مصر... لابد من وقفة مراجعة!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
لم يُعطِ أهل النظام المصري الجديد، الذي اختُطف من ميدان التحرير اختطافاً في لحظة اهتزت فيها معادلة موازين القوى بتواطئ أميركي واستسلام المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحت التلويح بسيف الترهيب والترغيب، لأنفسهم الوقت الذي يعطيهم فرصة رؤية الأمور في مصر الجديدة على حقيقتها، فهم تكالبوا على السلطة وعلى الحكم تكالب الأكلة المتضورين جوعاً على "القصعة" وهم في حقيقة الأمر، وهذا يجب أن يقال لهم من قبيل النَّقد البنَّاء، قد ساروا بالنسبة لهذه المسألة على الطريق الذي سارت عليه كل الأحزاب الشمولية التي حكمت بالحديد والنار في العديد من الدول العربية.إنّ هذه مسألة، أمَّا المسألة الأخرى فهي أن مصر عندما حانت لحظة التغيير والثورة كانت بالفعل فيها قوى مدنية نشيطة وفاعلة، وكانت فيها تيارات ليبرالية وعلمانية بقيادة كفاءات وطنية لا يمكن التشكيك فيها ولا المس بوطنيتها، لكن هذه التيارات لم ترتقِ لأسباب كثيرة إلى مستوى الأحزاب المُجرِّبة البرامجية الواضحة الأهداف والتطلعات، ولذلك فإنها تركت جماهيرها تتراكض في الميادين والساحات العامة ولم تستطع التقاط اللحظة التاريخية التي لاحتْ، والتي التقطها الإخوان المسلمون الذين سارعوا لملء الفراغ وفرضوا أنفسهم فرضاً على المجلس العسكري للقوات المسلحة وعلى كل القوى الأخرى، فحولوا الحكم إلى حكم لهم لا مكان فيه لأيٍّ من الآخرين.وكل هذا قد أوصل مصر ذات التاريخ الحافل التَّليد إلى مأزقٍ لم تصل إليه من قبل: "من مينا إلى عهد عمرو إلى عهد جمال... إلى عهد محمد أنور السادات وعهد حسني مبارك"، وحقيقة أنه أصبحت هناك مخاوف فعلية من أنْ تتفاقم الأمـور، إذا لم يبادر الإخوان المسلمون إلى خطوة إنقاذية فعلية، وأنْ يتضاعف هذا العنـف المدمر وتتسع دائرته ويتحول إلى حرب أهلية، لاسمـح الله، كالحرب الأهليـة التي حولت أفغانستان إلى ما يشبه العصف المأكول، والتي تؤرق ليل العـراق، والتي نسـأل العلي القدير ألا تنتهي الأمور في سورية العزيـزة إلى أسوأ أشكال الحـروب الأهلية.