ما إن نطق صلاح جاهين باسمه معرفاً بنفسه للشيخ سيد مكاوي، حتى كان رده أقوى وأبلغ مما فعله صلاح جاهين، إذ قفز من فوق الكرسي وعانقه وقبله، بعدما وجد ضالته بعد طول انتظار، كأنما كانا صديقين غاب كل منهما عن الآخر سنوات طويلة، ثم التقيا صدفة، وراح كل منهما يبالغ في الاحتفاء بالآخر، غير أنه احتفاء حقيقي من القلب من دون زيف، فكلاهما كان في شوق إلى لقاء الآخر، كلاهما انتظر الآخر حتى عثر عليه.
ظلا معاً بقية اليوم، وطوال الليل حتى نسمات الفجر، حكى كل منهما ما في داخله للآخر، فضفض كلاهما للآخر، ثم سمع كل منهما الآخر. بدأ صلاح جاهين يتلو أشعاره، ويتحدث عنها، وكلمات الإعجاب لا تكف على لسان الشيخ سيد، وهو يسمع ما يعبر عنه وعن الناس، ثم جاء دور الشيخ سيد، وكان من الطبيعي أن يكون كلامه غناء، فاختار أغنية يعبر بها عن شوق اللقاء وطول الانتظار. احتضن العود وعزف وبدأ يغني إحدى الروائع التي كتبها الشاعر الأقرب إلى قلب صلاح جاهين وعقله بيرم التونسي، ولحنها الشيخ زكريا أحمد، من مقام حجاز كار، وغنتها أم كلثوم في عام 1943.أنا في انتظارك مليتناري في ضلوعي وحطيتأيدي على خدي وعديتبالثانية غيابك ولا جيتيا ريت يا ريت ياريتيا ريتني عمري ما حبيتعايزة أعرف لتكون غضبانأو شاغل قلبك إنسانخليتني من يأسي أقولالغيبة دي غيبة على طولوأتفكر إيه اللي جنيتمن ذنب يسيئك ما لقيتيا ريت يا ريت يا ريتيا ريتني عمري ما حبيتأتقلب على جمر الناروأتشرد ويا الأفكارالنسمة أحسبها خطاكوالهمسة أحسبها لقاكعلى كده أصبحت وأمسيتوشافوني وقالوا أتجنيتيا ريتني عمري ما حبيتتوعدني بسنين وأياموتجيني بحجج وكلاموتسلم وتمر قوامأو تخلف وتقول لي نسيتيا ريتني عمري ما حبيتيا ريت ياريت ياريتيا ريتني عمري ما حبيت*****منذ هذه الليلة أصبح الصديقان الجديدان الشيخ سيد وصلاح جاهين متلازمين، لا يفترقان، إما في بيت الشيخ سيد أو في المقهى أو مع «شلة الأصدقاء» ولم تكن علاقة قائمة على المصلحة، فكلاهما يعمل بعيداً عن الآخر. في الذكرى الرابعة لثورة 23 يوليو 1952، وبعدما أعلن الزعيم جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، كتب صلاح جاهين الأغنية الوطنية «أحنا الشعب» احتفالاً بذكرى الثورة، وقام بتلحينها الموسيقار كمال الطويل، وغناها فنان الثورة عبد الحليم حافظ:إحنا الشعب اخترناك من قلب الشعبيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلبيا حلاوة الشعب وهو بيهتف باسم حبيبهمبروك ع الشعب خلاص السعد هيبقى نصيبهواحنا اخترناك وهنمشي وراكيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلبإحنا الشعبإحنا حياتك وابتساماتك وانت حياتناإحنا بنفرح وانت بتفرح من فرحتناكل ما نكبر قلبك يكبر بمحبتناوإحنا اخترناك وهنمشي وراكيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلباحنا الشعب اخترناك من قلب الشعبيا اللي بتسهر لأجل ما تظهر شمس هناناإحنا جنودك ادنا في ايدك مصر أمانةبكره وطنا هيصبح جنة وانت معاناوإحنا