العوضي لـ الجريدة•: يجب تجميد المشاريع النفطية الخارجية لأن المستوى أقل من الحد الأدنى

نشر في 30-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 30-04-2013 | 00:01
No Image Caption
«معظم أعضاء المجلس الأعلى للبترول عين عبر المحاصصة وغير متخصص»
أكد المدير السابق لمكتب مؤسسة البترول الكويتية في أوروبا عبدالصمد العوضي أن القطاع النفطي الكويتي تحول من تجاري إلى بيروقراطي، مشيرا إلى أن ضعف الحكومة وتدخلات أصحاب النفوذ وأعضاء مجلس الأمة في التعيينات والترقيات، وتحويل الكثير من العناصر المحترفة إلى «التقاعد المبكر» ومحاربتها، أدت إلى بروز قيادات جديدة غير محترفة ولا مؤهلة.

وأوضح العوضي، في حوار مع «الجريدة»، أنه ضد مشروع مصفاة فيتنام، لافتا إلى أن اليابانيين هم الذين بادروا بالفكرة، لأن الحكومة اليابانية تفكر استراتيجيا في علاقاتها بدولة أخرى، ويستخدمون القطاع النفطي في بناء استراتيجياتهم، بعكس الكويت.

وتساءل العوضي، الذي يجمع القياديون في النفط على أنه من الكفاءات والخبرات في هذا المجال، إضافة إلى صراحته المعهودة التي أزعجت الكثير، لماذا لم تتجه الشركات العالمية الكبرى، التي تملك القدرات الفنية والإدارية، ولديها تاريخ عريق إلى فيتنام؟

وطالب المجلس الأعلى للبترول، والمؤسسة بأن يعيدا النظر في استراتيجية الدولة، لتتناسب مع القدرات الفنية والإدارية والاقتصادية، والتغييرات السياسية داخل الكويت وخارجها، وألا يكابروا بالقول بأن استراتيجية المؤسسة محمية من التغيير، متمنيا تجميد المشروعات الخارجية النفطية للكويت لأن مستواها أقل من الحد الأدنى، واصفا أعضاء «الأعلى للبترول» بغير الفنيين، ومعرفتهم باقتصادات المصافي شبه معدومة.

وعن سمعة الكويت النفطية في الخارج ذكر العوضي أنها في «الحضيض، حيث وصل الأمر لدى البعض إلى السخرية منا والضحك علينا»، مطالبا بتطعيم إدارة المؤسسة بأصحاب الخبرة العالمية، لأن «التكويت» أصبح مشكلة للقطاع، والموظفين لم يكونوا بالمستوى المطلوب، ومن تتم ترقيتهم غير مؤهلين، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• ما تقييمك لاستثمارات الكويت الخارجية خاصة المصافي النفطية؟

- تاريخيا بدأت الاستثمارات الخارجية للقطاع النفطي الكويتي في اول الثمانينيات، من خلال شراء أصول شركة غلف الأميركية، التي بدأت في سنة 1983، بعدها تأسست شركة البترول العالمية الكويتية KPI، وكان مقرها في لندن، ثم تطورت وزادت انشطتها، حيث قامت بشراء مصفاة في مدينة نابلي بإيطاليا، ودخلت في شراكة مع شركة اجب الايطالية بنسبة 50 في المئة.

وحاليا لدى البترول العالمية مصفاتان، الاولى في جزيرة صقلية بإيطاليا، وتملك منها 50 في المئة وطاقتها الانتاجية 120 الف برميل يوميا، والاخرى يوروبورت في مدينة روتردام الهولندية، وطاقتها نحو 90 الف برميل يوميا، وقامت شركة البترول العالمية ببيع محطات البنزين في بريطانيا، واقتصر نشاطها في شركة لبيع وقود الطائرات ومصنع لخلط الزيوت.

