استند الرئيس الاميركي باراك اوباما الى رصيد سياسي قوي تجدد مع اعادة انتخابه ليدعو الكونغرس مساء الثلاثاء الى التحرك حول عدد من الملفات الداخلية وفي طليعتها ضبط انتشار الاسلحة الفردية واصلاح نظام الهجرة وخصوصا انعاش الاقتصاد، في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد.

Ad

وبعد اقل من شهر على ادائه اليمين الدستورية لولاية ثانية، عرض اوباما بنبرة واثقة في خطابه خارطة طريق على اعضاء الكونغرس الذين يحتاج الى موافقتهم لتطبيق برنامجه الحكومي غير ان قسما منهم معارض له بشدة.

وركز الرئيس الديموقراطي خطابه الذي استمر ساعة على الاولويات الداخلية، مع التطرق ايضا وبشكل مقتضب الى الازمات الخارجية مثل الخلاف مع ايران حول ملفها النووي والتجربة النووية الاخيرة التي قامت بها كوريا الشمالية.

وفي سياق سعيه الى وضع حد لحقبة من الحروب خاضتها بلاده في الخارج، اعلن اوباما عن خطة لاعادة نصف القوات المنتشرة في افغانستان الى البلاد في غضون عام، مع التعهد بمواصلة مطاردة المتهمين بالارهاب في العالم.

واذ اشاد اوباما بصمود الاميركيين في ظروف اقتصادية صعبة سعى الى بث التفاؤل متعهدا بتعزيز اوضاع الطبقات الوسطى.

وقال "معا ازلنا ركام الازمة، ويمكننا القول الان بثقة متجددة ان حالة اتحادنا اقوى"، في الخطاب الذي القاه في مجلس النواب وقاطعه الحضور 68 مرة مصفقا.

وشكل الخطاب امام الكونغرس المنعقد بمجلسيه افضل فرصة متاحة لاوباما من اجل عرض خططه لولايته الرئاسية الثانية في بلد يشهد انقساما سياسيا حادا.

وقال اوباما ان على واشنطن ان تعالج مسالة العجز الكبير في ميزانيتها، معتبرا ان الاقتطاعات الحادة في النفقات بقيمة مليارات الدولارات التي تهدد الاقتصاد الاميركي في الاول من اذار/مارس ما لم يتم التوصل الى اتفاق بشان العجز المالي، تعتبر "فكرة سيئة فعلا".

وانتقد خطط الجمهوريين لتعديل نظام التقاعد والضمان الصحي للمسنين معتبرا انها "اسوأ من ذلك حتى".

وقال اوباما "ان جهودنا يجب ان تتجه نحو اقتصاد يسجل نموا ويولد وظائف جيدة للطبقات الوسطى"، ساعيا الى تنفيذ وعوده الانتخابية ببناء اقتصاد اكثر انصافا.

وجاء خطاب اوباما موجها بشكل واضح الى جمهور اميركي داخلي وشدد فيه على ان استثمارات الحكومة يجب ان تحفز استحداث الوظائف.

وقال ردا على حجج الجمهوريين "لسنا بحاجة الى دولة اكبر بل الى دولة اكثر فاعلية تحدد اولويات وتستثمر في نمو يقوم على قواعد عريضة".

غير ان الجمهوريين سارعوا الى الرد على اوباما سعيا لنقض خططه.

وقال السناتور ماركو روبيو الذي عهد اليه الجمهوريون بالرد على خطاب حال الاتحاد "الرئيس اوباما؟ يعتقد... ان الانكماش الاقتصادي حصل لان الحكومة لم تفرض ضرائب كافية، ولم تنفق اموالا كافية ولم تمارس الضبط والرقابة بشكل كاف".

وتابع "كما سمعتم اليوم، فان حله لجميع المشكلات تقريبا التي نواجهها هو المزيد من الضرائب والمزيد من القروض والمزيد من النفقات".