اخترناك وهنمشي وراكيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلبياللي واعدنا بأيام عيدنا هل هلالكبكرة يا بكرة مشتاق نظرة لسحر جمالكبكرة بطلنا بجهد عملنا يحيى أمالكواحنا اخترناك وهنمشي وراكيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلبإحنا الشعب اخترناك من قلب الشعبيا حلاوة الشعب وهو بيهتف باسم حبيبهمبروك ع الشعب خلاص السعد هيبقى نصيبهواحنا اخترناك وهنمشي وراكيا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلبإحنا الشعب إحنا الشعباخترناك من قلب الشعبإحنا الشعب إحنا الشعب إحنا الشعب****رد عمليفي الوقت الذي كان صلاح جاهين يعمل مع موسيقيين آخرين ومطربين آخرين، كان أيضاً الشيخ سيد يواصل أعماله من خلال الإذاعة بتقديم الأغاني الخفيفة، حتى دخل صديقه المخرج أحمد بدر خان لتصوير فيلم بعنوان «العروسة الصغيرة» كتب له القصة والسيناريو والحوار يوسف جوهر، وأدى بطولته كل من يحيى شاهين، محمود المليجي، مريم فخر الدين، صلاح سرحان، نادية الشناوي، سراج منير، سعيد أبو بكر، ووداد حمدي.تدور أحداث الفيلم حول «كامل»، موظف فقير في إحدى الشركات، لكنه سعيد بحب زوجته الجميلة «سهام». ترى طفلته «نادية» «عروسة» في واجهة أحد المحلات تتعلق بها، تتمنى الحصول عليها، غير أن والدها لا يستطيع شراءها لها لأن ثمنها يوازي راتبه في شهر، ويرى صاحب الشركة زوجة كامل فيطمع في جمالها، ويدعوها مع زوجها إلى إحدى الحفلات، ثم يتخلص من زوجها ويغازلها فتصده وتغادر سيارته مع طفلتها تحت المطر الشديد. يعلم زوجها بما حدث من المدير، يثور ويحاول الاعتداء عليه، فيطرده من عمله، في الوقت الذي تصاب فيه الطفلة بالتهاب رئوي، وتحتاج إلى أدوية غالية الثمن، يعجز والدها العاطل عن شرائها. يقوم رجل كفيف يسكن معه في البيت نفسه، بمحاولة جمع تبرعات لها لشراء الأدوية اللازمة، ويبدأ بنفسه، ويعطيه مبلغاً بسيطاً، هو كل ما يملكه، ويحاول الآخرون جمع مبالغ مماثلة، غير أنها لا تكفي، فتموت الطفلة ويحزن الجميع. وفي غمرة الحزن الذي يستولي على الزوجة، يصادفها فنان شاب، يستدرجها إلى الجلوس معه في أحد المطاعم، فيراها زوجها، ويعتقد أنها تخونه، فتهرب منه، في تلك الأثناء تعلم الزوجة أنها مريضة بالسل فتؤثر الاختفاء، أما الزوج فينصرف إلى الشرب، ويقابل زميلاً قديماً يعمل بالتجارة في «السوق السوداء» فيضمه إليه ويشركه معه في العمل، ويبدأ الزوجان صفحة جديدة من حياتهما كل منهما في اتجاه، حيث تعرض الزوجة نفسها على المدير السابق لزوجها، تخالطه حتى تنقل إليه ميكروب السل، انتقاماً منه، لأنه سبب تحطيم حياتها، ثم تنتقل منه إلى الفنان الشاب فتنقل إليه بدوره العدوى، وتتركه لتعيش حياة الليل والفساد. أما الزوج فينغمس مع صاحبه في الصفقات المحرمة، ثم يسرق منه نقوده، ويستقل بالعمل، ويصبح من ملوك السوق السوداء، وفي ليلة رأس السنة يخرج كامل بسيارته، فيرى في واجهة أحد المحلات عروسة مثل تلك التي تمنتها طفلته نادية فيشتريها ويضعها إلى جواره في السيارة، ومضى يتذكر ماضيه فيشعر بالحزن لأن النقود لم تجلب له السعادة، ثم يرى إحدى نساء الليل تتسكع على الرصيف فيدعوها إلى سيارته، تركب إلى جواره، فإذا بها زوجته، تفاجأ الزوجة، وتقفز من السيارة أثناء سيرها وقد استولى عليها الحزن والعار، وتموت بين ذراعي زوجها.