علم الاجتماع والإسلام... دراسة نقديّة لفكر ماكس فيبر

نشر في 10-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 10-02-2013 | 00:01
No Image Caption
صدر عن دار «جداول» كتاب «علم الاجتماع والإسلام/ دراسة نقديّة لفكر ماكس فيبر» بقلم براين تيرنر وترجمة الدكتور أبو بكر باقادر.
يلاحظ كتاب «علم الاجتماع والإسلام» أن رسالة ماكس فيبر «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» كانت ذات أثر كبير في الدراسات الاجتماعية الحديثة. ويعقد مقارنات بين معتقدات وقيم البروتستانت بالكاثوليك، خصوصاً للنزعات التطهيرية لدى الكليفانيين.

وادَّعى فيبر أنّ تلك القيم والمعتقدات كانت فريدة ومتميزة ممّا دفعه إلى القيام بعد نشر رسالته إلى عقد مقارنات واسعة بالأديان العالمية الأخرى لإثبات أطروحته. ونشر ثلاث دراسات كبرى في هذا الإطار عن اليهودية القديمة وأديان الهند والصين. وقدَّم في ثنايا كتابه الرئيس «الاقتصاد والمجتمع» شذرات عن الإسلام، وربما وعَدَ بنشر دراسة مستقلة عن الإسلام في المقارنات التي قام بها، لكنه لم يتمكَّن من نشر تلك الدراسة.

يتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء، تتفرّع عنها فصول عدة... تناول تيرنر فلسفة ماكس فيبر في العلوم الاجتماعيّة، والمشاكل الّتي تعترض هذه الفلسفة، كذلك انتقد منطقاته الّتي عالج بها مسألة ظهور الإسلام، ودراسة شخصيّة النبي، وفكرة الله والإنسان في الإسلام، ومدى العلاقة بين الإسلام والتصوّف مقارنةً بالدّيانة المسيحية، ودرس أيضاً آراء فيبر السياسيّة، وتحليله لأسباب سقوط الدّولة العثمانية.

ويعرّض تيرنر لمدى العلاقة بين أفكار المصلحين المسلمين وأفكار فيبر حول العلاقة بين البروتستانتيّة والرأسماليّة. ومحور تصوّر فيبر للمجتمع الإسلاميّ، يتمثّل في المقابلة بين الطابع العقلاني والمنظّم للمجتمع الغربيّ، لا سيّما في ميادين القانون والعلوم والصّناعة، وبين الأوضاع اللامستقرّة والفوضويّة سياسيّاً واقتصاديّاً في الحضارات الشرقيّة، تحديداً في الإسلام، ويتوسّع عارضاً للاختلافات، والّتي كانت شائعة لدى علماء السياسة والفلسفة والاقتصاد في القرن التاسع عشر بين الشّرق والغرب.

مترادفات

بحسب تيرنر، ينطلق فيبر في دراسته للإسلام من رأيه في أنّ طبيعة المجتمع الإسلاميّ من النواحي كافة، تسيطر عليها العقلية التوريثية. ويخلط بين مصطلحات كثيرة، فهو يشير إلى مجموعة من المترادفات المختلفة تحت مصطلح «قدّيس»، كـ{درويش» و{صوفي» و{ولي»، من دون أن يضع في اعتباره الاختلاف في دلالة هذه المترادفات ومعانيها، لاختلاف الإطار التاريخي والثقافي الذي يحكم هذه المترادفات، فالإسلام كما يُستنتج من فلسفة فيبر، له أدوار اجتماعية تتطابق تماماً مع أدوار القدّيسين المسيحيّين.

رغم أن فيبر لم يكن قادراً على تكملة علم اجتماعه للحضارات بدراسة تفصيلية عن المجتمعات الإسلامية، إلا أن الواضح من المصادر التي اهتمت بالإسلام في رأي فيبر أن المسألة الرئيسة في التطور الإسلامي كانت هي سيادة السيطرة الوراثية. ولقرون عدة قبل سقوط الدولة العثمانية في العصر الحديث كانت الحضارة الإسلامية أمة مجزأة إلى دويلات صغيرة أو تحكمها جيوش مرتزقة في خدمة الدولة الوراثية، كالعباسيين والمماليك والعثمانيين، ويأخذ هذه الصيغة الغالبة للقوة في الاعتبار، فإن المجتمعات الإسلامية لم تستطع أن تطور تلك النظم التي كانت مهمة في الغرب لنشأة الرأسمالية الحديثة، وقد حاول المؤلف أن يوضح كيف أن الوراثية لم تكن تتوافق مع الطبقة البرجوازية النشطة وتنظيمات المدن المستقلة والقانون الرسمي المستقل. ولكن مع ذلك فإن ما يميز اجتماع فيبر أنه يذهب أبعد من مجرد الوصف الشكلي للتنظيم والبناء الاجتماعي ففيبر قد اهتم فوق كل شيء بتوضيح الاتجاهات والدوافع ونظرة الفاعلين الاجتماعيين إلى العالم.

back to top