يرى المخرج سامح عبدالعزيز أن معظم الأفلام منخفضة التكلفة أنتجها أشخاص مجهولون أو خاضوا الإنتاج السينمائي للمرة الأولى، متهماً كبار المنتجين بالتقاعس والتخاذل لتوقفهم عن الإنتاج وابتعادهم عن السينما وتركها فريسة لمجهولين من دون سبب واضح، مع العلم أن أفلاماً كبيرة مثل «ساعة ونص» و{إكس لارج» و{تيتة رهيبة» نجحت، وأن الجمهور يقصد السينما عندما تعرض أفلام جيدة.

Ad

يضيف أن التاريخ السينمائي سيذكر هذه المرحلة السيئة التي تمر بها السينما وموقف صانعي السينما المتفرج على انحدارها.

بدورها توضح المخرجة مريم أبو عوف أن من الطبيعي وجود مثل هذه الأفلام إلى جانب أفلام جيدة، فليس كل من يعمل في السينما يعي دورها وأهمية أن يقدم فناً جيداً.

تضيف: «أرى المستقبل أفضل مع السينمائيين الجدد وظهور السينما المستقلة، ما يساعد على الحدّ من هذه الأفلام الرديئة، ورغم انتقادي للأفلام السيئة التي يقدمها السبكي إلا أنني أعترف بأنه يقدم أفلاماً جيدة أيضاً مثل «ساعة ونص»، وتمثل عودة المخرج الكبير محمد خان مكسباً للسينما».

لا ترى مريم مبرراً لغياب كبار المنتجين وترك السينما فريسة لهؤلاء المتطفلين في ظل إقبال الجمهور على الأفلام الجيدة.   

فوضى الأخلاق

يلاحظ المستشار الإعلامي للشركة العربية عبد الجليل حسن أن الأفلام منخفضة التكلفة ظهرت في فترات فوضى الأخلاق والإبداع واختلال معايير المجتمع، عازياً هذا الواقع إلى أشخاص خاضوا مجال الإنتاج بهدف الربح السريع من دون النظر إلى القيمة التي يقدمونها.

يضيف: «عزاؤنا الوحيد أن هذه الأفلام تظهر إلى جانب أفلام جيدة تجعلنا نشعر أن ثمة أملا في رؤية سينما جدية، وثمة من يريد الخير لصناعة السينما ويحاول تقديم فن متميز يعلي من قيم المجتمع}.

ترجع الناقدة ماجدة خيرالله هذه النوعية من الأفلام إلى الثمانينيات مع بداية ظهور الفيديو، تقول: «دائماً نجد أفلاماً جيدة مثل «ساعة ونص» وأفلاماً سيئة  مثل «حصل خير» و{سبوبة». قريباً سنرى فيلم «فبراير الأسود» إلى جانبه فيلم رديء، هكذا هي السينما».

تضيف ماجدة أن منتجي الأفلام الرديئة لا يخاطبون جمهور السينما بل القنوات الفضائية التي تحتاج إلى أفلام كثيرة لملء ساعات الإرسال، وتشتري بالتالي أي فيلم مهما كان رديئاً، ما يشجع المنتجين على تقديم هذه النوعية لضآلة الكلفة وضمان البيع والربح من دون النظر إلى القيمة الفنية.

أما الناقد محمود قاسم فيؤكد أن «السينما تمرّ بفترات انحدار وانكسار نتيجة تغيّر ذوق الجمهور أو جيل صانعي السينما، كما حدث في التسعينيات عندما كنا ننتج أفلاماً قليلة لا يتجاوز عددها العشرين فيلماً، ومع ظهور جيل محمد هنيدي عادت الحياة إلى السينما».

 يضيف قاسم: «تفرض نوعية الجمهور نوعاً معيناً من الأفلام، وهو ما حدث عندما اتجه معظم المنتجين إلى إنتاج أفلام من نوعية «شارع الهرم» و»عبده موتة»، لأن جمهور السينما الحالي من نوعية بطل الفيلم الأخير، لندخل من ثم في دائرة جديدة من الأفلام الرديئة. لكن بعد فترة من الانحدار والإسفاف، لا بد من أن تستقر الأمور وتعود السينما إلى سابق عهدها وتنتج أفلاماً جيدة».

طفيليون

يرجع الناقد رفيق الصبان ظهور الأفلام السيئة إلى توقف كبار المنتجين والشركات المعروفة عن الإنتاج، ما دفع الطفيليين على المهنة إلى استغلال الوضع بأفلام المقاولات.

ويشبّه هذه الأفلام بالفستق السوداني الذي يستخدم للتسلية وتنتزع قشرته لتلقى على الأرض، محملاً المسؤولية إلى المنتجين الذين فضّلوا صناعة أفلام رخيصة وساهموا في انتشارها.

يؤكد أن هذه النوعيات لا علاقة لها بالسينما من قريب أو بعيد، لافتاً إلى أن نجاح «شارع الهرم» من بطولة سعد الصغير، و{عبده موتة» من بطولة محمد رمضان أغرى المنتجين على الإقبال على هذه النوعية من الأفلام.

يرى أن أفلام المقاولات لن تنجح في صنع تاريخ سينمائي لها أو تبقى في ذاكرة الجمهور بعد رفعها من دور العرض، وهي نتاج لعثرات اقتصادية خلال السنوات الأخيرة، لذا يتوقع اختفاءها سريعاً معتمداً على ذوق جمهور السينما الذي لم يتجاوب معها بدليل فشل فيلم «سبوبة» لراندا البحيري في تحقيق أدنى إيرادات، و{هو فيه كده!!» أيضاً.

بدوره يحمّل الناقد يوسف شريف رزق الله مسؤولية ظهور هذه الأفلام إلى المنتجين من جهة وكبار نجوم السينما الذين رفضوا الإنتاج لأنفسهم، باستثناء أحمد حلمي، من جهة أخرى، منتقداً إقبال منتجين «غير معروفين» على إنتاج أفلام تهدد سمعة السينما المصرية.

يضيف أن فترة الثمانينيات شهدت ازدهار أفلام مقاولات، وأن الإنتاج السينمائي اليوم يختلف عن الماضي عندما كان كبار الفنانين، على غرار فاتن حمامة ومديحة يسري وأنور وجدي وفريد شوقي وكمال الشناوي، يخوضون تجربة الإنتاج لأنفسهم، وكان الإنتاج ضخماً وغزيراً ويحمل مضموناً وفكراً.

يتساءل رزق الله عن موازنة أفلام المقاولات وصفة صانعيها المغمورين فنياً وإنتاجياً وتصاريح تصوير تلك الأفلام، مطالباً بكشف هويتهم وشهاداتهم التي يحملونها من معهد السينما بصفتهم مخرجين، مؤكداً أن هذا الإنتاج يسيء إلى السينما المصرية قائلاً: «سيفقد الجمهور الثقة بالصناعة السينمائية بسببها».