وبدأت فكرة ذهاب الشركة إلى منطقة الشرق الأدنى والأقصى على اساس ان النمو النفطي العالمي سيكون في الهند والصين وكوريا واليابان وتايلند، وكان النقاش في البداية مرتكزا على الهند والصين، لكن الدخول في مشاريع في فيتنام لم يكن ضمن أفكار المؤسسة، وإنما جاء عن طريق الشركات اليابانية التي فكرت في دولة منتجة للنفط ذات قدرات مالية، وهذا هو سر وجود الشريك الياباني في مشروع فيتنام "فاليابانيون يعرفون جيدا من اين تؤكل الكتف".

والوضع السياسي في الشرق الأوسط سيئ جدا، ولم تسلم الكويت منه، وخلال الخمس عشرة سنة الماضية، تحول القطاع النفطي الكويتي من قطاع تجاري إلى بيروقراطي بحت، فضعف الحكومة من جهة، وعدم الاستقرار والاستمرارية في تعيين وزراء نفط غير متخصصين كل سنتين تقريبا، والتدخلات الخارجية من أصحاب النفوذ وأعضاء مجلس الأمة في التعيينات والترقيات، وترك الكثير من العناصر المحترفة الجيدة يتقاعدون مبكرا ومحاربتها ادت إلى بروز قيادات جديدة غير محترفة وغير مؤهلة، حيث دخلت في صراعات شكلية يومية مستمرة للحفاظ على مراكزها، كل هذا انعكس سلبا على سمعة المؤسسة وسمعة الكويت.

صراعات سياسية

• في ظل هذه الصراعات السياسية، هل لدينا قدرات إدارية وفنية كافية لاستثمار المليارات في الخارج؟

- أعتقد ان القدرات غير موجودة بسبب الشللية والقيادات غير المؤهلة، ولنأخذ الاستثمار في فيتنام مثالا، andوهو شراكة بين الكويت واليابان وفيتنام لاقامة مصفاة تكرير ومجمع للمواد البتروكيميكال الأولية، والهدف منه تحقيق العوائد المالية العالية، خاصة أن الطلب على المحروقات سيكون كبيرا في تلك المنطقة، اضافة الى ان الشراكة ستقوم بتكرير 200 الف برميل يوميا من النفط الكويتي، بمعنى ان المشروع يسوق بالنيابة عن الكويت هذه الكمية.

والدراسة الاولية للمشروع تشير الى ان المردود 18 في المئة، وبعدها انخفض الى 12 في المئة، وهذا الامر لو تمت مقارنته بجميع المصافي على مر التاريخ والمصافي المستقبلية في العالم لا يزيد على 7 في المئة، اذن فإن المردود 12 في المئة يعتبر عاليا، والسؤال المهم: كيف جاءت هذه النسبة "السحرية"؟

إن 70 في المئة من مصافي الشرق الأوسط تحقق خسائر، والمصافي الوحيدة الرابحة في الكويت وبعض المصافي في السعودية، ومضطرون لايجادها لتأمين المحروقات، اضافة الى توظيف العمالة وتحقيق عائد، ولو فرضنا ان نسبة مصفاة فيتنام تحقق عائد 7 في المئة، وانها ستسوق نفط الكويت، علما أن المؤسسة لديها أكبر جهاز تسويقي على مستوى العالم، وهي من كبرى الشركات الموجودة في المنطقة بخلاف السعودية.

ولدينا مكاتب كثيرة في مجال التسويق قبل انشاء مؤسسة البترول الكويتية، وكونت علاقات تجارية طويلة الأمد مع الزبائن، اذن لماذا نحتاج الى "البترول العالمية" لتسوق 200 الف برميل من النفط الكويتي؟ بمعنى اذا زاد انتاج الكويت الى 4 ملايين برميل يوميا مع بناء المصفاة الرابعة، بطاقة 600 ألف برميل يوميا، فهل جهاز التسويق العالمي الضخم ليس لديه القدرة لبيع او تسويق 200 الف برميل في اليوم؟!

