وضعت الأزمة التي يشهدها الوسط الثقافي المصري راهناً، على خلفية رفض مثقفين تولي الدكتور علاء عبد العزيز منصب وزير الثقافة، مستقبل الكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية في مهب الريح، من بينها جوائز الدولة {التقديرية والتشجيعية والتفوق والنيل».

Ad

يأتي الاتجاه لإلغاء جوائز الدولة بعد أيام قليلة من اشتباكات عنيفة شهدها مقر وزارة الثقافة المصرية في حي الزمالك (وسط القاهرة) الهادئ، بعدما أعلن مؤيدو جماعة «الإخوان المسلمين» نية فض اعتصام المثقفين أمام مكتب وزير الثقافة  بالقوة، فاعتبر البعض أنها تجربة جدية لما سيحدث في 30 يونيو الجاري، حيث ستحتشد القوى الثورية أمام قصر الاتحادية مطالبة برحيل النظام الحاكم.

يدور جدل واسع حول جوائز الدولة هذا العام ليس على مستوى منحها لمن لا يستحق، كما كان يحدث في ظل النظام السابق قبل ثورة يناير، ولكن على إلغائها من الأساس بحجة توفير أموالها.

وعزز الجدل تصريحات د. طارق نعمان، القائم بأعمال الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، بأن وزير الثقافة علاء عبد العزيز لم يحدد موعداً لاجتماع المجلس لمنح جوائز الدولة. وقال النعمان إن ميعاد الاجتماع يجب أن يحدد قبل يوم 20 يونيو قبل ختام السنة المالية، وذلك لاعتماد القيم المالية للجوائز التي ستمنح واستبعاد تلك التي ستحجب من الاعتمادات المالية، مشيراً إلى أن الوزير رفض تفويض من ينوب عنه لرئاسة الاجتماع.

وبحسب القانون، كي يكون الاجتماع صحيحاً يجب أن يرأسه وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للثقافة، ويمكن للوزير أن يفوض الأمين العام للمجلس أو أيا من أعضائه لرئاسة الاجتماع، وعادة ما يكون أكبر الأعضاء سناً أو أقدمهم.

تجريف وتخريب

قالت الأديبة فتحية العسال إن إلغاء جوائز الدولة التقديرية يعد تجريفاً وتخريباً للثقافة في مصر من الوزير علاء عبد العزيز المحسوب على جماعة {الإخوان} ونحن في انتظار 30 يونيو، حيث تعول عليه المعارضة المصرية والشعب الكثير من الآمال ليكون الثورة الثانية بعد ثورة 25 يناير.

يرى الناشر محمد هاشم أن إلغاء جوائز الدولة يعني هدم الثقافة في مصر ونحن سندافع عن الثقافة بكل ما أوتينا من قوة، مؤكداً أن الأمر تجاوز عزل الوزير أو عزل الرئيس إلى إسقاط النظام. بدوره، استنكر المخرج عصام السيد إلغاء جوائز الدولة المستمرة منذ أكثر من 50 عاماً لتكريم المبدعين وتقديرهم من الدولة، موضحاً أن هذه الجوائز تشمل جوائز اجتماعية وعلمية وثقافية وفنية، والإلغاء يعني تقليل قيمة الأمة وعقلها وإسقاطها من نظر الأمم الأخرى.

وقال الشاعر والمترجم مصطفى عبد الباسط، الذي تقدم بإحدي روايته {التعليم عند القدماء المصريين} لجائزة الدولة في مجال الترجمة، إن مجلس الشورى سيناقش في الفترة المقبلة إلغاء الجوائز أو تخفيض قيمتها إلى النصف، على رغم قلة القيمة المادية مقارنة بدول أخرى تعطي أضعاف الجائزة في مصر، تماشياً مع الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها الدولة المصرية، وأشار عبد الباسط إلى رفضه للتهميش الذي يقوم به وزير الثقافة ضد الثقافة والمثقفين في مصر. وأضاف أن على المثقفين إنشاء لجنة أخرى موازية لاختيار الفائزين بالجوائز على أن يتم التشكيل من دون الوزير وإعلان نتيجة الفائزين من المثقفين من دون تدخل الوزير أو تدخل سياسي في الجائزة.

تم تأسيس جوائز الدولة عام 1958 في عهد جمال عبد الناصر، تمنحها مصر للمبدعين والباحثين في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بموجب قانون رقم (37) الخاص بجوائز الدولة للإنتاج الفكري ولتشجيع العلوم والعلوم الاجتماعية والفنون والآداب. وأول من حصل على جائزة الدولة كان الراحل  طه حسين، ثم محمد حسنين هيكل وعباس العقاد ونجيب محفوظ والكاتب والمفكر الإسلامي مصطفى محمود وتوفيق الحكيم ويحيى حقي ويوسف السباعي والروائي الشهير إحسان بعد القدوس. أما الآن فهي، كما يقال بالعامية المصرية، أصبحت «على كف عفريت».