شيوخ الفضائيات... مادة دسمة في رمضان 2013
بعدما كثر ظهورهم على الشاشات وتصدرهم المشهد الإعلامي والحياة اليومية، أصبح ملف الدعاة في مصر الحدث الأكثر أهمية، ما دفع الكتّاب إلى تحضير مسلسلات تتحدث عن واقعنا الحالي بملابساته كافة، من بينها: «الداعية»، «بشر مثلكم»، «مولانا»...
بدأ التحضير لمسلسل «الداعية»، من تأليف الدكتور مدحت العدل، منذ رمضان الماضي ويؤدي بطولته: هاني سلامة وبسمة. أما «بشر مثلكم» فهو من كتابة محمد صلاح العزب وبطولة عمرو سعد وإنتاج ممدوح شاهين، فيما «مولانا» مأخوذ من رواية الكاتب ابراهيم عيسى، سيناريو حازم الحديدي ومحمود البزاوي...يوضح المنتج ممدوح شاهين أن «بشر مثلكم» يتعرض للدعاة ورجال الدين ولممارساتهم الكاذبة والمضللة التي يطبقونها على البسطاء وسوء استخدامهم للدين، «في النهاية يبيّن المسلسل أن رجل الدين هو بشر يخطئ ويصيب، وتحكمه أهواؤه ومصالحه الشخصية التي تجعله يسيء استخدام الدين».
يتوقع شاهين هجومًا من شيوخ الفضائيات بعد عرض المسلسل نظرًا إلى تصويره وقائع حدثت بالفعل، وفضحه كذبهم واستغلالهم للدين لخدمة مصالحهم ومصالح من يحركهم، مؤكدًا في هذا المجال: «نحن على استعداد لكل ذلك بالمستندات والوثائق والفيديوهات...».حول المقارنة بين المسلسلات الثلاثة ومن الأنجح بين الممثلين، يتوقع شاهين أن يكون عمرو سعد الأفضل لأنه لا يرى هاني سلامة إلا في أدوار رومانسية.نماذج سيئةيرى حازم الحديدي مؤلف مسلسل «مولانا» أنه ليس بكثير إنتاج ثلاثة أعمال حول رجال الدين وشيوخ الفضائيات الدينية التي تدخل كل بيت وتؤثر في الناس وتوجههم، لا سيما مع صعود التيار الديني واستخدامه الشيوخ للتأثير على الناس، كذلك ظهور نماذج سلبية لهؤلاء الشيوخ ودخول بعضهم ساحة المحاكم واستخدام البعض الآخر ألفاظًا لا تصدر من رجل دين وتَكلُّم آخرين في ما لا يعملون...يضيف: «ذلك كله دفع الكتّاب إلى التطرق إلى هذه النماذج لكشف الزيف الذي يُصدَّر للمشاهد عبر القنوات ومن خلال هؤلاء الشيوخ».حول تحوّل هذه الأعمال إلى ظاهرة مثل أفلام العشوائيات وأفلام المخدرات، يوضح الحديدي أن هذا الأمر يتوقف على مدى تحقيقها نجاحًا، ما يستفز المبدعين إلى السير في هذا الاتجاه، كما هي الحال مع أعمال السيرة الذاتية، فبعد نجاح العمل الأول اتجه الجميع إلى هذا النوع، إنما لم يبقَ إلا الدراما الجيدة.حول النجاح الذي يمكن أن تحققه هذه المسلسلات وردة فعل شيوخ الفضائيات، يشير الحديدي إلى أنه من السابق لأوانه التحدث عن الأفضل قبل عرض هذه الأعمال، إنما الأصدق والأقرب إلى الواقع هو الذي يحقق النجاح.يلفت إلى أن بعض الشيوخ أظهر في الفترة السابقة موقفًا عدائيًا من الفن من دون مبرر، لذلك يتوقع الحديدي هجومًا من هؤلاء، لا سيما أن المسلسلات تتناول مواقفهم، لكن الأهم بالنسبة إليه انكشافهم أمام المشاهد.