أبرز الأغاني الوطنية الجديدة المطروحة في مصر أخيراً «الرحمة يا رب لمصر» للفنان مدحت صالح، ويدعو فيها بالرحمة لمصر، «أصرخ يردّ البدن» للفنان علي الحجار، من كلمات الشاعر الغنائي محمد العسيري وألحان فاروق الشرنوبي، ويتضمن كليبها مشاهد للشهيد جابر صلاح الشهير بجيكا.

Ad

مطرب الثوة رامي عصام قدم أخيراً أغنية «الكائن الإخواني» لثوار التحرير، مما جاء في كلماتها: «الكائن الإخواني ملوش مكان في ميداني... إحنا اللي عملنا الثورة ليه يركب هو مكاني...». أما الفنان الشاب عزيز الشافعي، فقدم للثوار أغنية {إنتي دولة} من كلماته وألحانه، وجاء في كلماتها: {إنتي دولة مش تكية مش مقاولة، إنتي حرة فوق جبين الدهر غرة». كذلك قدم الفنانان هاني عادل وأحمد مصطفى ديو «السيد فخامة الرئيس» ويطالبان فيه بالقصاص لقتلة أطفال حافلة أسيوط.

بدورها أنتجت حركة «6 أبريل» أغنية «قول لأ للدستور» غناء حازم شمس، تعرّضت فيها لمساوئ مسودّة الدستور وحثت المواطنين على التصويت ضده، جاء في كلماتها: «قول لأ للدستور خلي بلدنا تشوف النور، نمنا صحينا لقينا الدستور اتسلق دخل الحرامي طفى النور وسرق حقي وحقك».

تغييب وتشكيك

يشكك مدحت صالح بنوايا بعض القيمين على الإعلام الحكومي والخاص في مصر، مؤكداً أن ثمة محاولة لتغييب الأغاني الوطنية، سواء في الفترة الانتقالية التي حكم فيها المجلس العسكري أو في عهد الإخوان، وأنه وزملاءه قدموا كمّاً  من الأغاني تم تجاهلها مثل: «ثوار العرب»، «الجدع جدع والجبان جبان»، «مين اللي قال الشهيد ميت»...

يطالب صالح القيمين على الإعلام في مصر بتبني هذه الأعمال التي لا يريد صانعوها مكسباً مادياً من ورائها، إنما إيصال رسالة واضحة، مشيراً إلى أن «الفن هو مدرسة يتعلم منها المواطنون ويلهب حماستهم ويشعل لديهم الإحساس بالوطنية والمسؤولية تجاه مصرنا الحبيبة».

بدوره يوضح عزيز الشافعي أن الأغنية الوطنية تهدف إلى توعية المواطنين سياسياً مذكراً بالأغاني التي قدمها فنانو مصر العظام وكان لها دور مباشر في تحرير البلد من الاحتلالات التي تعاقبت على مصر، مشيراً إلى أنه يريد توجيه رسالة إلى التيارات الظلامية التي تريد تحريم الفن مع العلم أنه سيبقى وهم سيندثرون.

يضيف الشافعي: «تعمدت تقديم أغنية {إنتي دولة} في هذا التوقيت المهم لأن المصريين يرفضون الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس، وجعلتهم يشعرون بأنهم بصدد ديكتاتور جديد»، مثنياً على دور الفن والفنان في هذه الأوقات العصيبة، ولافتاً إلى أنه تعمّد أن تكون كلمات الأغنية غير مباشرة ولا عبارات فيها تدلّ أنها كتبت لرفض الدستور، وفضل أن تعبّر عن رفض الاستبداد والانفراد بالسلطة والاستقواء بالأنصار، بدل أن تنحصر بالإعلان الدستوري والاستفتاء على مسودة الدستور، فهو يرى أن القيادة السياسية لم تفِ بالتعهدات التي وقعتها  قبل انتخابات الإعادة.

رفض الاستبداد

يوضح الموسيقار محمد سلطان أن ثمة علاقة مطردة بين الفن وحال البلد، «إذا انصلح حال الفن انصلح حال البلد» والعكس صحيح، مبدياً أسفه للمستوى الهابط  للأغاني الوطنية، «فهي سيئة اللحن وركيكة الكلمات ورديئة الصوت».

يضيف: «أشعر عند سماع هذه الأغاني بأن من صنعها أنجزها في أقل وقت ممكن من دون بذل أي مجهود. ولأن الفن مرآة الشعوب، لا نستطيع إلا أن نتذكر دائماً عصر الأغنية الوطنية الذهبي، وأبرزها «يا حبيبتي يا مصر» لشادية، «قلنا بنينا وأدي إحنا بنينا السد العالي» لعبد الحليم حافظ»، لافتاً إلى أن المواطن البسيط كان يستقي ثقافته وتوجهه من الأغاني التي كان يقدمها عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وشادية وعبد الوهاب.

ويشير سلطان إلى أنه «لدينا فرصة ذهبية للنهوض بالشعب المصري من خلال الأغاني الوطنية الراقية المصنوعة جيداً التي ستُخلد مثل أغاني عمالقة الغناء المصري»، موضحاً أن الأغنية الوطنيّة  من الممكن أن توجّه مشاعر الناس وتلهب حماستهم تجاه مشروع قومي حقيقي يستحق الالتفاف حوله، مثلما حدث في مصر في الخمسينيات والستينيات وحتى حرب أكتوبر المجيدة.

بدوره يؤكد الملحن حلمي بكر أننا بحاجة إلى أغنية وطنية تليق بمصر وبأبنائها الرافضين لأي استبداد، نظراً إلى ضعف الأغاني الوطنية التي ظهرت منذ قيام ثورة 25 يناير، مشيراً إلى ضرورة تأليف أوبريتات يشارك فيها مطربون كبار إلى جانب الشباب.

ويطالب بكر نظام الحكم في مصر بالاهتمام بالفن عموماً وبالأغنية الوطنية خصوصاً، «لأنها بمثابة الرقيب على الحكّام ومرآة تحضّر المواطن وتدفع بلدنا إلى الأمام كما في الخمسينيات والستينيات».