نعم للتدويل... ولكن!

نشر في 24-01-2013
آخر تحديث 24-01-2013 | 00:01
السؤال المهم هنا، وهو الذي يجب أن تسأله المعارضة لنفسها، ما الذي سيتم تدويله على وجه الدقة؟ أهي أنباء الحراك والمعارضة وأسلوب السلطة في التصدي لها؟ لأنه إن كان الأمر مقتصراً على ذلك فهو قد وصل إلى كل مكان في العالم كما أسلفنا، وأما إن كان غير ذلك فلابد أن نعرف تماماً ما الذي تنوي المعارضة تدويله؟!
 د. ساجد العبدلي تهدد المعارضة الكويتية بتدويل قضيتها... أي الخروج بها من الإطار المحلي إلى الإطار الدولي، ويبدو أن الأمر لم يعجب السلطة ومواليها، فارتفعت الأصوات لتتهم المعارضة، ومن ينادون بتدويل القضية، بالاستقواء "بالخارج" ضد "الداخل" بنبرة لا تخلو في الغالب من شيء من التخوين والاتهام بعدم الوطنية.

شخصياً، لا أرى في التدويل أي مشكلة، ولا أرى في الأمر أي ملمح من ملامح "الخيانة" وعدم الوطنية، ناهيك عن أننا صرنا اليوم إلى زمن لم يعد يخفى فيه شيء، وكل القضايا الداخلية هي قضايا دولية من لحظتها الأولى، وكل الأنباء التي تجري على أي صعيد محلي تنطلق نحو العالمية في لمح البصر من خلال الإنترنت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالكلمة والصوت والصورة والفيديو، لتصبح مثار اهتمام اللجان والهيئات العالمية ناهيك عن استقطابها لمتابعة أجهزة الإعلام والقنوات المختلفة.

وما يجري في الكويت من أحداث سياسية ساخنة ليس في معزل عن هذا، بل إن أنباءه جميعاً قد انتشرت وبدأت قنوات ومؤسسات إعلامية وحقوقية مختلفة بمتابعتها والتعليق عليها بالفعل منذ مدة ليست بالقصيرة، وهذا كله مرشح للتصاعد أكثر وأكثر مع تزايد سخونة الأحداث بطبيعة الحال.

الأمر الآخر الذي يفترض ألا يجعل للسلطة ومواليها أي حجة وجيهة في الاعتراض على التدويل هو في طبيعة المسألة ذاتها، فإن كانت السلطة تؤمن بأن إجراءاتها في مواجهة المعارضة والتصدي للحراك والمظاهرات والاعتصامات سليمة دستورياً وقانونياً وأمنياً... فلِمَ الخوف من التدويل؟ بل على العكس من ذلك سيكون هذا من مصلحتها لتثبت تهافت موقف هذه المعارضة وهذا الحراك وضعفه.

السؤال المهم هنا، وهو الذي يجب أن تسأله المعارضة لنفسها، ما الذي سيتم تدويله على وجه الدقة؟

أهي أنباء الحراك والمعارضة وأسلوب السلطة في التصدي لها؟ لأنه إن كان الأمر مقتصراً على ذلك فهو قد وصل إلى كل مكان في العالم كما أسلفنا، وأما إن كان غير ذلك فلابد أن نعرف تماماً ما الذي تنوي المعارضة تدويله؟! أهي المطالبات؟ فما هذه المطالبات بالضبط؟ وهل هناك اتفاق على شيء من هذا بين أطياف المعارضة المختلفة وأطيافها؟ أم أن التدويل سيكون حول تجاوزات السلطة وأسلوبها في القمع؟ فماذا ستقولون بالضبط وما سقف الاتهامات ومن سيطول من أركان السلطة؟!

يا سادتي، التدويل لا يصح أن يكون مجرد فزاعة للتخويف كجزء من الصراع السياسي، كما حصل في العديد من الأمور سابقاً حتى فقدت قيمتها ومعناها، بل على العكس من ذلك يجب أن يكون جزءاً مهماً من مشروع المواجهة مع سلطة نؤمن بأنها متعسفة وغير ديمقراطية بتاتاً، ولهذا يجب أن يكون له ملامحه الواضحة وأهدافه المحددة... ولذلك نقولها مباشرة وبلا تردد نعم للتدويل، ولكن ماذا ستدوّلون؟!

back to top