لو أن أهل القمة العربية، التي بدأت أعمالها على مستوى القادة أمس في الدوحة في قطر، يستمعون لآراء الذين يمتهنون الكتابة والقراءة لقلنا لهم إنَّ الأفضل لهم ولسورية وللشعب السوري ألا يذهبوا إلى مجلس الأمن الدولي بأي اقتراح يتفقون عليه لوضع حدٍّ لكل ما يجري في هذه الدولة العربية الشقيقة العزيزة، فهذا المجلس اختبر على مدى نحو عامين متواصلين، وثبت أنه عاجز عجزاً تاماً، وأنه غير قادر على فعل أي شيء مادامت روسيا مصممة ومستمرة في استخدام سلاح "الفيتو" ضد أي مشروع حلٍّ ما لم يكن لمصلحة نظام بشار الأسد، وما لم تكن نتيجته تثبيت هذا النظام ككابوس ثقيل على صدور السوريين لثلاثين سنة قادمة.

Ad

لا جدوى من الذهاب إلى مجلس الأمن بأي اقتراح، اللهم إلا إذا كان يضمن بقاء بشار الأسد وبقاء نظامه، وإلا إذا كان يعزز التآمر على الشعب السوري والمعارضة السورية، قبل التأكد من إسقاط "الفيتو" الروسي، إمَّا من خلال شراء الذمم والأساليب الملتوية المعروفة، وإما بتهديد موسكو بمصالحها في المنطقة العربية وخاصة بمصالحها الحيوية والاستراتيجية في دول الخليج العربي، فالروس لا يفهمون إلا هذه اللغة... ولغة أخرى هي أن يتمكن العرب وهم لن يتمكنوا من إقناع الولايات المتحدة بالاستجابة لما يطلبه فلاديمير بوتين من تنازلات أميركية إن في اتجاه الجمهوريات الإسلامية التي تعتبر ملحقاً بما يعتبر اتحاداً روسيا وإن بالنسبة لمسألة قواعد أميركا الصاروخية في بعض الدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق وفي بعض دول أوروبا الشرقية.

إنها ستكون مجرد محاولة "رفع عتب" ومجرد تهرّبٍ من الموقف الصادق والصحيح، الذي هو دعم المعارضة السورية الدعم الذي يوفر لها التفوق على نظام بشار الأسد، أنْ يذهب العرب بمشروع عرض حالٍ جديد إلى مجلس الأمن الدولي سيكون مصيره بالتأكيد كمصير عروض الحال الذي سبقته، فهذا المجلس ثبت أنه معطل وأنه سيبقى معطلاً وسيبقى عاجزاً تجاه الأزمة السورية ما لم تغير روسيا مواقفها وما لم تتخل عن دعمها لهذا النظام البغيض وتتوقف عن مدِّه بكل الأسلحة التي يريدها، ومن بينها الأسلحة المحرمة دولياً. والواضح أنها مستمرة في مواصلة الاستفادة من عامل الوقت، وأنها لن تتخلى عما ألزمت نفسها به وبدأت بممارسته منذ اللحظة الأولى.

ثم إنه من غير الممكن أن يتراجع بشار الأسد خطوة واحدة عن مواقفه التي بقي يعلنها وبقي يصر عليها منذ بداية هذه الأحداث التي تعصف بسورية مادامت روسيا تقف فعلاً إلى جانبه وتحارب حربه بالسلاح والرجال وبكل شيء، ومادام الولي الفقيه علي خامنئي يفرد قماش عمامته السوداء فوق دمشق وفوق الأراضي كلها، ومادامت عمليات تهريب الأسلحة والذخائر والمقاتلين من اللون الطائفي المعروف مستمرة عبر الأراضي والأجواء العراقية.

لا يجوز أن تنتهي هذه القمة بالنسبة لدولة عربية، أقحمها نظام بشار الأسد في هذه الحرب الضروس المدمرة التي من الواضح أنه لا نهاية لها إلا بانتصار أحد الطرفين على الآخر، بمجرد إرسال عرض حالٍ جديد إلى مجلس الأمن الدولي الذي ثبت خلال عامين متلاحقين وأكثر أنه بات عاجزاً وغير قادر على فعل أي شيء ولو من قبيل ما يسمى "وهم الحركة" ما دام هذا الـ"فيتو" الروسي مستمراً بالارتفاع فوق رأسه، ومادامت الولايات المتحدة تواصل اتخاذ هذه المواقف المائعة، وتواصل التذرع بحجج غير صحيحة.

إنه إذا أرادت هذه القمة، التي من المفترض أن تنهي أعمالها اليوم، أن تعزز خطوة إعطاء مقعد سورية للمعارضة السورية وهي خطوة شجاعة وفي غاية الأهمية فإن عليها أن تقدم لهذه المعارضة كل ما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومواقف سياسية صلبة، فالأمور باتت مكشوفة وبات من غير الممكن تغطية عين الشمس بغربال، فهذا هو الموقف الذي سيعجل في حسم هذه المعركة المصيرية المحتدمة، والذي سينهي عذابات هذا الشعب العزيز، وهو موقف لا موقف أهم منه.