ترى «بين آند كومباني» في الأفق خمس تكنولوجيات تبشر بالأرباح، وهي: تكنولوجيا النانو، وهندسة الروبوتات، والتكنولوجيا الأحيائية، والبحث الجينومي، والذكاء الاصطناعي.
ما الذي يحدث حين يكون هناك رأسمال وفير يزيد على الحد؟ ربما تكون هذه مشكلة يتمنى المرء أن يعانيها، لكنها تتطلب حلولا يفتقر إليها العالم في الوقت الحاضر. حين نقيس رأس المال على أنه مجموع جميع الأصول المالية، فإن رأس المال العالمي يكون قد تضاعف ثلاث مرات بين 1990 و2010، وفقاً لشركة بين آند كومباني للاستشارات الإدارية. وكان ذلك مدفوعاً بـ»الفهلوة» المالية وزيادة الرفع المالي. وفي الوقت الذي كانت فيه الشركات المالية تُدخِل منتجات جديدة، وكان الناس يبحثون عن طريق جديد للادخار، تَفَوَّق عرض الأصول المالية على النمو في الاقتصاد الكامن. وأدت الأزمة المالية إلى تباطؤ هذا النمو، لكن الطلب المتزايد على منتجات الادخار في الصين والأسواق الناشئة الأخرى سيُبقي عرض الأصول المالية في حالة نمو. ورقم «بين آند كومباني» التقريبي، الوارد في تقرير بعنوان «عالم سابح في بحر من المال»، يتوقع زيادة أخرى بنسبة 50 في المئة ليصل مستوى رأس المال إلى 900 تريليون دولار بحلول 2020. تخمة رأس المال وعلى افتراض أن أرقام شركة الاستشارات صحيحة، يمكن لتخمة رأس المال أن تؤدي إلى مشاكل. ونحن نعلم ما يحدث حين يسعى رأس المال الزائد عن الحد إلى ملاحقة العوائد: يغلب على الناس الإهمال وعدم الاكتراث، وتبدأ الفقاعات بالتشكل بسرعة. فما الذي ينبغي أن نفعله حيال ذلك؟ أولاً لا بد أن يخفض المستثمرون توقعاتهم. ولا بد أن تقبل صناديق التقاعد بأن العوائد ستكون أدنى من ذي قبل، وأن تضع ميزانياتها على هذا الأساس، وأن تتجنب إغراء ملاحقة العوائد. ثانياً، لا بد أن نكون أكثر حذراً من خطر الفقاعات. وهنا تحتاج الشركات إلى معرفة متى تكون العوائد غير قابلة للتكرار. وتحتاج الحكومات إلى أن تحترس ضد مشاكل أسعار الأصول المبالِغة في انتفاخها. وثمة نقطة مهمة أثارتها كارين هاريس، من «بين آند كومباني»، وهي أن أمناء الخزانة في الشركات، الذين يتدبرون أمر الميزانيات العمومية، سيتعين عليهم التفكير مثل مديري صناديق التحوط. وهي تعني بهذا أنه لا بد لهم من أن يُقَيِّموا بصورة واعية مخاطر الهبوط الحاد في أسعار الأصول، وفي الوقت نفسه السعي لاستخدام الميزانية العمومية سلاحاً تنافسياً. وتقترح «بين آند كومباني» أن ينظر المستثمرون في الأسواق الناشئة، وهي موطن خلق رأس المال الجديد، حيث المستوى المتدني من التطوير يشير إلى أن من الممكن استخدام رأس المال بصورة منتجة. وتوصي كذلك بالبحث عن استثمارات في «الأفق البعيد»، وترى في الأفق خمس تكنولوجيات تبشر بالأرباح، وهي تكنولوجيا النانو، وهندسة الروبوتات، والتكنولوجيا الأحيائية، والبحث الجينومي، والذكاء الاصطناعي، و»الاتصال على أوسع نطاق». تنويع المخاطر بالنسبة لشركة بين آند كومباني، السعي وراء استثمارات طويلة الأجل من هذا القبيل «لن يكون فقط شيئاً ترى الشركات أنها قادرة على القيام به، وإنما سيكون أمراً يدل تنفيذه على الحصافة». ولأن رأس المال يتدفق في جميع