«تعزيز الديمقراطية» في «الخريجين»: الفكر الحكومي العربي لا يقبل الشراكة وغايته تدجين المجتمعات

نشر في 17-09-2013 | 00:02
آخر تحديث 17-09-2013 | 00:02
No Image Caption
«منظمات مجتمع مدني ضحت بمبادئها لتحقيق مكاسب وتحولت إلى منابر حزبية مبطنة»
اعتبر المتحدثون في الجلسة الحوارية عن «دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز العمل الديمقراطي» التي نظمتها جمعية الخريجين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت، أن أهم أسباب ضعف منظمات المجتمع المدني تحولها من التخصص إلى «بتاعة كله».

تحت عنوان «دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز العمل الديمقراطي»، استضافت جمعية الخريجين مساء أمس الأول الجلسة الحوارية التي نظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت، بمناسبة اليوم الدولي السادس للديمقراطية.

وأعرب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت د. مبشر شيخ عن بالغ سعادته وتقديره للجهود المضنية التي بذلتها جمعية الخريجين في تنظيم هذه الأمسية بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية، مشيداً بالدور الفاعل الذي تقوم به الجمعية في تعزيز الديمقراطية، ودعم حقوق الإنسان في الكويت.

مبادئ الأمم المتحدة

وقال شيخ في كلمة له خلال الجلسة «إن الديمقراطية هي أحد المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها الأمم المتحدة غير القابلة إلى التجزئة، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسيادة القانون وممارسات حقوق الإنسان والحريات العامة»، لافتا إلى أن الجملة الافتتاحية من ميثاق الأمم المتحدة «نحن الشعوب» تعكس المبدأ الأساسي للديمقراطية، «أن إرادة الشعب هي مصدر شرعية الدول ذات السيادة»، من ثم هي مصدر شرعية الأمم المتحدة.

ولفت شيخ إلى أن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يسعيان إلى معالجة أوجه القصور في العملية الديمقراطية، من خلال الخدمات الاستشارية وبرامج التعاون التي يقدمانها، معتبرا أن الحكومات الديمقراطية من منظور الأمم المتحدة هي الأداة التي يتعزز من خلالها دور الأفراد والشعوب دون أي استثناءات، ومن هذا المنطلق ساند برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2011، أكثر من 130 دولة على مستوى العالم ما يجعل البرنامج أكبر مزود في العالم للخدمات الاستشارية والتقنية لتعزيز الديمقراطية.

وأضاف شيخ «أنه بالشراكة مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، والأمانة العامة لمجلس الأمة الكويتي بدأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع دعم قدرات الأمانة العامة لمجلس الأمة، حيث يهدف المشروع إلى تطوير القدرات المؤسسية التي ستمكن المجلس من رفع كفاءة أجهزته عموماً، وبصورة فعالة من أجل تحقيق مستحقات ولايته الدستورية».

دولة الدستور والقانون

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الخريجين الكاتب الصحافي إبراهيم المليفي «إن الديمقراطية لا يمكن أن تقف عند حدود الاقتراع للمجالس النيابية أو البلدية فحسب، فهي بالاضافة إلى ذلك سلوك مجتمعي على مستوى الأفراد والمؤسسات، فلا ديمقراطية بلا ديمقراطيين، ولا قدرة لهؤلاء على ممارسة ديمقراطيتهم بلا مؤسسات حكومية ومدنية تجسد دولة الدستور والقانون».

وأضاف «إننا في جمعية الخريجين، وكما عهدتمونا نعمل جاهدين على تأدية واجبنا تجاه هذه القضية، مستمدين قوتنا ودافعنا من دستور 1962، وهناك مئات الأنشطة والندوات والمؤتمرات التي عقدتها الجمعية خلال الأعوام الخمسين من عمرها، وحرصنا دوماً على مشاركة جمعيات زميلة في هذه الأنشطة، كما نفعل هذه الأيام في حملة (الكويت دولة مدنية) وقبلها حملة (المواطنة الدستورية)، إلى جانب المواقف التي حرصت الجمعية على تسجيلها بشكل مبدئي للتعبير عن موقفها من الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية والتأكيد على أسس الديمقراطية ومقوماتها».

محاولات انتهاك القانون

وأوضح المليفي أن «الجمعية تصدت مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني لكثير من محاولات انتهاك القانون والتعدي على حريات الناس العامة والخاصة التي كفلها الدستور، كما فعلت عند استضافتها لمنتدى النهضة الذي قررت وزارة الداخلية آنذاك إلغاءه بسبب التدخل النيابي والخوف من مواجهة المساءلة السياسية، والأمر ذاته حدث عندما أصرت الجمعية على استمرار أعمال المؤتمر الأول لعديمي الجنسية بعد قرار إلغائه لأن الجهة القائمة عليه وهي مجموعة الـ (29)، لم تكن مرخصة، فقرر مجلس إدارة الجمعية اعتباره أحد أنشطة الجمعية لتجاوز ذلك الإشكال».

وأضاف «تمكنت الجمعية أيضا من مواجهة قرارات حكومية كثيرة يراد منها تقليص مساحة الحريات التى يمارسها الأفراد من خلال مؤسسات المجتمع المدني عندما أصدر مجلس الوزراء قراره الشهير المعروف بـ (666) قبل عامين، ليمنع هذه المؤسسات من مخاطبة أى جهة حكومية إلا من خلال وزارة الشؤون، وكذلك التصدي لمحاولات إنشاء ما سمي مرة باتحاد جمعيات النفع العام ومرة أخرى بهيئة الرقابة على الجمعيات وأسماء أخرى لها نفس الغرض، إضافة إلى الموقف من تغيير قانون جمعيات النفع العام لمزيد من التضييق والقيود، حتى وجدنا أنفسنا نعمل على الإبقاء على القانون السيئ خشية مما هو أسوأ».

