فادي ابراهيم: لبنان أول من قدمّ أعمالاً عربية مشتركة في الثمانينيات
{دون جوان} الدراما اللبنانية، واكب مسيرتها في أحوالها كافة، وسطّر سجلّه الفني بأعمال ومسلسلات تاريخية لبنانية وسورية ومصرية. قرر الممثل القدير فادي ابراهيم أخيراً تغيير صورته المتعارف عليها، فكان الأب البسيط والضعيف والمجروح في كبريائه في {جذور} ورجل الأعمال العاشق والزوج المخادع في {العائدة-2}.
عن الدراما المشتركة والإنتاجات العربية عموماً واللبنانية خصوصاً تحدث إلى {الجريدة}.
عن الدراما المشتركة والإنتاجات العربية عموماً واللبنانية خصوصاً تحدث إلى {الجريدة}.
كيف تقيّم النتائج التي حققها {العائدة 2} هذا العام؟
حققنا إنجازًا بعد نجاح الجزء الأول العام الماضي، والذي أخذ حينها حيّزًا إعلاميًا مهمًا، تقرر إثره تصوير جزئه الثاني. أدركنا كممثلين، قبل بدء التصوير، أنه سيكون أقوى على صعد: الإنتاج والقصة والأداء، وصدقت توقعاتنا لأن نتيجة العمل تخطت المستوى المقبول، وحلّ في المرتبة الأولى في الأردن لكنه ظُلِم إعلاميًا لبنانياً.كيف لمست ذلك؟من خلال ردود فعل الناس في الشارع والأماكن العامة، وتعبيرهم عن فرحهم بنجاح العمل، وهذا أمر يرضينا كممثلين، لا سيما حين يبادلنا الجمهور بالمحبة والاحترام والتقدير.حافظ {جذور} على نسبة مشاهدة مرتفعة رغم عرضه قبل بدء شهر رمضان ودخوله المنافسة الرمضانية، ما السبب؟منذ انطلاقته قبل شهر رمضان واستمراره طيلة الشهر الفضيل، تأمن له كل ما يلزم على الصعيدين الإعلامي والتسويقي، فضلاً عن أن أحد المسؤولين في شركة الإنتاج الجديدة التي تولت إنتاجه يملك شبكة علاقات واسعة، ما أفسح في المجال أمام تسويق المسلسل وعرضه على قناة {أبو ظبي}، ومن ثم عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال والإنترنت، الأمر الذي سهّل تعريف الناس إليه ومتابعته ومشاهدته في استراتيجية تسويقية محترفة.وما دور فريق العمل في هذا المجال؟عملنا بجهد وتعب وصوّرنا 22 ساعة يوميًا لتأمين الحلقات المطلوبة لقناة أبو ظبي، فتوافرت العوامل كلها التي تركت صدى إيجابيًا.إلامَ تعزو استمراريته بالزخم نفسه في شهر رمضان؟المشاهد الذي يتابع عملاً مشوّقًا وقصة محبوكة جيّدًا، لا يتخلى عن مواكبتها في شهر رمضان، رغم الإنتاجات العربية الأخرى المعروضة.ما العوامل التي انعكست إيجابًا على المسلسل؟التنفيذ بطريقة جميلة والقصة المحبوكة جيدَا إضافة إلى تنوّع البطولات، ذلك أن لكل عائلة قصتها المنفصلة، فكانت التركيبة مشوّقة ومثيرة للاهتمام شجعت الناس على متابعته.أديت دور الأب في {العائدة} و{جذور}، فأي منهما ترك أثرًا أكبر في نفسك؟دوري كأب في {جذور} أقوى من دوري في {العائدة}، لأنني في الأخير أب لولدين من زوجتين مختلفتين، وعشيق، وصاحب عمل، فكانت الشخصية متفرّعة، فيما طغت الأبوّة في {جذور} فكانت شخصية جهاد ضعيفة ومختلفة عن الشخصيات التي قدمتها سابقًا.ما أهمية اللعبة الإعلامية في إطار تسويق المسلسلات؟