عن أي ديمقراطية تتحدثون؟!

نشر في 17-07-2013
آخر تحديث 17-07-2013 | 00:01
 د. بدر الديحاني يخلط البعض بحسن نية أحياناً بين ما يجري عادة في الدول الدستورية الديمقراطية المستقرة وما جرى ويجري بعد الثورة المصرية بالرغم من أن الفرق بين الحالتين واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

في الدول الدستورية الديمقراطية هناك نظام دستوري راسخ قائم على أسس ومبادئ ديمقراطية؛ مثل تداول السلطة والتعددية وفصل السلطات واحترام الأقلية وحماية الحريات، أما في مصر بعد ثورة 25 يناير حتى الآن، فإن المطلوب هو وضع أسس النظام الديمقراطي (آلية الحكم وليس من يحكم) التي تحتاج إلى درجة كبيرة من التوافق الوطني بين مكونات المجتمع كافة، ولا يهم بعد ذلك من سيحكم سواء مرسي أو غيره، حيث إن صلاحياته وحدود سلطته تكون محددة طبقاً للدستور.

هذا الخلط المضلل الذي تسوق له بقوة الآلة الإعلامية الضخمة لـ"الإخوان" يعطي انطباعاً خاطئا لدى عامة الناس بأن هنالك تعارضاً بين تأييد الثورة المصرية والدفاع عن الديمقراطية.

فهو خلط مضلل لأنه مبني على أدلة فاسدة من الأساس، وهي أن كل من يؤيد ثورة 30 يونيو وما ترتب عليها يقف بالضرورة ضد الديمقراطية وحجتهم في ذلك أن الرئيس المعزول قد أتى عن طريق صناديق الانتخابات، ولا يجوز عزله إلا عن طريقها، وهي بالطبع حجة فاسدة، حيث إن الصناديق، وكما أوضحنا ذات مقال، ليست العنصر الوحيد للشرعية، ومن يفز بالانتخابات حتى في الدول الدستورية الديمقراطية المستقرة فليس بالضرورة استمراره حتى تكملة المدة القانونية، فقد يجبر الرئيس المنتخب على الرحيل إذا ما اتسمت أعماله باللا مشروعية، فما بالنا في المرحلة الانتقالية بعد الثورة التي يفترض أنها تؤسس لآلية نظام حكم ديمقراطي جديد كما هي الحال في مصر؟

لقد اهتزت شرعية مرسي بشكل كبير بعد الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر 2012 الذي أتى من خارج المؤسسات الرسمية، ولم يحصن قراراته السابقة واللاحقة فقط، بل حصن أيضاً مجلس الشورى واللجنة التأسيسية التي ستتولى صياغة الدستور من الحل، وهذا معناه نسف كامل للأسس والأطر التي انتخبه الشعب عليها، أي للنظام الديمقراطي والتحول إلى النقيض أي الدكتاتورية.

والأخطر من ذلك أن هناك سلطة خارج السلطات الرسمية تتحكم في قرار الرئاسة، وتوجهه في وضع شبيه بسلطة المرشد الأعلى في إيران، لذلك رفع المتظاهرون يوم 30 يونيو شعار "يسقط حكم المرشد".

وقد تأكدت مخاوف الشعب المصري مرة أخرى بعد عزل مرسي، حيث إن خطاب مؤيديه كان وما زال يصور الصراع السياسي حول السلطة والحكم بأنه صراع ديني بين "الإسلام" الذي يمثله مرسي و"الكفر والإلحاد" الذي يمثله جميع من يعارضه، فعن أي ديمقراطية، وعن أي دولة مدنية دستورية حديثة تتحدثون؟!

back to top