يبدو أن مشكلة من نوع جديد بدأت بالتفاعل في قطاع الطاقة الأميركي، وهي لا تتعلق هذه المرة بالمخاوف الخارجية الناجمة عن اضطرابات محتملة –جيوسياسية– في مناطق الانتاج، ولا بنقص المخزون النفطي الاحتياطي في الولايات المتحدة، بل بما سيكون عليه الحال بالنسبة الى النفايات النووية في أعقاب الزيادة الكبيرة في عدد المفاعلات النووية في شتى أنحاء البلاد.

Ad

وذكر تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز ان هذه المشكلة غدت أكثر الحاحاً في الوقت الراهن بحكم ما تنطوي عليه من تداعيات مقلقة، وكان أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي تقدموا بمشروع قانون يهدف الى العمل على توفير سبل من أجل تخزين لتلك النفايات النووية بصورة مؤقتة.

وتجدر الاشارة الى أن النفايات النووية يتم تجميعها في حاويات أو براميل فولاذية واسمنتية ضمن مواقع المفاعلات، وليس بالامكان نقلها الى أي مكان آخر حتى الآن.

نفقات مستمرة

وأضاف تقرير "نيويورك تايمز" ان خبراء الطاقة النووية لا يتوقعون حدوث انفراج وشيك في هذا الشأن، كما أن عملية التخزين تتطلب حراسة ونفقات مستمرة باهظة التكلفة في حال عدم وجود مفاعل على مقربة، ومن الطبيعي أن تقع تلك النفقات على كاهل دافعي الضرائب في نهاية المطاف، لأن وزارة الطاقة الأميركية قد تخلفت عن تنفيذ عقود كانت وقعتها في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وتقضي بالبدء في قبول النفايات النووية بغية دفنها في سنة 1998. ونتيجة لذلك فإن الغرامات المالية المترتبة على هذا التخلف من قبل الحكومة الفدرالية الى المنشآت النووية ستصل الى مئات الملايين من الدولارات سنوياً.

وحسب التقرير فإن الحل المتمثل في توفير مواقع مؤقتة يواجه صعوبات ليس أقلها القانون الذي يحظر استخدام الموقع المؤقت قبل البدء بأعمال البناء هناك.

ومن المرجح أن تتطلب عملية اختيار موقع دائم من أجل التخلص من النفايات النووية عدة عقود من الزمن على أقل تقدير، ولهذا السبب فإن العثور على مكان ملائم تنطبق عليه صفة "مؤقت" سيواجه طائفة من القيود والعقبات، كما يمكن القول إن الحاجة تدعو الى العمل بوتيرة سريعة لحل هذه المشكلة في الأجل الطويل.

من جهة اخرى، افاد كريستوفر هانسن، وهو أحد كبار مستشاري الطاقة في وزارة الطاقة الأميركية، "نحن نفهم الفكرة القائلة إنه من الصعب حصر الوقود الذي توزع على العديد من المواقع في مكان واحد فقط".

ولاية مضيفة

يذكر أن لجنة خاصة بالتحقيق في مسألة البدائل المحتملة للتخزين أوصت في السنة الماضية بأن تسعى الحكومة الفدرالية الى ايجاد ولاية مضيفة راغبة -حسب وصفها– في تقبل تلك العملية، وطرح اسم ولاية نيفادا في ذلك الوقت.

لكن هذه الفكرة تنطوي على جوانب معطلة، كما أنها تشتمل على أسئلة فنية تتطلب الكثير من الوقت، وهو أمر لا يتناسب مع صفة الالحاح الراهنة، اضافة الى ضرورة تطوير عربات سكك حديدية تستطيع نقل البراميل بصورة آمنة.

وكانت الحكومة الأميركية دفعت في الآونة الأخيرة ما يصل الى ملياري دولار على شكل أضرار، وهي عرضة لالتزامات قانونية متزايدة ربما تبلغ المئات من ملايين الدولارات في كل سنة. ويقول ليك باريت، وهو مسؤول سابق في وزارة الطاقة الأميركية: "لو ان الحكومة تمكنت من اقامة موقع مؤقت للنفايات النووية لكان في وسعها توفير المليارات من الدولارات"، لكن هذه خطة وصفت بالطموحة من جانب العديد من المشاركين في مؤتمر نظمه مجلس البنى التحتية النووية في الولايات المتحدة.

يذكر أن لجنة التحقيق المشار اليها أكدت أن النفايات النووية تعتبر آمنة في مواقعها الحالية لفترات تمتد الى عقود طويلة من الزمن، وقد تم تخزينها منذ أكثر من 30 سنة، ومن المؤكد أن بالامكان تخزينها بشكل آمن لعقود عديدة اخرى.