«يبيلها رجال»!

نشر في 15-01-2013
آخر تحديث 15-01-2013 | 00:01
قد نفهم خصومة الكثير من نواب 2012 الجديد للمعارضين لهم في مرسوم الصوت الواحد، ولكنهم يتوهمون بأن إقرار الاتفاقية الأمنية قد يفتح الباب لملاحقة هؤلاء فقط أمنياً، وعليهم أن يدركوا أن الحكومات متى دخلت في التعاون الاستخباراتي والأمني فإنها لا تميز بين الشعوب ولا يهمها الموقف السياسي لأي كان.
 د. حسن عبدالله جوهر الاتفافية الأمنية "السرية في بنودها ومضامينها حتى الآن" على أبواب مجلس الأمة، إما لرفضها أو إقرارها، ولكن النظرة التشاؤمية تلقي بظلالها على هذا الملف الخطير، ليس لأن المجلس الحالي في جيب الحكومة، بل يبدو أن بعض النواب صار يزايد على الحكومة في قضايا الحريات العامة.

فعموم النواب إلا ما ندر إما تدثر بصمت القبور أو لمّح باستحياء إلى أنه بانتظار ورود الاتفاقية إلى المجلس، وغاب مع الأسف الشديد الموقف المبدئي والصريح والشجاع الذي كان يعكس طبيعة مجالس الأمة على مدى جميع الفصول التشريعية بلا استثناء تجاه الاتفاقيات الأمنية التي يعتبر انتهاكها للدستور وسيادة الدولة من المسلمات.

وما يزيد الطين بلة أن رئيس لجنة الشؤون الداخلية يقترح مكافأة القوات الخاصة والاهتمام بوضعهم المادي و"النفسي" مقابل ضرب الشباب والنساء في الشوارع، والمصيبة الأكبر عندما يرد رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية على تقرير الخارجية الأميركية بأن الكويت تخلو من سجناء الرأي!

فهل يعوّل على مثل هذه النماذج في التصدي للاتفاقية الأمنية، وهل نركن ونطمئن لنواب محاكمة النوايا والهمز واللمز لحمايتنا من البنود السرية في الاتفاقية، ونقول لنواب النوايا هؤلاء إذا كانت التسريبات التي كشفت عن أصل الاتفاقية بأنها كانت مكونة من أربعين مادة ثم تقلصت إلى عشرين مادة صحيحة، فأي نوايا كانت تضمرها هذه الاتفاقية؟

وإذا كان تصريح رئيس لجنة الشؤون الخارجية حول عدم توقيع بعض القادة في الخليج على الاتفاقية، فكيف يجرؤ نوابنا على السماح بمناقشتها ناهيك عن المصادقة عليها؟!

قد نفهم خصومة الكثير من نواب 2012 الجديد للمعارضين لهم في مرسوم الصوت الواحد، ولكنهم يتوهمون بأن إقرار الاتفاقية الأمنية قد يفتح الباب لملاحقة هؤلاء فقط أمنياً، وعليهم أن يدركوا أن الحكومات متى دخلت في التعاون الاستخباراتي والأمني فإنها لا تميز بين الشعوب ولا يهمها الموقف السياسي لأي كان، بقدر ما تسعى إلى تكميم الأفواه ومصادرة الحريات مهما كانت منطلقاتها.

وسلسلة الاتفاقيات الأمنية التي تصدت لها مجالس الأمة بحزم ورجولة لم تكن في أيام ما يعرف بكتلة الأغلبية ولا غيرها، وهذا دليل آخر على أن مثل هذه الاتفاقيات لا تمثل سوى مصادرة الحريات وتخويف الناس.

شخصياً لا أتامل من هذا المجلس شيئاً لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلدينا الآن المواطن الكويتي حسن علي كرم معتقل في البحرين، ولم تسأل عنه الحكومة، ولم يرف جفن لمعظم أعضاء مجلس الأمة حتى لاستيضاح سبب اعتقاله أو لمعرفة سبب احتجازه، حيث كان ذاهباً لمؤازرة منتخبنا الوطني، ولكن أهيب بمن أوصلوا نوابهم إلى كراسيهم أن يمنعوهم من بيعهم وبيع بلدهم ودستورهم وسيادتهم وكرامتهم من خلال الاتفاقية الأمنية وعسى الله أن يستر علينا منها!!

back to top