مثل هذه الخطوة ما لم يكونا قد حظيا بغطاء سوري ايراني لحركتهما، في حين يبقى على البطريرك الراعي إيجاد الغطاء المسيحي لمثل هذا التوجه على محورين:

- محور رئيس الجمهورية الذي يرفض المس بمواعيد الاستحقاقات الدستورية، ويصر على انتخابات في مواعيدها.

- محور القيادات السياسية والحزبي المسيحية التي سبق لها ان اتفقت برعايته على تبني مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي.

وفي رأي هؤلاء المراقبين، فإن المهمة الاصعب للراعي سوف تكون مع النائب ميشال عون الذي سيجد نفسه مرة جديدة في موقع من يدفع ثمن التسوية، تماما كما حصل في اتفاق الطائف ومن ثم في اتفاق الدوحة اللذين قضيا على حظوظه في تولي رئاسة الجمهورية نتيجة تسوية بين حلفائه وخصومه لم تحافظ له سوى على الشكليات بعيدا عن الهدف الاستراتيجي لسياسته.