فجر يوم جديد: الدخول إلى الحظيرة !
لم ينس د. محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري أن بينه والناقد السينمائي المصري أمير العمري ثأراً دفيناً، بعد ما قال الأخير إن الوزير جاء الى الثقافة من باب تدريس التاريخ في جامعة الأزهر، وليس من باب الإبداع الفني والأدبي والفكري، كذلك اتهمه بإهدار المال العام، بعد اتخاذ قرار إسناد إدارة مهرجان القاهرة السينمائي إلى ما اصطلح على تسميته «الحرس القديم»، وتجاهل الجهود التي بذلتها المؤسسة التي يترأسها الناقد يوسف شريف رزق الله في إقامة المهرجان، وحذر من خطوة إعادة الإدارة القديمة كي لا يُفهم منها أنها تمثل عودة إلى الوراء، ونكوص عن التعهدات المنادية بالتغيير، وهو الخلاف الذي تجدد واحتدم، عقب امتناع الوزير عن اتخاذ قرار التجديد للعمري مديراً لدورة تالية لمهرجان الإسماعيلية السينمائي، بعد الدورة الخامسة عشرة التي افتتحت في 23 يونيو من عام 2012.تذكر الوزير تلك الاتهامات، التي سجلها العمري في بيان بتاريخ 17 فبراير 2013، اختتمه بقوله: {ها أنا أرحل مع انتصار الثورة المضادة في مصر»، ومع أول خطوة للوزير داخل مكتبه، بعد عودته إلى منصبه كوزير للثقافة، عمد إلى إلغاء قرار د. علاء عبد العزيز وزير الثقافة السابق، في 13 مايو من عام 2013، بتعيين الناقد أمير العمري رئيساً للدورة السادسة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، وفي تصعيد جديد للمعركة شكك في الذمة المالية للناقد العمري، واتهمه بارتكاب تجاوزات خطيرة، والاستيلاء على أصول تخص المهرجان خلال فترة رئاسته للمهرجان، من دون أن يقدم أي دليل على ادعاءاته!
من قبيل تصفية الحسابات، نجح د. صابر عرب في الإطاحة بالناقد أمير العمري لكنه عجز عن اختيار البديل؛ حيث اعتذرت النجمة يسرا، وقوبل قرار إعادة «الحرس القديم» برفض قاطع، ومن ثم صدر القرار بتعيين مجلس إدارة للمهرجان، برئاسة الناقد سمير فريد، لكن المجلس صدم الجميع، في أول اجتماع له بحضور د. محمد صابر عرب وزير الثقافة، عندما قرر بالإجماع، إلغاء دورة هذا العام المزمع انطلاقها في نوفمبر المقبل، وتأجيلها إلى سبتمبر من عام 2014! حدث هذا، على رغم أن الناقد أمير العمري وافق، عقب توليه منصبه كرئيس للمهرجان مطلع يوليو الماضي، على تحمل المسؤولية كاملة، وبدأ التجهيز لإقامة الدورة المقبلة، من خلال تأسيس منظومة عمل تراعي المعايير العلمية والفنية، ولا تعرف الطريق إلى العشوائية، وأعلن عن نجاحه في اختيار الفيلم الفرنسي «الماضي» ليكون فيلم الافتتاح، بعد حصوله على موافقة شخصية من المخرج الإيراني أصغر فرهادي، كذلك أصر على المُضي قدماً في إقامة الدورة في ظل ظروف بالغة السوء! لم يهرب العمري أو يتنصل، مثلما لم يجرؤ على إلغاء الدورة أو تأجيلها، ومع هذا لاقى جزاء سنمار، في حين أقدم ما سمي بمجلس إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على اتخاذ قرار إلغاء دورة هذا العام، ولم يكتف بهذا القرار الصادم لكنه بشرنا، وهو الذي فشل في أول مهامه، بأنه سيدير دورة 2014، وأعلن عن «خارطة طريق» الدورة الجديدة، وكأنه «مجلس أبدي»، بينما كانت مشكلة العمري لحظة تكليفه بإدارة مهرجان الإسماعيلية بأن العقد لا ينبغي أن يزيد على سنة مالية واحدة، حسبما قالت الشؤون القانونية وزعمت أنه شرط وزير المالية، وفعلاً تم تحرير العقد معه لمدة خمسة أشهر فقط!وافق العمري على رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي ليقينه بأنه مهرجان المصريين، وليس مهرجان وزارة الثقافة، التي لم تتردد في عهد د. محمد صابر عرب نفسه في التضييق على المهرجانات السينمائية، كما فعلت مع مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، ولم يشغل العمري باله بقضية حماية مهرجان القاهرة السينمائي من زوال الصفة الدولية، في حال إلغاء الدورة؛ كونها أكذوبة يروج لها البعض في الوقت الذي يختار؛ بدليل أن أحداً لم يُشر إلى هذه القضية على رغم قيام «مجلس الوزير» بإلغاء الدورة المقبلة!أدافع عن العمري لأنه أعلن الحرب على الفوضى والفساد في مهرجان القاهرة السينمائي، واستمات في تحريره من قبضة الفاشلين والدفاع عن استمراره والحفاظ على استقلاليته، ولأنه آمن أنه مهرجان السينمائيين والمثقفين، وليس الموظفين في وزارة الثقافة، وكنت أتصور أنها عوامل كافية كي تؤهله للإمساك بزمام المهرجان، وتدفع الجماعة السينمائية والثقافية إلى دعمه في مهمته، والشد من أزره، بدلاً من التشكيك في نواياه، واتهامه بالخيانة، والسعي إلى إقصائه، وهي المهمة التي نجحوا فيها بعدما أثبتوا أن الشوق يقتلهم لدخول «الحظيرة»!