مهمة أميركا في أفغانستان بعد الانسحاب وغموض إدارة أوباما!
يعود الغموض بشأن القوات الباقية في أفعانستان في جزء منه إلى المفاوضات الدقيقة والمعقّدة مع حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، الذي قلل علانية من شأن أي وجود عسكري أميركي مستقبلي، ويجب ألا ننسى أيضاً الجدال الدائر داخل الإدارة الأميركية بشأن حجم القوة الضرورية.
يبدو الوضع في أفغانستان أكثر إشراقاً مما قد يظنه معظم الأميركيين، هذا إن كانوا يفكرون أساساً في هذه الحرب المتواصلة. صحيح أن المعارك القوية أظهرت خلال فصل الربيع الحالي أن حركة "طالبان" لا تزال قوة لا يُستهان بها، لكن هذه المجموعة أخفقت حتى اليوم في تحقيق مكاسب تُذكر، وسيجتاز الجيش الوطني الأفغاني خلال هذا الشهر عقبة كبرى، عندما يتولى مهمة حفظ الأمن في أنحاء البلد المختلفة. في هذه الأثناء، بدأت عملية تسجّل الناخبين لعملية انتخاب من المقرر أن تُعقد في شهر أبريل المقبل وستمنح أفغانستان رئيساً جديداً منتخباً ديمقراطياً وربما فرصة جديدة لتحقيق الاستقرار السياسي.لكن أحد أجزاء العملية الانتقالية في أفغانستان بات متأخراً كثيراً: خطط الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لمواصلة الدعم العسكري بعد سحب القوات المقاتلة النظامية نحو نهاية السنة المقبلة. ففي اجتماع وزاري عُقد أخيراً في بروكسل، لم يحقق التحالف تقدماً كبيراً نحو الالتزام بخطة لدعم الجيش الأفغاني بدءاً من عام 2015. وافق الوزراء على "مفهوم عمليات" لمهمة تدريب غير قتالية تبقى محصورة في خمسة مواقع في البلد، مع تولي الولايات المتحدة مسؤولية المناطق الشمالية والشرقية، ولكن لم يُتفَق على عدد الجنود، خصوصاً أن إدارة أوباما لم تحدّد بعد حجم القوة الأميركية.
خلال المناقشة الوزارية الأخيرة بشأن أفغانستان في حلف شمال الأطلسي في شهر فبراير الماضي، أخبر وزير الدفاع آنذاك ليون بانيتا نظراءه أن عدد الجنود الأميركيين سيتراوح بين 8 آلاف و12 ألفاً، وأن قوة منفصلة متخصصة في محاربة الإرهاب ستبقى في أفغانستان خارج مهمة التدريب، لكن وزير الدفاع تشاك هيغل رفض مناقشة تفاصيل هذه القوة المحاربة للإرهاب في مؤتمر صحافي. كذلك أبى قائد القوات في أفغانستان، الجنرال جوزيف دانفورد، تكرار عدد الجنود الذي حدده بانيتا، مشيراً إلى أنه قد تمر ستة إلى ثمانية أشهر قبل أن يقدم أي توصيات بشأن حجم قوة المتابعة. يعود هذا الغموض في جزء منه إلى المفاوضات الدقيقة والمعقّدة مع حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، الذي قلل علانية من شأن أي وجود عسكري أميركي مستقبلي. ويجب ألا ننسى أيضاً الجدال الدائر داخل الإدارة الأميركية بشأن حجم القوة الضرورية. حتى إن أحد مساعدي البيت الأبيض أشار في مطلع هذه السنة إلى أنه من الممكن سحب القوات الأميركية بالكامل، لكن هيغل طمأن في بروكسل أننا "ننفذ عملية انتقالية، ولن نغادر بالكامل"، وأننا "سنبقى هناك فترة طويلة".رغم ذلك، يثير عدم اليقين هذا مشاكل عدة. يشير تقرير جديد أعدّه قائد القوات السابق في أفغانستان الجنرال جون ألين، ونائب وزير الدفاع السابق ميشيل فلورنوي، ومحلل الشؤون الدفاعية مايكل أوهنلون إلى أن التزاماً أميركياً بقوة متابعة "سيوضح للأفغانيين اليوم أن ترددهم هم، خصوصاً تردد حكومة كرزاي، يعيق ترسيخ الشراكة". كذلك سيُظهر لـ"طالبان" وباكستان أن أفغانستان لن تكون مباحة ليستولوا عليها بعد عام 2014. كذلك سيفتح ذلك الطريق أمام سائر أعضاء حلف شمال الأطلسي وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين ليعززوا أعدادهم.يفيد التقرير أيضاً بأن من الممكن التوصل إلى نتيجة مقبولة في أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة تخاطر "بانتزاع الهزيمة من بين براثن النصر"، إذا سرعت انسحابها من أفغانستان وأخفقت في القيام بالتزام مناسب لما بعد عام 2014. لذلك على أوباما أن يعبّر بوضوح قريباً عن ماهية المهمة التي سيدعمها.