الترقيعات لتصريح الشيخة فريحة الأحمد المسيء إلى شباب الحراك السياسي ووصفهم بالمزدوجين و"اللفو" لا تجدي نفعاً ولن تجبر ما انكسر، حيث إن ردود الفعل الفورية سواء المؤيدة لاتهامات الشيخة أو المستنكرة لها قد أخذت حاصلها وشربت مروقها وانتهت، وليس أمام الأخت فريحة إلا أن تعتذر للشعب الكويتي وتقر بهذا الخطأ الفادح أو أن تتمسك برأيها وتتحمل كل أشكال المسؤولية السياسية والقانونية، خصوصاً قانون نبذ الكراهية الصادر بمرسوم ضرورة، وفي الحالتين تكمن الشجاعة ولو كانت بوجهين مختلفين.

Ad

وقد كتبنا في هذه الزاوية مراراً وتكراراً بأن الانقسام الحاد المصاحب للغة التخوين والخطاب المريض قد جرفنا جميعاً، وما الحالات المتكررة لأكبرها وأسمنها من علماء وسياسيين ونخب مثقفة والتي تنزلق يومياً في هذا المستنقع النتن إلا نتيجة طبيعية لمستوى الاحتقان الشديد، والبحث عن النجومية ولو على حساب أكل لحوم البشر.

والشيخة فريحة هي ضحية جديدة في هذه السلسلة، فمن يتابع لقاءها المسجل يدرك أنها كانت صيداً سهلاً استدرجها الصحافي على هامش احتفالية اجتماعية لا تمتُّ إلى الأوضاع السياسية بصلة، لتطلق معها هذه المفردات القبيحة بحق بلدها وشعبها.

إن الخطورة الحقيقية في أخطاء أبناء الأسرة تكمن في حساسية موقعهم من جهتين، فما يصدر عنهم يفسَّر ويؤوَّل ويحمَّل على أنه موقف السلطة برمتها، كما أن الرد عليهم عبر تسونامي التعليقات والتغريدات من قبل عامة الناس يضعف هيبة أسرة الحكم واحترامها، ومن غير المعقول ولا حتى المقبول أن نطالب شعباً كاملاً باختلاف مكوناته وثقافاته ومستويات وعيه وهو مستفز أساساً بالسكوت، ولا نطالب أبناء السلطة بعفة اللسان واحترام ذاتهم!

أبناء الأسرة الحاكمة في الكويت يعيشون مع المواطنين ولا تجد ديوانية أو مجموعة نسائية أو ربع طلعة حداق أو مخيّم في البر إلا ومعهم شيخ أو شيخة، وهناك العشرات من الشيوخ يتولون مناصب في الدولة ويتعاملون بشكل يومي مع المواطنين، وأبناء الشيوخ يجلسون على مقاعد الدراسة جنباً إلى جنب مع الكويتيين، وأغلبيتهم يتمتعون بالتواضع وحسن الخلق والرقي في الأدب والاحترام، وحياديتهم في الغالب هي منبع محبة الناس لهم، ولكن سلوكيات البعض، وفي الآونة الأخيرة مواقفهم وتصريحاتهم وإن طبّل لها المتزلفون والمنافقون، تنعكس سلباً على اسم العائلة.

والشيوخ والشيخات في النهاية بشر لهم قناعاتهم ووجهات نظرهم الخاصة قد لا تختلف مع موجات التطرف الطائفي والفئوي التي نراها عند الكثير من الناس، بل إن للبعض منهم طموحاته السياسية الخاصة التي يحاول الوصول إليها عبر الاصطفافات الضيقة، ولكن عليهم أن يدركوا أن محبة الناس واحترامهم وموقعهم السياسي والدستوري يجب أن يكون فوق أي اعتبار آخر، فوجودهم مسيرة مئات السنين وليس عبر "عبيد وزوير"!