فئات الأصول، ما يدفع العوائد إلى الأدنى ويرفع من علاقات الارتباط، يصبح من الصعب بصورة متزايدة باستمرار تنويع المخاطر. وبالتالي، الانحناء باتجاه الأمد الطويل يصبح طريقة لتجنب هذه المشاكل. والمشكلة هنا هي أن التركيز على تكنولوجيا «الأفق البعيد» والأسواق الناشئة ساهم في نشوء فقاعات استثمارية مذهلة في الماضي. وحين نتطلع إلى الأمام، على مدى عقد أو عقدين، فإن معظم الأسواق الناشئة يفترض أن تسجل نمواً يفوق نمو البلدان المتقدمة، والاستثمار في شركات التشغيل لهذه التكنولوجيات الجديدة يفترض أن يكون قد حققت بعض النتائج. لكن كان من الممكن قول الشيء نفسه بالضبط عن الإنترنت في 1999. هناك علامات تجارية كانت مهيمنة على الإنترنت قبل 15 سنة فقط، وتشتمل على أسماء مثل إنفوسيك وألتا فيستا وإكزايت. وكان من الممكن لأية شركة من تلك الشركات أن تتحول إلى غوغل، لكنها لم تفعل. فقاعة ملحمية وفي 1999 كانت النتيجة فقاعة ملحمية ضخمة لم يستفد منها أحد. ولأن المستثمرين لم يكونوا يعلمون ما الشركات التي ستكون هي الفائزة، قاموا بكل بساطة بشراء الأسهم في كل شركة دخلت إلى السوق لتعويم أسهمها. ولا يمكن أن نستهين بفقاعة الإنترنت ونعتبر أنها حدث لن يتكرر. ففي منتصف العقد الماضي، تمتع الوقود البديل بفقاعة ضخمة بالقدر نفسه تقريباً، وتضاعفت أسعار العقود الآجلة للإيثانول وأسهم شركات إنتاجه عدة مرات قبل أن تنهار. وبالنسبة للأسواق الناشئة يعتبر نمو الصين مذهلاً، لكن الفقاعة في أسهم الشركات الممتازة في بورصة شنغهاي في أواخر 2007 كانت في مستوى أي هوس استثماري آخر في التاريخ. ولأن هناك الكثير من رأس المال الذي يبحث عن موطن، فهل نحن بحاجة إلى بديل للأسهم العامة والاكتتابات العامة الأولية؟ حين يستحوذ الهوس على الأنفس، من السهل أن نرفع رأس المال من خلال إطلاق شركة جديدة. لكن قبل أن يحدث الهوس، يغلب أن يكون هناك عنق زجاجة من التمويل الموجه نحو الشركات الصغيرة – الأسواق العامة ليست جيدة في تمويلها، في حين تظل البنوك عازفة عن ذلك. إذاً، ما البدائل المتاحة؟ وضع مزيد من الثقة في الحكومات من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص يعد أحد الخيارات، رغم أن الكثيرين سيعترضون على ذلك. وهناك بديل أكثر تطرفاً وإمتاعاً يكمن في التمويل الجديد الذي يبرز الآن ويقوم على نماذج «النظير إلى النظير» أو التمويل الجماعي. وبدلاً من أن تتحول الشركة الخاصة إلى عامة قبل الأوان، كما حدث في فقاعة الدوت كوم، تستطيع الشركات التي تطور تكنولوجيات جديدة زيادة التمويل بالدين من مقرضين جماعيين. ربما يعمل هذا حتى على تكرار عدد من أفضل ميزات المصرفية التقليدية، التي يتم فيها اتخاذ القرارات من قبل مسؤولي الإقراض والتمويل الذين يفهمون الشركات والأعمال التي يتخصصون فيها، من جميع جوانبها. وبطبيعة الحال يمكن أن تصاب الجماهير بالجنون. لكن رأس المال الزائد عن الحد يبحث عن موطن، وأرى أن مخاطر التخصيص الخاطئ واضحة. ويجدر بالمستثمرين النظر في طرق جديدة لتوجيه الرساميل. (فايننشال تايمز)
اقتصاد
تكنولوجيا «الأفق البعيد» قطاع جدير باهتمام المستثمرين
22-08-2013