تقرير برلماني: التضامن الحكومي... ما يقبله العضو نائباً يرفضه وزيراً!
رولا «النائبة» قدمت طلب إنشاء لجنة للمرأة... ثم رفضتها «وزيرةً»
مع الإقرار بأن التضامن الحكومي عند التصويت على القضايا التي تحسم أثناء الجلسات بالتصويت، سواء كانت قوانين أو طلبات مناقشة أو طلبات تشكيل لجان مؤقتة أو لجان تحقيق أو حتى انتخابات لمناصب المجلس المختلفة، هو حق دستوري أصيل للحكومة، إلا أن هذا الحق يسبب إزعاجاً لبعض النواب، وأيضاً لبعض الوزراء، الذين يضطر بعضهم إلى مغادرة القاعة وقت التصويت أو التغيب، تفادياً لعدم التصويت بما يخالف قناعاته، ومنهم من يحرص على التواجد ويصوّت من باب الشفافية.وزيرة الدولة لشؤون مجلس الأمة رولا دشتي، عندما كانت نائبة بمجلس 2009 تقدمت بطلب إنشاء لجنة خاصة لشؤون المرأة والأسرة، وكانت تحرص على الدفع نحو انشائها والدخول في عضويتها، إلا أنها "ومن باب التضامن الحكومي" صوتت في جلسة الثلاثاء الماضي على رفض طلب إنشاء لجنة مؤقتة للمرأة وشؤون الأسرة. وكما هو معروف فإن رفض الحكومة لجنة المرأة والأسرة أو لجنة حقوق الإنسان او لجنة البيئة، لا يأتي من باب عدم الاعتراف بأهمية هذه القضايا، بل لقناعتها بأن تشعّب اللجان يؤثر على عمل المجلس ويشتت الجهود، وأن كل هذه القضايا من اختصاصات لجان دائمة لا يجوز سلب اختصاصاتها، وهو ما شرحه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله.
ولم يختلف حال رولا عن حال وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي التي وجدت نفسها في أول جلسة مجلس أمة تحضرها تصوت برفض لجنة المرأة والأسرة، لتشغل بالها بعد ذلك بتبرير موقفها، بعد الهجوم الناعم الذي شنته عليها النائبة صفاء الهاشم، ووصفتها هي ودشتي بأنهما من أعداء المرأة.الوزيرة ذكرى الرشيدي، حرصت بنفسها على أن تبين رأيها إزاء رفض لجنة شؤون المرأة والأسرة لمتابعيها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إذ قالت: "في ما يخص تساؤل بعض الأحبة من الأخوات والإخوة عن مشاركتي في التصويت ضد تشكيل لجنة المرأة في مجلس الأمة، فإن ذلك مبني على أساس التضامن الحكومي في التصويت، وهو معيار واحد على جميع اللجان المؤقتة، حيث قررت الحكومة عدم الموافقة على جميع طلبات تشكيل اللجان المؤقتة بما فيها المرأة والأسرة، لأن من شأن تشكيل اللجان المؤقتة أن يؤدي إلى بحث موضوع واحد بين أكثر من لجنة بما فيه من تشتيت للجهود والوقت".وأضافت الرشيدي: "سوف أسعى إلى تحقيق ما وعدت به من خلال مركز اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، وأعتقد أنني سأوفق بدعم مجلس الوزراء لي، في ما أنوي القيام به، فقد قبلت الوزارة على هذا الأساس، واضعة نصب عيني قضايا الأحداث والمسنين والمعاقين والمرأة الكويتية وحقوق الإنسان وتطوير قطاع الرعاية الاجتماعية وقطاع العمل، لذلك كان موقفي واضحاً في الالتزام بالتضامن الحكومي المنصوص عليه في الدستور دون الحاجة إلى التغيب أو الخروج من الجلسة من منطلق الشفافية في ممارسة دوري السياسي، فضلا عن ان كثيرا من قضايا المرأة تختص بها وزارة الشؤون وهي أمور أملك قرار حسمها وبدأت خطوات في ذلك". "الجريدة" سألت النائب هاني شمس عن رأيه في مبدأ التضامن الحكومي في التصويت خلال الجلسات، فأكد أن التصويت داخل البرلمان هو حق دستوري، إلا أنه يرى أن هذا التضامن يسبب ازعاجا للنواب في بعض القضايا، فالكتلة الحكومية التي تبلغ 16 نائباً عندما تصوت متضامنة فإنه يسهل رفض القانون المعروض او الموافقة عليه، وفقا لموقفها، اذا كان هناك عدد من النواب يؤيدون هذا الموقف.ويقول شمس إن هناك الكثير من الوزراء الذين يضطرون الى عدم التواجد اثناء التصويت على القضايا التي تخالف قناعاتهم، مشيرا الى أن احد الوزراء صوت برفض مقترح تشكيل لجنة مؤقتة، سبق أن تقدم بتشكيلها وهو نائب، "الأمر الذي جعلنا نضحك عندما صوّت عليها بالرفض".في المقابل، أكد النائب يعقوب الصانع أن تصويت الحكومة متضامنة حق دستوري لها، "وأنا من المؤيدين له، خاصة في الأمور السياسية والقوانين المعروضة"، أما التصويت على اللجان المؤقتة فهناك قناعة حكومية بأن "كثرة اللجان وتشعبها يؤثران على الإنجاز، ونحن لنا وجهة نظر أخرى".ورغم أن القاعدة المتبعة هي تصويت الحكومة متضامنة في جميع القضايا التي تطرح للتصويت في الجلسات، والاستثناء "النادر" هو ترك حرية الاختيار في التصويت للوزراء، فإن الحكومة ليس بيدها حسم القرار داخل المجلس، بل بيد النواب أنفسهم، فكما هو معلوم يحتاج أي قانون أو قرار إلى 33 عضواً. وإذا كان من حق النواب أن يدفعوا نحو إقرار أو رفض الموضوع المنظور أمام المجلس، فمن حق الحكومة أيضاً أن تتكتل خلال الجلسات من أجل الموضوع نفسه، ولعل التصويت الحكومي، خاصة في الانتخابات على مناصب المجلس، تسبب لها العديد من الإحراجات، والتي تصل الى درجة التهديد بتقديم استجوابات، كما فعل النائب عسكر العنزي مع الوزيرة رولا دشتي، عندما أقسم على تصعيدها المنصة اذا لم تكف عن التدخل في انتخابات المجلس، بعد خسارته في انتخابات أمين سر الشعبة البرلمانية، إلا أنه يبقى حقا دستوريا اصيلا للحكومة في التصويت لمن تراه مناسبا... ومن يؤمن بالدستور عليه أن يقر بهذا الحق.