شخصيات محورية توضح الناقدة خيرية البشلاوي أن الدراما غالباً ما تستمدّ أحداثها من شخصيات تسيطر على المجتمع، مشيرهً إلى أن ظهور الدعاة لم يعد مقتصرًا على الفضائيات الدينية إنما على المحطات كافة، «بعدما أصبحوا شخصيات محورية في حياتنا حتى قبل أن يسيطر الفصيل الإسلامي على الحكم» حسب تعبيرها.تضيف البشلاوي أن شخصية الداعية مؤثرة، وكانت للبعض هذا العام، مثل البلكيمي وونيس، فضائح وتصريحات مستفزة، تكفر وتحرّم أمورًا كثيرة، ما استفز الكتّاب وحفزهم على الكتابة.عما إذا كان سيزداد هجوم هؤلاء المشايخ على الفن والفنانين بعد عرض هذه الأعمال تقول: «لا أعتقد، لأنهم بدأوا يغيرون لهجة خطابهم، ويقدمون اعتذارات، مثل واقعة عبد الله بدر الأخيرة، بهدف اكتساب الشعب».أما عن المقارنة بين الفنانين في تجسيد الشخصية، تؤكد: «لا نستطيع القول من منهم سيتفوق على الآخر لأننا لم نرهم بعد، إنما ستكون المقارنة بين نصوص ومخرجين. بالنسبة إلى هاني سلامة، أعتقد أن المقارنة في غير صالحه، لأنه يجسد شخصية «داعية» في مسلسل و{راهب» في فيلم سينمائي، وتتميز الأخيرة بوضع حساس في المجتمع والرقابة، ويجب أن تُقدّم بشكل جاد ويحمل قدراً من الإيجابية، ما سيجعل ثمة تناقضًا بين شخصية الراهب وشخصية الداعية التي ستحمل قدراً من الانتقاد.مرآة للمشايخثمة أحداث تفرض نفسها على الدراما مثل الثورة، برأي الناقدة ماجدة خير الله، مشيرة إلى أنه لا يمكن لكاتب إلا تناول هذا الحدث سواء كان رئيساً أو مؤثرًا في الواقع.تضيف أن كلاً من الأعمال الثلاثة سيكون له تناول مختلف، ففي عام واحد قُدم مسلسل حول «العندليب» وظهرت شخصيته كدور رئيس في مسلسل «السندريلا» ولم نشعر بتطابق بينهما، «أعتقد أن هذه الأعمال ستكون مرآة لهؤلاء المشايخ يرون فيها أنفسهم ووجههم القبيح، فهم يهاجمون ولا يدركون أن ثمة برامج أخرى ستهاجمهم مثل باسم يوسف».تشير خير الله إلى أنه لا يمكن توقع أي من الفنانين الثلاثة سينجح في تجسيد الشخصية، وأن تقديم هاني سلامة لشخصية راهب وداعية معاً لن يقلل من قيمة أي منهما عن الآخر لدى المشاهد.بدورها تقول الناقدة ماجدة موريس إن دور رجل الدين اقتصر في الماضي على المساجد بغض النظر عما يقدمه، أما الآن فأصبح له دور سياسي ويوجه الناس إلى مذاهب وآراء سياسية محددة، ويستغله النظام في ذلك، لذا كان على الدراما التعرض له بشكل مباشر.وعن ردة فعل شيوخ الفضائيات تؤكد أن الأمر متوقف على مدى نجاح الأعمال في فضح تجارة هؤلاء للدين واستغلال الجمهور، «أعتقد أن المسلسلات الثلاثة على مستوى عال من الكتابة وستحقق الهدف المرجو منها».تضيف أن محاولات منع الأعمال أو تشويهها وارد ولكنه لن يجدي مع الفنانين أو مع الجمهور، «فالفن يردّ عليه بالفن وليس بالمنع أو الهجوم».