وتطرق اوباما الى مسالة ضبط الاسلحة النارية في البلاد داعيا في مرافعة مؤثرة الى اقرار تدابير للحد من الجرائم بواسطة الاسلحة النارية ، بعد المجزرة التي راح ضحيتها عشرون طفلا في مدرسة ابتدائية في كونتيكت في كانون الاول/ديسمبر.

وكان عدد من النواب الديموقراطيين دعوا عائلات ضحايا عمليات اطلاق نار الى حضور الخطاب، فيما دعت السيدة الاولى ميشال اوباما والدي تلميذة قتلت بالرصاص في شيكاغو بعد اسبوع على حضورها حفل تنصيب اوباما في واشنطن في 21 كانون الثاني/يناير.

وقال "ان اردتم ان تصوتوا بلا، فهذا خياركم. هذه المقترحات تستحق عملية تصويت" مثيرا تصفيقا حادا من اعضاء الكونغرس الذين وقفوا في تكريم لضحايا هذه الجرائم.

وفي ما يتعلق بافغانستان، اعلن اوباما عن سحب 34 الف عسكري من القوات الاميركية المتبقية في هذا البلد والبالغ عديدها 66 الفا بحلول فبراير 2014، تمهيدا للانسحاب الكامل حتى نهاية العام المقبل.

وقال "ان هذا الانسحاب سيتواصل وبحلول نهاية العام المقبل ستكون حربنا في افغانستان انتهت".

وفي سياق تطرقه ولو بشكل عابر الى السياسة الخارجية، قال اوباما ان التجربة النووية الجديدة التي اجرتها كوريا الشمالية الثلاثاء ستزيد من عزلتها وتعهد بالوقوف الى جانب حلفاء الولايات المتحدة الاسيويين وتعزيز نظام الدفاعات الصاروخية وقيادة العالم في رد حازم على طموحات بيونغ يانغ العسكرية.

وبالرغم من الانتقادات التي يواجهها بعدم التحرك حيال النزاع في سوريا التي حصد ما يقارب سبعين الف ضحية حتى الان، تعهد اوباما بمواصلة الضغط على نظام الرئيس بشار الاسد، واكد انه ملتزم بالدفاع بقوة عن اسرائيل التي يزورها الشهر المقبل.

وعلى صعيد اخر قال اوباما ان "على ايران ان تدرك ان الوقت الان هو لحل دبلوماسي" للنزاع حول ملفها النووي، في وقت من المقرر ان تجري جولة مفاوضات جديدة بين طهران ومجموعة 5+1 هذا الشهر.

وتعهد اوباما "بالقيام بكل الخطوات الضرورية لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي".

وفي ما يتعلق بالقاعدة قال اوباما ان التنظيم الارهابي بات "ظل" ما كان عليه في السابق متعهدا بمساعدة دول مثل اليمن وليبيا والصومال عن ضمان امنها، ومساعدة حلفاء مثل فرنسا على مكافحة المتطرفين في مالي.

وفي طرح جديد من نوعه، اعلن اوباما عن اطلاق محادثات رسمية بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حول معاهدة تجارية بين ضفتي الاطلسي تهدف الى اقامة منطقة تبادل حر، كما اعلن عن خطة جديدة للتصدي للهجمات الالكترونية على المؤسسات والبنى التحتية الاميركية.

ودعا الكونغرس الى التحرك حيال التغير المناخي وقال "يمكننا ان نختار ان نصدق الراي العلمي الطاغي والتحرك قبل ان يفوت الاوان".

والتزاما منه بالخط الذي اعتمده منذ سنوات، قال اوباما ان على روسيا والولايات المتحدة ضم جهودهما لتخفيض ترسانتيهما النوويتين.

وبالنسبة الى الهجرة، قال اوباما انه سيعمل على قانون لاصلاح نظام الهجرة يرسم المهاجرين غير الشرعيين طريقا للحصول على اوراق قانونية خلال اشهر.

وسيجول اوباما هذا الاسبوع على كارولاينا الشمالية وجورجيا ومعقله شيكاغو لتسويق خططه على طريقة الحملات الانتخابية.