جلس أحمد بدرخان وقص على الشيخ سيد أحداث الفيلم، وطلب منه أن يضع موسيقى تصويرية للشارة، وتلحين أغنيتين أخريين ضمن الأحداث، الأولى بعنوان «المال» والثانية «لله يا محسنين».على رغم أنها كانت تجربة جديدة ومثيرة بالنسبة إلى الشيخ سيد، ولم يخض مثلها سابقاً، فإنه لم يتردد، خصوصاً أن أغلب موسيقى شارات الأفلام التي كانت تقدم سابقاً، كانت عبارة عن مختارات من الموسيقى العالمية، وهو ما سيفعله أحمد بدرخان أيضاً، لكن ضمن أحداث الفيلم، بمعنى أن الموسيقى التي ستصاحب الأحداث ستكون من المختارات العالمية، ويقوم باختيارها المتخصص في ذلك أندريا رايد.الشيخ إلى السينماوضع الشيخ سيد موسيقى شارة الفيلم، وقام بتلحين الأغنيتين، وذهب بها إلى الأستوديو ليسمعها للمخرج أحمد بدرخان، وما أن انتهى من عزفه، حتى صفق جميع من في الأستوديو معلنين انبهارهم بهذا الشكل الموسيقي الرائع.قام أحمد بدرخان وصافح الشيخ سيد مهنئاًَ له على براعته، غير أنه فاجأه بطلب آخر لم يكن الشيخ سيد يتوقعه على الإطلاق:* أنت بتقول الكلام دا لمين... هو في حد قاعد معانا هنا غيري أنا وأنت.= ما تلفش وتدور يا شيخ سيد. أنا بقولك أنت الكلام دا وأنت عارف أنه لك وما فيش حد معانا.* ليا إيه بس... أنا... أنا أمثل دا بالكتير ممكن أتفرج على السينما. تقولي أمثل فيها!= بعيد عن التهريج وأنك بتتفرج ولا ما بتتفرجش... أنت هتعمل الدور يعني هتعمله.* يا سيدي بعيد عن التهريج... بس إزاي... المسألة دي على ما أعتقد عايزة حد يعرف اتجاه الكاميرا وإزاي يتحرك وإمتى يتكلم وأمتى يسكت.= كل دا عليا أنا مالكش دعوة به... وبعدين الدور ما تآخذنيش يعني دور.* دور جاره الكفيف.. ما فهمت كدا لما حكيت لي القصة... بس برضه ولو.استطاع المخرج أحمد بدرخان أن يقنع الشيخ سيد بأداء الدور، وزاد من إقناعه صديقه الشاعر صلاح جاهين، فاضطر إلى أن يقبل، وفي اليوم المحدد كان الشيخ سيد جاهزا بالملابس والماكياج، ووقف في انتظار تعليمات المخرج:= بص بقى يا أبو السيد... المفروض أنك ساكن في أوضه في الدور الأرضي، والشباك بتاعها بيطل على الشارع، وهتكون قاعد على كنبه جنب الشباك، والأستاذ سعيد أبو بكر هايكون معاك في الأوضه، وهاينبهك أول ما يشوف البطل الأستاذ يحيى شاهين جاي.. وبمجرد ما يمر من قدام الشباك..عليك أنت تقوم من مكانك وتوصل لباب الأوضة وتفتح قبل ما يطلع على شقته علشان تديله الفلوس اللي معاك.* ايوا بس أنا اظبطها إزاي... دي عايز واحد مفتح علشان يشوفه وهو جاي ويقدر زمن خطوته علشان يقدر يكون قدامه.= ازاي دي بتاعتك أنت بقى يا أبو السيد... انت راجل فنان وتقدر تظبطها.