ما هو المجتمع المدني؟

بدوره، أعرب الممثل المقيم المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت د. مبارك العدواني عن سعادته للمشاركة في هذه الجلسة الحوارية الهامة، معرفاً المجتمع المدني بأنه جميع أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة، حيث تشمل هذه الأنشطة المتنوعة تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، أو التأثير على السياسات العامة.

وقال العدواني «إن الكويت بدأت مبكرا في ستينيات القرن الماضي وعقب حصولها على الاستقلال مباشرة، إقرار حزمة من القوانين التي تهدف إلى إنشاء مجتمع مدني متحضر، حيث أشهرت خلال هذه الفترة جمعيات النفع العام، والجمعيات الأهلية، وخصصت الدولة الأراضي لإنشائها، فضلاً عن تقديمها دعماً مالياً سنوياً يمكنها من القيام بأنشطتها»، مشيرا إلى أن هذا الدور الذي كانت تؤديه الدولة تراجع، والبعض يرى أن هذا التراجع يصب في مصلحة منظمات المجتمع المدني، التي يتوجب ألا تظل مرتبطة مالياً بالحكومات، حتى يتسنى لها القيام بمهامها دون أي تأثيرات أو توجيهات خارجية.

ولفت العدواني إلى أن المجتمع المدني يواجه الآن تحولاً من الصيغة الفردية إلى الإلكترونية، معتبراً أن النتائج المخيبة للآمال التي انتهت إليها ثورات ما يعرف بـ»الربيع العربي»، جاءت انعكاساً لضعف وتراجع منظمات المجتمع المدني في تلك البلدان، التي حرصت أنظمتها الحاكمة على إضعاف دور المجتمع المدني، أو تدجينه ليكون طيعاً في يديها.

الدعم الحكومي

من جهته، أكد رئيس قسم العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت د. علي الزعبي أن «المجتمع المدني هو كل ما هو غير الدولة، ولا يكون تابعاً لها بصورة أو بأخرى، معتبراً أنه لا يوجد مجتمع مدني في الكويت، كونه يحصل إلى الآن على دعم مالي من الحكومة، وهذا ضد فكرة قيام المجتمع المدني».

وقال الزعبي «إن منظمات المجتمع المدني كافة في الكويت صرحت حول تعديل آلية التصويت في انتخابات مجلس الأمة، بما في ذلك اتحاد المزارعين، واتحاد الجمعيات التعاونية، وهذا ضد فكرة التخصص التي يقوم عليها المجتمع المدني، في الدفاع عن جانب أو قضية بعينها»، لافتا إلى أن أهم أسباب ضعف منظمات المجتمع المدني تحولها من التخصص إلى «بتاعة كله»، مشدداً على ضرورة أن يكون المجتمع المدني «دولة الظل»، وجزءا من دولة المؤسسات بمفهومها المعاصر.

وأوضح أن الدول العربية من المحيط إلى الخليج يتسيد فيها مفهوم الدولة القوية في مواجهة المجتمع المدني الضعيف، مرجعاً السبب في ذلك إلى نجاح الأنظمة في هذه الدول في تحويل منظمات المجتمع المدني إلى منظمات تعمل تحت إدارة الدولة، مشيرا إلى أن الفكر الحكومي العربي لا يقبل بالشراكة سواء على المستوى السياسي مع الأحزاب أو الكتل السياسية، أو على مستوى المجتمع المدني، مؤكداً أن منظمات المجتمع المدني في العالم العربي عن بكرة أبيها ترتمي طوعاً في أحضان الحكومات، وتضحي بالكثير من مبادئها في سبيل تحقيق مكاسب معينة، معتبراً أن تحول منظمات المجتمع المدني إلى منابر حزبية مبطنة تعبر عن توجهات الكتل السياسية من أكبر الأخطاء التي أضعفت المجتمع المدني.

المجتمع المدني... والقبيلة

وبدوره، تساءل الكاتب الصحافي خليل حيدر: هل القبيلة تعد من مؤسسات المجتمع المدني؟، مستدركا بالقول «إن ما يبعد القبيلة عن المجتمع المدني، أنه لا يستطيع أي شخص الانضمام إليها ما لم يكن منتسباً بالاسم إليها»، مشيرا إلى أن منظمات المجتمع المدني في الكويت مشتتة الرأي، وتتعارض في الكثير من الأمور، مؤكداً أن السواد الأعظم من هذه المنظمات لا يؤمن بمواد الحريات في الدستور.

ومن جانبها، أكدت عضوة مجلس إدارة منظمة الخط الإنساني المحامية إسراء العميري أن منظمات المجتمع المدني تختلف عن المنظمات السياسية كونها لا تسعى الى الربح، إنما هدفها تحقيق المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية، مشددة على ضرورة اتفاق تطلعات منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، لاسيما أن هذه المنظمات تهدف إلى تغيير سياسات لا إلى تغيير أفراد.

أما نائبة رئيس لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين شيخة الجليبي فقالت «إن ثمة اجتهادات متنوعة في تعريف مفهوم المجتمع المدني تعبر عن تطور المفهوم والجدل حول طبيعته وأشكاله وأدواره، فالمعنى المشاع للمفهوم هو الذي يحكمه القانون تحت سلطة الدولة، لكن المعنى الأكثر شيوعاً هو تمييز المجتمع المدني عن الدولة، بوصفه مجالاً لعمل الجمعيات التطوعية والاتحادات مثل النوادي الرياضية وجمعيات رجال الأعمال وجماعات الرفق بالحيوان، وجمعيات حقوق الإنسان، واتحادات العمال وغيرها».

back to top