هل أنا ورئيس الوزراء سواء؟
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
أزعجتني هذه الفكرة جداً، فأنا بكل تأكيد لا أشعر أنني أقف على قدم المساواة مع رئيس الوزراء أو حتى نائب في مجلس أمة في المنظومة المدنية الكويتية، وهذا، أكاد أجزم، هو حال كل فرد يعيش في دولة شرق أوسطية. بكل تأكيد أشعر أنني أحياناً أقوى من كثيرين، أستطيع بعلاقة معرفة أو وساطة متاحة أو بحكم موقعي العملي والاجتماعي أن أكون أقوى، أن أحقق أكثر وأن استحوذ على المزيد. وفي ذات الوقت، أشعر أنني أضعف وأقل أمام آخرين في المجتمع، حيث تنخفض قيمتي الإنسانية أمام قيمتهم التي يرفعها منصبهم أو علاقاتهم أو أعراقهم، يقف هؤلاء أمامي في كل شيء، صوتهم أعلى، حقوقهم أكثر، وبلا شك لو كنا نقف في طابور ما، فسيكون لهم السبق فيسحبهم منصبهم إلى مقدمة الصف دون الكثير من العناء من جانبهم.غير مهم أن يكون ذلك هو الواقع دائماً، المهم والمخيف والمؤذي أن أشعر أنا، وطبعاً الملايين غيري، بطبقية مستبدة تجعلني أقل إنسانياً فيدفعني ذلك لأن أستبد بالقليل الذي أملكه من قوى مجتمعية، وهكذا تدور الدائرة المريضة بنا، كل يشعر بالقهر وكل يبدده بقهر غيره. مقدار كبير من الأمان الذي أشعر به تبدد وأنا أبحث في داخلي عن سبب هذا الشعور، عن مصدر اعتقادي الراسخ أن هناك من هو قادر على إيذائي بحكم قوته ووصوله، ولأننا جميعاً نعيش بهذا الشعور بدرجة أو بأخرى، فكلنا فاقد للأمان، وكلنا فاقد للاستقرار وكلنا يتحرك بمنطق استخدام ما يتيسر من النفوذ. القانون ليس الحكم، والقيمة الإنسانية ليست الحكم، يبقى المال والنفوذ والاتصالات والمناصب لتحدد قيمتنا ونوعية الحقوق التي نستحقها. قد يقول قائل إن هذه حالة إنسانية موجودة في العالم أجمع بدرجة أو بأخرى. نعم، صحيح، لكن المصيبة هي عندما تصبح هذه الحالة القاعدة لا الاستثناء، المصيبة تكمن في شعورنا الصارخ بها، واقتناعنا التام بضعفنا وانهزامنا أمام هذه الماكينة المتوحشة، اعتقادنا الراسخ أنه قدرنا ولا يمكن أن يتغير. إنه شعور حزين.