جلس الشيخ سيد حائراً يفكر في طريقة يمكن أن يؤدي بها المشهد من دون أن يكبد المنتج خسائر بتكرار الإعادة مرات ومرات، والأهم حتى لا يسبب حرجاً لصديقه المخرج الذي تحمس له بشدة وأصر بشكل عجيب على أن يقدم هذا الدور.طلب الشيخ سيد أن يقوم بتمرينعلى المشهد بينه وبين الفنان يحيى شاهين، حيث طلب منه أن يعطي إشارة بصوته عندما يبدأ في التحرك، ثم يعطي إشارة أخرى عندما يقترب من باب الغرفة، وظل صامتاً منصتاً بشكل قوي، وما إن بدأ يحيى شاهين وأعطى الإشارة الأولى حتى بدأ الشيخ سيد يعد خطواته، وتوقف عندما أعطى الإشارة الثانية، بعدها أعلن للمخرج أنه الآن جاهز، من دون أن يفهم المخرج ماذا حدث وماذا فعل، وما إن دارت الكاميرا، حتى بدأ الشيخ سيد بالعد بينه وبين نفسه، كما فعل في التمرين، ليكون أمام يحيى شاهين في الموعد تماماً، ليقدم المشهد باقتدار غير عادي، بل إن حركته جاءت مضبوطة تماماً، وأكثر مما توقع أحمد بدرخان نفسه، فصفق له جميع الفنانين والعاملين الموجودين في الأستوديو:= هايل... هايل يا أستاذ سيد... الحركة مظبوطة تمام بشكل مذهل.* الفضل لك يا أستاذ.= لا يا أبو السيد انت اللي فنان حقيقي. بس قوللي بقى... صاحبك المفتح وكيل الوزارة يقدر يعمل اللي انت عملته دا.* يااااه يا أستاذ أحمد... انت عملت كل دا علشان تثبت لي النظرية دي.= مش حكاية نظرية... علشان اثبت لك إن الفنان إحساس مش صورة ومنظر وتلعيب حواجب.عرض الفيلم وحقق نجاحاً كبيراً، وخرج الجميع يسألون عن «الجار الكفيف» الذي أدى دوره الشيخ سيد، وكيف لرجل كفيف بالفعل يؤدي الدور بهذا الاقتدار؟شعر الشيخ سيد أن الدنيا بدأت تضحك له وأنه بدأ يضع قدميه على بداية طريق الانتشار، خصوصاً بعدما أصبح يشير إليه الناس في الشارع قائلين: الشيخ سيد مكاوي أهو.بعده جاء أول تعاون بين الصديقين الشيخ سيد، وصلاح جاهين، حيث كتب له أول أغنية، واقترح الشيخ سيد أن تؤديها المجموعة وليس بصوته، لإيمانه الشديد بالغناء الجماعي، وأن جميع الناس لا بد من أن تغني، خصوصاً أن الأغنية تتحدث عن العمال والفلاحين، وهم خير من يعبر عن أنفسهم، فكتب له أغنية «يا صنايعي يا فلاح»، لحنها الشيخ سيد وغنتها المجموعة:اعمل لنا مفتاحيا صنايعي يا فلاحتفتح أبواب الخيرأسوان مليانة حديدانهض ومد الأيدومتمدهاش للغيرأعمل لنا مفتاحبعدها كتب صلاح جاهين أغاني خفيفة عدة من تلك النوعية التي يحبها الشيخ سيد، والتي اعتادت الإذاعة أن تقدمها في فترة الصباح مثل «نسيم القمر» و{أصح يا محبوب أصح»، ولحنها الشيخ سيد وقدمتها المجموعة أيضاً، بدأ التعاون بين الصديقين يثمر عن أعمال تلفت الأنظار بقوة إليهما، وما كاد القطار أن ينطلق، حتى حدث ما أوقفه.لم يمر ثلاثة أشهر على قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، حتى اتفقت كل من بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل على أن تشن هجوماً برياً وتهاجم سيناء، وفيما يلتفت الجيش المصري لهذا الهجوم، تشن كل من بريطانيا وأميركا هجوماً آخر جوياً وتنزلان قواتهما في منطقة قناة السويس ومحاصرة الجيش المصري.