يحتاج أي عمل إلى إعلان ليصل بطريقة صحيحة إلى الجمهور، فعندما نعلن عن عمل ما نثير اهتمام الناس قبل أن ينطلق، وهذا أساس في الأمور كافة، سواء في العمل أو السياسة... فضلاً عن أن طريقة الإعلان تؤثر في الجمهور سلبًا وإيجابًا، وبمقدار ما ننجح في التسويق نقطع شوطًا في نجاح العمل قبل أن يبدأ.ما رأيك بالمستوى الذي تحققه الدراما اللبنانية راهنًا؟لطالما كان مستوى الدراما جيدًا ومواكبًا لعصرها وللتطور التقني المتزامن معها. ومع تطور وسائل التواصل بات الوصول إلى الناس أسهل وبشكل تلقائي، وهذا أمر خطير يتم استخدامه في السياسات الكبرى، خصوصًا على المستوى الإعلامي الذي هو جيّد في لبنان، إنما سبقنا التطور وأفسحت الفضائيات في المجال أمام مشاهدة أي عمل في التوقيت الذي نريد وأينما نريد، ما وضع شركات الإنتاج ومحطات التلفزة في تحدٍ في ما بينها لاستقطاب أكبر كمّ من المشاهدين وتحسين نوعية البرامج والمسلسلات. وهذا الأمر سيؤثر طبعًا على مستوى الدراما اللبنانية، خصوصًا أن الدول العربية الأخرى سبقتنا تقنيًا، في ظل غياب اهتمام الدولة ما جعلنا نتكل على أنفسنا فحسب.انطلاقًا من هذا الواقع الموصوف، ما مصير الأعمال المحلية خصوصًا مع تزايد الأعمال العربية المشتركة؟تكمن مشكلة الأعمال المحلية في طرح مواضيع لبنانية يُمنع عرضها في الدول العربية، لأن المجتمع اللبناني متحرّر أكثر من غيره، فتصطدم تلك الأفكار برقابة الدول العربية، فإما يقتطعون من المشاهد أو يمنعون عرض المسلسل. بالتالي لا نتمكن من بيع أعمالنا في الخارج فتتكدّس وتنحصر في لبنان، عندها كيف يستطيع المنتج تحصيل أرباحه ليستمرّ ويتطوّر؟ كيف يختلف الإنتاج اللبناني عن غيره من الإنتاجات العربية؟ينفّذ العمل العربي بشكل يلائم حدود الحرية المسموحة في الدول العربية، وبالتالي من السهل تسويقه في البلدان العربية كافة، ما يمكّن المنتج من توسيع دائرة أعماله وتقديم أعمال ذات تقنيات متطورة وبإنتاج أقوى. أما لبنانياً، فيضطر المنتج إلى التقشف والتعاون مع بطلين أساسيين في مقابل ممثلين عاديين، وتصوير الحلقة خلال يوم بدلاً من ثلاثة أيام، ما يؤثر على مستوى العمل ككل، فتأتي النتيجة مقبولة محليًا من دون أن يباع العمل في الخارج، خصوصًا أن محطات التلفزة والدولة لا تهتمان بهذا القطاع، فيضطر المنتج إلى بيع عمله بمبالغ ضئيلة لا يستطيع من خلالها تطويرها.على من تلقي اللوم؟ على الدولة والمحطات أولاً، فنحن نحاول دائمًا تحسين مستوى الدراما إلا أننا نفشل بسبب العراقيل التي من الضروري معالجتها لتطوير وضع الدراما وتسويقها في الخارج.ما الذي فعّل التعاون الدرامي بين لبنان وغيره من الدول العربية؟منذ الثمانينيات بادر لبنان إلى تقديم أعمال عربية مشتركة، حينها صوّرنا مسلسلات تاريخية لبنانية صرف بمشاركة ضيوف خليجيين ومصريين وسوريين. لكنّ هذه الخطوة القديمة جدًا لم يضئ الإعلام عليها، لذلك يجهل اللبنانيون إنجازاتنا في الماضي، خصوصًا أن المحطات المحلية التي توافرت حينها لم تشترِ هذه الاعمال ولم تسوّقها. مع الإشارة إلى أن أول من قدم هذه الأعمال المشتركة هو رشيد علامة، أحد أهم المنتجين والممثلين اللبنانيين على المستوى العربي، وهو أول منتج منفذ للمسلسلات المشتركة التي بيعت للدول العربية.