اللقاء الذي سيعقده مَن يسمون "أصدقاء سورية"، والذي تقرر أنْ يضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وبالطبع الأردن والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية ومصر، هو ليس الاجتماع الأول الذي سيعقده هؤلاء وغيرهم، فهناك سلسلة اجتماعات ومؤتمرات عُقد أولها في تونس وتنقلت اللاحقة بين دول عديدة، لكن بصراحة فإن النتائج كانت "صفراً مربعاً"، وذلك إلى حدِّ أنَّ بعض قادة المعارضة وبعض مؤازريهم باتوا يرددون :"اللهم احمني من أصدقائي، أما أعدائي فإني كفيل بهم!".

Ad

هذا الاجتماع أو اللقاء أو المؤتمر الذي اقتصر فقط على المجموعة الصغيرة من هؤلاء "الأصدقاء" جاء بطلب من وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وأغلب الظن أنه أراده ليتخلص من الحرج الذي وضعه فيه الروس، الذين اتفقوا معه على ضرورة عقد مؤتمر دولي باسم "جنيف 2" لحل الأزمة السورية "سلمياً وسياسياً"، لكن وزير خارجيتهم سيرغي لافروف بادر إلى الإدلاء بتصريحات تفجيرية تجعل انعقاد هذا المؤتمر مسألة متعذرة وفي غاية الصعوبة، هذا إنْ لم يكن المطلوب هو أن يرفع المعارضون السوريون أيديهم ويستسلموا لنظام بشار الأسد، ويتم القفز من فوق أجساد وقبور عشرات الألوف من الذين قتلوا والعودة إلى ما قبل مارس (آذار) عام 2011، وكأنَّ شيئاً لم يحصل و"كأنك يا أبا زيد ما غزيت"!!.

ما قاله لافروف بعد عودة كيري غير الميمونة من منتجع كبار أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الراحل غير المأسوف على شبابه ولا على شيخوخته في "سوتشي" على البحر الأسود، يدل على أن الموقف الروسي تجاه هذه الأزمة الطاحنة لم يتزحزح عمَّا كان عليه ولو بمقدار قيد أُنملة، ويدل على أنَّ الروس ماضون في رعاية هذه الحرب التدميرية القذرة التي يشنها هذا النظام الدموي على شعب ثبت أنه ليس شعبه وبدوافع طائفية يُؤكدها دخول إيران وحزب الله الإيراني على خط القتال في منطقة "حمص" الحيوية والاستراتيجية.

وهكذا فإن السؤال الذي من المفترض أنْ يطرحه "أصدقاء سورية" على أنفسهم اليوم بمجرد انعقاد اجتماعهم هو: هل من الممكن أنْ ينعقد المؤتمر الدولي (جنيف2) الذي يجري الحديث عنه، في حين يصرُّ لافروف الذي أثبت أنه جنرال هذه الحرب التي يشنها نظام الأسد ومعه إيران وحزب الله الإيراني على الشعب السوري، على ضرورة أن تأتي المعارضة السورية إلى هذا المؤتمر بدون شروط مسبقة وأن تكون المشاركة الرسمية لهذا النظام من خلال كبار جنرالات الجيش النظامي ومن الطاقم الحكومي الذي أدار المعركة السياسية، وأيضاً أن تكون وزارتا الداخلية والدفاع خارج صلاحيات الحكومة الانتقالية المطروحة، وكذلك ألاَّ يكون تنحي بشار الأسد مطروحاً قبل عام 2014.

إذنْ مادامت هذه هي شروط الروس لانعقاد المؤتمر الدولي (جنيف2) فإن المفترض أن يبحث "أصدقاء سورية" الذين سيلتقون في عمان اليوم إمكانية حضور هذا المؤتمر مادام أنَّ هذا الأفق الروسي هو أفقه، وما دام أن "أصدقاء بشار الأسد" بادروا إلى كل هذا التصعيد العسكري حيث واصلت روسيا إرسال الذخائر والأسلحة والصواريخ وحيث دخل الإيرانيون الحرب بكل ثقلهم مباشرة ومن خلال حزب الله.

عندما يلجأ "أصدقاء النظام السوري" إلى كل هذا التصعيد عشية انعقاد المؤتمر الدولي الذي اتفق الأميركيون والروس على عقده بدون التشاور مع حلفائهم وأصدقائهم، فإن المفترض أن يكون جدول أعمال لقاء "أصدقاء سورية" الذي سينعقد اليوم في عمان من بند واحد فقط هو: "تقديم الدعم اللازم العاجل للجيش السوري الحر" لتمكينه من الدفاع عن شعبه، والرد على هذه المذابح البربرية التي يرتكبها نظام بشار الأسد بالأسلحة الروسية وبمشاركة مباشرة معلنة من قبل إيران ومن قبل حزب الله.