تصاعدت حدة التظاهرات المتواصلة في السودان لليوم الرابع على التوالي، على خلفية قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، في حين صعدت السلطة استخدام القوة مع المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص.

Ad

اتسعت أمس دائرة التظاهرات والاحتجاجات المنددة بقرار حكومة الرئيس عمر البشير وقف دعم أسعار الوقود في السودان، في حين افادت التقارير عن مقتل 60 شخصاً.

وشهدت عدة أحياء في العاصمة الخرطوم أمس تظاهرات متفرقة، أكبرها في حي الإنقاذ حيث شارك ثلاثة آلاف شخص في تظاهرة رفعت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام». وأحرق المتظاهرون اطارات سيارات لقطع الطرق، ورشقوا السيارات بالحجارة، وحاولت الشرطة تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي.

وانتشرت قوات مكافحة الشغب منذ الصباح الباكر في أكبر مقاطع طرق العاصمة الخرطوم حيث أغلقت معظم المحلات التجارية. وامتدت التظاهرات الى أحياء أخرى من العاصمة، وكذلك إلى مناطق أخرى من البلاد مثل بور سودان في الشمال ودارفور في الغرب.

 

المعارضة

 

وتبنت أحزاب المعارضة السودانية التظاهرات ودعت الى تكثيفها، في وقت منعت السلطات اجتماعاً تنسيقياً لقادة المعارضة. وقال الأمين السياسي لحركة «العدل والمساواة» سليمان صندل حقار أمس، إن حركته «تدعو كافة جماهير الشعب السوداني للخروج والتظاهر والعصيان المدني الشامل حتى إسقاط نظام الحكم».

واعتبر أن «الحل الوحيد أمامنا هو تصعيد النضال الجماهيري بكل الوسائل وتوحيد الصفوف والعمل معاً حتى إسقاط نظام حزب البشير»، مضيفاً أنه قد «حانت ساعة رحيل البشير وزمرته، ولا خيار إلا الرحيل».

ودعا الأمين السياسي لحركة «العدل والمساواة» عناصر القوات المسلحة والشرطة إلى «الوقوف والانحياز للشعب فى ثورته ضد الظلم والقهر والدكتاتورية»، مشيرا إلى أن بقاء السودان موحداً «مرهون بزوال نظام المؤتمر الوطني».

بدورها، قالت «حركة تغيير السودان» المعارضة في بيان إن قوات الأمن داهمت منزل رئيس الحركة عبدالرحيم أحمد ابنعوف في الخرطوم فجر أمس، واعتقلته، من دون إبداء أسباب.

وأعلن رئيس القيادة العسكرية المشتركة لقوات «الجبهة الثورية» عبدالعزيز الحلو إن قواته تؤيد «الانتفاضة السلمية الجماهيرية لإسقاط النظام»، داعياً إلى الحفاظ على طابعها السلمي. وأشار الحلو إلى أن النظام في حال سقوطه بالانتفاضة السلمية فإن جبهته ستوقف العمل العسكري فوراً، لمصلحة «بناء الدولة الديمقراطية بلا تمييز»، لكنه هدد بأن قواته ستستأنف عملها العسكري إذا قام النظام بـ «قمع الإنتفاضة وأدخلها في بحر من الدماء»، محذرا «لن يمر القمع بلا حساب إن عاجلاً أو آجلاً».

 

تهديدات حكومية

 

واتهم وزير الإعلام السوداني والمتحدث باسم الحكومة أحمد بلال، المحتجين في بلاده بـ«تخريب وحرق منشآت عامة وخاصة»، مشيرا إلى أن هناك توجيهات صدرت للجيش للتحرك لحماية المنشآت الحكومية العامَّة ومحطات الوقود. 

ورأي بلال أنَّ ما تمَّ بالشارع العام «ليس من باب إبداء الرأي، بل هي عمليَّات نهب قام بتحريكها أفراد بعينهم»، من دون أن يحددهم، مشيرا إلى أن «المتظاهرين أحرقوا أكثر من 20 محطة وقود جزئياً وكلياً في العاصمة، ونهبوا ما يقارب الـ53 منزلا»، ولفت إلى أن «عدد القتلى من المواطنين والشرطة لا يتجاوز خمسة أفراد فقط».

إلى ذلك، تعهَّد النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أمس، بأنْ تُواجِه الحكومة ما وصفه بـ«الانفلات» وفق القانون، مقللا أهمية تلك الاحتجاجات، وقال «لا نضجر ولا نتخوَّف من الاحتجاجات التي قامت هنا وهناك، هذا أمر مفهوم»، مشيرا إلى أن «خدمة الانترنت ستعود للمواطنين قريباً»، من دون أن يحدد موعدا لذلك.

 

توقف صحف

 

وذكرت صحف محلية صادرة في الخرطوم ومواقع إخبارية، أن قوات الأمن السوداني شنت خلال اليومين الماضيين حملة شملت عدداً من الأجهزة الإعلامية، واستدعت بعض منتسبيها، ومنعتها من نشر أي أخبار عن الاحتجاجات التي تشهدها مناطق عدة في البلاد، وأوقف جهاز الأمن والمخابرات صدور صحيفة «السوداني» إلى أجل غير مسمى.

وعقد الجهاز اجتماعاً مع عدد من رؤساء تحرير الصحف ومديري أجهزة إعلامية مختلفة، طالبهم فيه بتحويل الخطاب الإعلامي إلى خطاب أزمة، مع عدم تناول أخبار التظاهرات إلا عبر البيانات الرسمية. 

وبحسب المعلومات فإن السلطات طلبت من رؤساء تحرير الصحف عدم استخدام كلمة متظاهرين والاستعاضة عنها بـ«مخربين».

وفي سياق متصل، قرر عميد الصحافيين السودانيين ورئيس مجلس إدارة صحيفة «الأيام» اليومية محجوب محمد صالح أمس، تعليق صدورها لأجل غير مسمى، احتجاجاً على ما أسماه «التوجيهات الأمنية» للصحافة. 

(الخرطوم - أ ف ب، الأناضول)