مرة أخرى تتركز الأضواء على سوق العقارات في لندن. هذا الأسبوع كشفت بريطانيا النقاب عن المرحلة الثانية من برنامج "المساعدة في الشراء" – وهو عبارة عن 12 مليار جنيه من ضمانات القروض العقارية، لمساعدة الذين يشترون المساكن للمرة الأولى، وأيضاً للمساعدة في ظل ارتفاع الأسعار.

Ad

وأظهر استبيان جديد من قبل شركة فاثوم الاستشارية، أن انفصال قلب سوق الإسكان في بريطانيا عما حوله يزداد الآن. وأن منطقة وسط لندن الراقية – التي تتألف من تسعة رموز بريدية، مثل مايفير وبلغرافيا – لم تعد خاضعة لقوانين بقية البلاد، أو حتى بقية لندن. وتتضخم أسعار هذه المناطق بسرعة كبيرة تفوق حتى المناطق البهيجة التي تبعد ميلين عن ميدان الطرف الأغر.

وكانت أسعار المساكن في بلغرافيا أعلى بكثير من الطبيعي. لكن الآن ازداد التباين. 

 

مرتبط بالأسواق العالمية

 

وبحسب فاثوم، الأسعار في وسط لندن الراقي تبلغ في المتوسط الآن سبعة أضعاف بقية بريطانيا. ومنذ عام 2000 إلى 2005 كانت الزيادة ثلاثة أضعاف فقط. وكانت أسعار المساكن الراقية ترتفع أبطأ من الضواحي.

وهذه النتيجة لافتة للنظر، خصوصاً بعد مرور سنتين على الاضطرابات عبر لندن، التي أظهرت على ما يبدو أن عدم المساواة تجاوز بالنسبة للسكان حداً لا يمكنهم تحمله. وهي تشير إلى أمور قبيحة حول التماسك الاجتماعي البريطاني، لكنها أيضاً تشتمل على دروس للأسواق العالمية، لأن منطقة وسط لندن الراقية لا علاقة لها ببريطانيا ولديها علاقة مهمة للغاية مع الأسواق العالمية.

ولا يوجد شيء في منطقة لندن الراقية في حد ذاته يبرر ارتفاع الأسعار إلى الضعف مقارنة ببقية بريطانيا خلال أقل من عقد. ولندن كما هو معلوم مركز مالي وأسعار العقارات فيها تكون مدفوعة إلى حد كبير بالأسهم العالمية والثروة التي تخلقها. وكانت الأسهم في ركود في أوائل العقد الأول من القرن، لكن مضى عليها الآن سنوات وهي ترتفع. وهذا يؤثر في لندن أكثر من بقية بريطانيا. وربما يكون لهذا علاقة مع نيويورك أكثر مما هو مع بيرمنجهام أو بريستول. لكن أداء عقارات لندن تفوّق حتى على عقارات نيويورك. وحدث هذا رغم نهضة نيويورك خلال السنوات الـ25 الماضية، حيث تغلبت المدينة على مشكلة الجريمة فيها وأصبحت مكاناً جذاباً للعيش فيه أكثر بكثير من قبل.

 

أسواق الأسهم

 

وينطبق هذا على العقارات الراقية والعقارات المحيطة بقلب العاصمة. ووفقاً لمؤشرات إس آند بي كيس - شيلر، تظل أسعار منطقة نيويورك أقل بنسبة 25 في المئة من مستوى الذروة في 2007، في حين أن أسعار لندن الكبرى أعلى بنسبة 5 في المئة من ذروتها السابقة، وفقاً لمؤشرات جمعية البناء البريطانية. وبحسب مقياس سافيلز، ارتفعت منطقة مانهاتن الراقية بنسبة 20 في المئة عن مستوى القاع، في حين ارتفعت لندن بنسبة 58 في المئة. أي أن أسعار لندن مدفوعة بأكثر من التحولات في أسواق الأسهم.

وهناك عاملان محددان يساعدان في تفسير ذلك. الأول هو أن عقارات لندن مقومة بالجنيه، الذي انخفض بحدة في 2007 و2008، ما أعطى دفعة قوية لمرة واحدة للطلب الأجنبي.

والآخر هو أن لندن أقرب إلى البر الأوروبي، ما يجعلها مأوى جيدا من متاعب منطقة اليورو. وقبل سنة انطلق نذير بأن اليورو سينهار وهذا جعل مساكن لندن، وهي أصول صلبة غير مقومة باليورو، جذابة جداً.

لكن أزمة منطقة اليورو هدأت في السنة الماضية، ومع ذلك لاتزال لندن تشهد طفرات كعادتها. وتراجع الجنيه قليلاً في بداية هذه السنة، لكنه تجنب انخفاضا كبيراً جديداً. ويشير التراجع في أسعار الذهب إلى عدم وجود قلق كبير من التضخم، وبالتالي سيكون هناك طلب أقل على "الأصول الصلبة" للتحوط ضد الذهب. كذلك العرض يتزايد ببطء وحتى محطة كهرباء باترسي في سبيلها إلى التحول إلى شقق.

ولجميع هذه الأسباب، مسيرة المنطقة الراقية في لندن مقارنة ببقية المدينة وبريطانيا ينبغي أن تكون متباطئة وليس متسارعة. وقبل سنة وجد أنموذج فاثوم المستخدم لتفسير أسعار المنطقة الراقية في لندن – استناداً إلى مستوى الأسهم العالمية والجنيه وحالة أزمة منطقة اليورو– أن الأسعار كانت منطقية بصورة عامة. والآن تشير فاثوم إلى أن أسعار منطقة لندن الراقية تزيد بنسبة 15 في المئة عن قيمتها الحقيقية.

لماذا؟ أفضل تفسير، وهو تفسير ينذر بالخطر، أن الأسعار دخلت مرحلة الفقاعة – يشتري الناس على أمل أن تواصل الأسعار ارتفاعها، وليس استناداً إلى أي أساسيات. وتستطيع الفقاعات مواصلة الانتفاخ فترة طويلة، وغالباً ما تنفجر في النهاية دون فتيل واضح.

 

انفجار الفقاعة

 

ما هي أنواع الفتيل؟ إذا حدث بيع كثيف للأسهم العالمية سيؤدي إلى انفجار الفقاعة، وانهيار الجنيه، أو في حالة ظهور نهاية مؤكدة لأزمة منطقة اليورو. ولأن الأموال الكثيرة التي تتدفق إلى لندن نشأت بسبب سياسات التسهيل الكمي من البنوك المركزية، فإن نهاية فوضوية للتسهيل الكمي في الولايات المتحدة، إضافة إلى عوائد مرتفعة كثيراً على السندات، يمكن أن تسبب ألماً كبيراً لأسعار العقارات البريطانية – وهو ما يفسر لماذا يحاول بنك إنكلترا فك الاقتران مع السياسة النقدية الأميركية.

لكن حتى في غياب فتيل من هذا النوع، فإن مصير الفقاعات هو الانفجار في النهاية. وهناك علامات على التباطؤ في الأسابيع الأخيرة وسيكون من المفيد استمرار ذلك.

وبالنسبة الى الوقت الحاضر تظل أسعار العقارات في لندن بمثابة شهادة مذهلة على السياسات النقدية العالمية والضغوط في منطقة اليورو. وحتى إن كان آخر برنامج للمساعدة غير موجه إلى بيوت لندن الراقية، يبدو هذا وقتا غريبا لتحفيز قطاع الإسكان البريطاني.

(فايننشال تايمز)