يوضح الخبير التربوي د. وليد نادي أن ظاهرة العنف، وما ينتج منها من تراكم خبرات سيئة، تؤثر سلباً في صغار السن وتدفعهم نحو سلوك عدواني، وتصيبهم بأعراض سيكوباتية، وتستلب صفاتهم السوية، وتستبدلها بعصبية زائدة، ومزاج حاد، وميل إلى الشجار.

Ad

يحذر نادي من المردود السلبي لما يبثه بعض القنوات الفضائية، وتزيينها لسلوكيات غير سوية للأطفال والشباب، وإفساد ذوقهم العام من خلال الإعلانات غير الملائمة وأفلام الكارتون التي تحضّ على الجريمة والاستهتار بالقيم، ما يؤدي إلى زيادة وتيرة العنف.

يضيف: «في السنوات الأخيرة، زادت نسبة المترددين على العيادات والمراكز النفسية، في بعض المجتمعات العربية، وتسببت مظاهر العنف بسيطرة القلق والخوف المرضي، والشعور بالإحباط والاكتئاب، لا سيما لدى صغار السن. أما علاجها فيكمن في تعزيز قيم الاحترام، والالتزام بأدب الحوار وثقافته، وترسيخ مشاعر الانتماء».

ويرى نادي أن الأخلاق عملية مكتسبة أكثر منها موروثة؛ فهي لا تنتقل من الآباء إلى الأبناء كما تنتقل الصفات الجسمية؛ «يولد الطفل في الأساس على فطرة خيّرة تميل نحو مكارم الأخلاق أكثر منها فطرة شريرة أو ذات نزعات إجرامية، ويمكن تشكيلها سلباً أو إيجاباً».

يوضح أن المؤثرات الخارجية تنعكس على سلوك الطفل والمراهق، وتدفعهما إلى محاكاة نموذج أو شخصية درامية غير سوية، كذلك غياب التربية الصحيحة في توجيههما وإرشادهما، وفوضى تصفحهما لمواقع الإنترنت، واعتيادهما مشاهدة أفلام تكرّس العنف. يشير إلى أن ثمة فرضية أخلاقية ودور تربوي ومجموعة من القيم والمبادئ تشكل الوعي والوجدان، وتُكتسب خلال مراحل العمر، وفق تعامل مجتمعي وأسري.

وينصح نادي بضرورة اهتمام الآباء بسلوك أبنائهم، وتوجيههم إلى القدوة الإيجابية، وتعزيز الثقة بأنفسهم، والخروج من دوائر العزلة، وتنمية قدرتهم على الحوار وإبداء الرأي، وتشجيعهم على ممارسة هواياتهم المفضلة، وإطلاق ملكاتهم الخاصة نحو الإبداع والابتكار.

المدرسة السلوكية

تؤكد الخبيرة النفسية د. رحاب العوضي أن البيئة تؤثر في سلوك الشخص سلباً وإيجاباً، وثمة أمراض نفسية يسببها تراكم الخبرات السيئة وكبت الانفعالات، وهذا ما أقرته المدرسة السلوكية.

تضيف: «يمكن علاج الظاهرة، بإزالة أسبابها من بينها: التربية الخاطئة، التدليل والقسوة الزائدة، غياب الدفء الأسري، عدم إرشاد الطفل حول التعامل الصحيح مع الإنترنت، وتصفحه لبعض المواقع المحرضة على العنف».  

ترى أن ثمة مسؤولية مشتركة للأسرة والمجتمع والمدرسة وأجهزة الإعلام، وعليها جميعها التعاطي مع احتياجات النشء وتنمية قدراته الفكرية، وتركيز الأعمال الدرامية على الشخصيات الإيجابية، وعدم تجسيد المجرمين والأشرار كأبطال خارقين.

توضح العوضي أن السلوك السوي مرادف للحب والعطاء والرحمة، ويقوم على توثيق الارتباط بين الآباء والأبناء، المصارحة والتسامح وتعزيز الثقة في نفوسهم، «يصيب العنف الأطفال بأمراض نفسية خطيرة، ويدفعهم إلى محاكاة ما يشاهدونه من شخصيات سيكوباتية في الواقع أو عبر الشاشات».

العنف المرئي

يحذر الخبير النفسي د. محمد خطاب من آثار العنف المرئي، من ترسيخ نزعات عدوانية، وانجراف اعتيادي للعصبية الزائدة، وإيذاء النفس والآخر، المترتبة عن إدمان الأطفال مشاهدة أفلام الرعب والجريمة المنتشرة في بعض مواقع الإنترنت، وهي متاحة للأعمار كافة، وعدم إرشادهم حول التعامل الصحيح مع الشبكة العنكبوتية.

يضيف أن العنف لدى الصغار، ظاهرة عالمية، وثمة جرائم كثيرة ارتكبها طفل أو مراهق، إثر مشاهدة منتظمة لأفلام الرعب والجريمة، وتعاظم انتشار «الميديا»، وتأثر الصغار بالصورة الجذابة للقاتل أو الشبيح، محملا المسؤولية إلى صناع تلك الأعمال وتزييفهم للواقع، وتجسيدهم لنموذج البطل الشرير.

ويرى خطاب أن الخلط بين الواقع والخيال، ينسحب على وعي الصغار، ويصيبهم بأوهام وهلوسات، في غياب رقابة أسرية، ما يسجن الطفل أو المراهق في دوائر مغلقة، وتأثيرات عصبية ونفسية ضاغطة، ويصبح العنف بديلا للكبت، وهو أحد أبرز تداعيات التربية الخاطئة.

يمكن التغلب على هذه الظاهرة، برأيه، من خلال تعامل الآباء مع أبنائهم بأسلوب تربوي صحيح، وإحلال لغة الحوار بديلا للزجر والتعنيف، وأن تربط بينهم صداقة قوية، وأن يشب الطفل على صفات الشجاعة وإبداء الرأي، والقدرة على التعبير عن ذاته من دون خوف أو ترهيب.

ويشدد خطاب على نهوض المؤسسات الإعلامية والثقافية بدورها في حماية النشء، وتشكيل وعيه ووجدانه بقيم الانتماء والأخلاق، وإبراز القدوة الصالحة، وتحري الدقة والموضوعية في تناول الأحداث، ونبذ مظاهر الفوضى والعنف.

نصائح مهمة

يقدم الخبراء في علم النفس والتربية نصائح لعلاج ظاهرة العنف لدى الأطفال والمراهقين:

• تعزيز الروابط الوجدانية وأدب الحوار بين الآباء والأبناء.

• توجيه الأبناء نحو القدوة الصالحة، وتوعيتهم باعتماد سلوك إيجابي وقيم الانتماء.

• الأخذ بأسباب الوقاية، لمنع حدوث مضاعفات، وتأخر فرص الشفاء.    

• تعزيز الثقة في نفوس الأبناء، وتحفيز قدراتهم على الإبداع والابتكار.

• الاكتشاف المبكر للنزعات السيكوباتية واستشارة طبيب اختصاصي.

• اهتمام أجهزة الإعلام بتوعية الآباء حول أساليب التربية الصحيحة.

• السلوك السوي للطفل والمراهق مسؤولية مشتركة بين المجتمع والأسرة والمدرسة.

• تعزيز السلوك السوي يحمي الأبناء من النزعات العدوانية.

• التعامل الخاطئ مع {الميديا} يؤدي إلى محاكاة الشخصية الشريرة.

• اعتياد مشاهدة أفلام العنف يسبب أمراضاً نفسية خطيرة.