العدوان الثلاثينفذت إسرائيل هجومها على سيناء ونشبت الحرب، فأصدرت كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً بوقف الحرب وانسحاب الجيش المصري والإسرائيلي لمسافة 10 كيلومتراً، من ضفتي قناة السويس ما يعني فقدان مصر سيطرتها على قناة السويس، ولما رفضت مصر نزلت القوات البريطانية والفرنسية في بورسعيد ومنطقة القناة، إلا أن الجيش المصري لم يحاصر لأن قطاعاته كانت قد انسحبت، فقد كان واضحاً أن ما حدث هو مؤامرة بين الدول الثلاث.التقى صلاح جاهين بالشيخ سيد، وهو في حالة من الهياج النفسي والضيق مما يحدث، تمنى الشيخ سيد لو أنه كان مبصراً ليستطيع أن يسافر إلى مدن القناة، ويكون إلى جوار أهالي بورسعيد الباسلة في تصديهم لهذا العدوان الغاشم، أو أضعف الإيمان أن يصل إليهم صوته ليشد من أزرهم:= دي مقدور عليها... ممكن صوتنا يوصلهم.* قصدك بالغنا يعني.= وهو الغنا شوية... الكلام هايخلينا نحارب معاهم لأن لازم كل الناس تحارب.* عايز تقول أنك هاتكتب حاجة.= أنا كتبت بالفعل.. والكلمات أهي معايا.. أسمع:ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺡ ﺘﺤﺎﺭﺏﻤﺵ ﺨﺎﻴﻔﻴﻥ ﻡ ﺍﻟﺠﺎﻴﻴﻥﺒﺎﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻨﺼﺭﺘﺤﻴﺎ ﻤﺼﺭ ﺘﺤﻴﺎ ﻤﺼﺭﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺡ ﻨﺤﺎﺭﺏ لم يمر اليوم إلا وقد قام الشيخ سيد بتلحين الأغنية، وتم تسجيلها في اليوم التالي وأذيعت في اليوم نفسه، وسرت الأغنية بين جموع الشعب سريان النار في الهشيم، وشعر الشيخ سيد بمدى رد فعل الجمهور مع الأغنية عندما سأله أحد أبناء الشارع الذي يسكن فيه:= على فين يا شيخ سيد... مش حتحارب.* يا سيدي أنا بحارب بالمزيكا... لو إمكانياتي تسمح كنت روحت والله وحاربت معاهم.= مش مهم أنت تروح... لكن أغنيتك خلتنا كلنا عايزين نروح نحارب.سمعت أم كلثوم الأغنية، فطلبت من صلاح جاهين كتابة أغنية وطنية لها، فكتب لها «والله زمان يا سلاحي»، ولسان حاله يريد أن يطلب منها أن يقوم بتلحينها الشيخ سيد مكاوي، غير أنها أعطتها للموسيقار كمال الطويل، وهي على يقين بأنه شريك تجربة نجاح عبد الحليم حافظ في الغناء الوطني، تحديداً في أغنية «إحنا الشعب» وأم كلثوم تبحث عن النجاح المضمون ولن تغامر في تجربة غير مضمونة العواقب بعدما أصبحت «كوكب الشرق» وقد لمست نجاح أغنية «إحنا الشعب» لكمال الطويل، فعهدت إليه بأغنية «والله زمان يا سلاحي»، التي يقول مطلعها:والله يا زمان يا سلاحياشتقت لك في كفاحيانطق وأقول أنا صاحييا حرب والله زمانقبل مرور شهرين تم انسحاب العدوان الثلاثي عن مدن القناة، معلنا انتصار مصر سياسياً، بعدما وجه الاتحاد السوفياتي إنذاراً بضرب لندن وباريس بالصواريخ الذرية، إذا لم يتم انسحاب القوات الثلاث، ليتم الانسحاب في 23 ديسمبر من العام نفسه.(البقية في الحلقة المقبلة)
توابل - سيرة
صانع البهجة...سيد مكاوي (15): الشيخ ممثلاً سينمائياً
24-07-2013