أي منافسة عربية يمكن التحدث عنها في ظل هذا الخليط العربي في المسلسلات؟كان المنتج في الماضي محكومًا بتقديم أعمال محلية في غياب الفضائيات، فاقتصرت المنافسة على أبناء البلد الواحد، وفي مرحلة تسويق الأعمال المحلية في الخارج اتخذت المنافسة وجهًا آخر. ولكن مع ازدياد الفضائيات أصبح المنتج يقدم عملا عربيًا مشتركًا ويبيعه إلى الخارج لتغدو المنافسة بين المنتجين ومحطات التلفزة.ماذا عن أهمية اختيار طاقم العمل في عملية تسويق المسلسلات؟يعدّ أهم مرحلة يمرّ فيها المسلسل بعد الكتابة التي هي الأساس والعامل الأهم في أي عمل درامي، وبعد اختيار المخرج الذي يجب أن يكون عند المستوى المطلوب لتنفيذ النص، فتكتمل عناصر نجاح العمل. برأيي، إذا كان العمل جيدًا واختير المخرج الملائم الذي يساعد المنتج في اختيار ممثلين مناسبين للشخصيات في المسلسل، عندها تتوافر النسبة الكبرى من نجاح العمل قبل انطلاقه.هل يؤمن تكامل العناصر في العمل اللبناني الانتشار العربي له من دون تطعيمه بممثلين مصريين أو سوريين؟عملية تطعيم المسلسلات متعلقة بالتسويق، لأن مشاركة ممثل مصري مثلا في دراما لبنانية تمهّد لشراء الفضائيات المصرية لها، كذلك الأمر بالنسبة الى الممثلين الخليجيين، فتتسع السوق الدرامية أمام المسلسل اللبناني والمنتجين والممثلين. إنما من جهة أخرى يجب أن تتضمن القصة في الأساس شخصيات سورية أو سعودية أو مصرية ليقتنع المشاهد بمصداقية الدور.واكبت مراحل الدراما اللبنانية كافة، في أي اتجاه تراها؟أرى أننا في تحسن وأفضل من السابق، وأشعر، من خلال ردود الفعل التي اسمعها من الناس، أنها في تقدم ولو بطيء، لكنها لا تتراجع.إذا قارننا بين الماضي والحاضر، في أي منهما كانت انطلاقة الممثل أصعب؟في الماضي طبعًا. اليوم بات مفهوم النجومية أقرب إلى الفيروس. شخصيًا أسعى إلى تقديم عمل جميل وجيد، فاقترب إلى المثالية في الأداء والعمل، ما يمنحني متعة ذاتية، تستطيع قلة أن تعيشها في لحظة معينة، تتجلى في تقديمي شخصيات مختلفة، وإن كان بعضهم يتقن تجسيد شخصيات ووجوه عدّة، يبقى للنشأة والتربية والمعرفة والسعي والوعي التأثير في نجومية الممثل وتركيبة شخصيته الحقيقية في المجتمع.من هم الممثلون العرب الذين يعجبك أداءهم؟قصي الخولي ومكسيم خليل وماجد المصري، هؤلاء أعرفهم شخصيًا وتربطني بهم علاقة صداقة، كذلك أنا على تواصل دائم مع ممثلين مصريين تربطني بهم علاقة جيدة جدًا، إنما ضيق الوقت والتحضير والتصوير... كلها أمور لا تفسح في المجال أمامي لمتابعة ما يعرض عبر الشاشات.ماذا تحضر من أعمال جديدة؟أحضّر مسلسلاً من 120 حلقة درامية كتابة كلوديا مرشليان وإنتاج MBC يضم مجموعة من الممثلين اللبنانيين من بينهم باميلا الكيك. سنصور طيلة خمسة أشهر في دبي، ويضم العمل تقنيين ومخرجين أجانب، وأعتقد أن التنظيم سيكون أكثر من عادي وسيتم تقسيمنا إلى مجموعات عدة لنصوّر في الوقت نفسه. فضلا عن أنني تلقيت عروضًا من شركة {أون لاين بروداكشن} وسأختار منها المناسب.