لكن هم يتحدثون عن ضمان تسويق 200 ألف برميل في مصفاة فيتنام، وكلمة ضمان "فارغة" وليس لها محل من الاعراب، ولو كان هذا الأمر صحيحا فالطاقة التكريرية لحصة الكويت في ايطاليا تصل إلى 120 ألف برميل يوميا، ومع أن المصفاة تستطيع تكرير النفط الكويتي لكن اقتصادات النفط الكويتي لا تسمح بذلك، وبالتالي لا تكرر المصفاة نفطا كويتيا على الاطلاق. وبعد انشاء الشراكة في فيتنام، واتضح أن النفط الكويتي غير اقتصادي، كما يحصل مع المصفاة في ايطاليا فما العمل؟ اين الضمان الذي يتكلمون عنه؟!

رسم السياسة النفطية

• اذا كيف غابت مثل هذه الملاحظات عن مجلس ادارة المؤسسة والمجلس الاعلى للبترول، الذي يقع عليه رسم السياسة النفطية والموافقة على المشاريع؟

- يتضح لي ان معظم اعضاء مجلس البترول الاعلى وافق على المشروع الفيتنامي تحت ذريعة المردود العالي وضمان تسويق 200 الف برميل يوميا من النفط الكويتي بدون نقاش بعض النقاط المهمة الاقتصادية منها والتشغيلية، ومع احترامي وتقديري لكل اعضاء المجلس فمعظمهم عين عن طريق المحاصصة او الواسطة، فهم ليسوا فنيين متخصصين بالقطاع النفطي ومعرفتهم باقتصادات المصافي شبه معدومة.

• برأيك هل مشروع فيتنام سياسي أم اقتصادي؟

- المشاريع النفطية يجب ان تكون ذات طابع اقتصادي، لكن في بعض الحالات يتم ربط المشروع الاقتصادي سياسيا وهذا افضل.

لكن الذهاب الى مشروع لانه في اعتقادنا سيحقق لنا علاقات جيدة، كما يصور له البعض، فهذه مصيبة، ولو اخذنا "مشروع فيتنام" حيث ان اليابانيين هم من بادروا بالفكرة لان الحكومة اليابانية تفكر استراتيجيا لعلاقاتها بدولة اخرى، ويستخدمون القطاع النفطي في بناء استراتيجياتهم، وينظرون الى فيتنام على انها دولة نامية، ولديها ايد عاملة رخيصة يمكن استغلالها في بناء مصانع اولية للشركات اليابانية، والكويت ليست لديها هذه الاستراتيجية.

كما ان الكويت في هذا المشروع ستملك 35 في المئة، وهي اقل نسبة، والسؤال: لو واجهت الكويت مشكلة في المشروع ورغبنا في التخلص منه فمن سيشتري نسبة الكويت في المشروع؟ كما ان البعض يتساءل اين الشركات العالمية الكبرى التي تملك القدرات الفنية والادارية ولديها تاريخ عريق فلماذا لم تتجه الى فيتنام؟ ولماذا الكويت الدولة الوحيدة التي ذهبت لفيتنام؟ وكم عدد الكويتيين الذين سيعملون في المشروع والمتوقع من 3-5 اشخاص سيمثلوننا في مجلس الادارة، اذا الجزء التنموي للمشروع ليس مرتبطا بالكويت، كما ان علاقاتنا مع فيتنام حديثة، اضافة الى ان لديها مركزية في الاقتصاد.

• وماذا عن مشروع مصفاة الصين؟

- المؤسسة وشركة البترول العالمية لديهما مكاتب في الصين والنقاش حول هذا المشروع استغرق اكثر من 8 سنوات، فهل من المنطقي ان يأخذ المشروع هذا الوقت، هذا يفسر ان المشروع غير ذي جدوى او ان القدرات الفنية والادارية والسياسية ضعيفة ولا تعرف ادارة هذا المشروع.

تطوير «روتردام»

• هناك دراسة تنظر في تطوير مصفاة "روتردام" بعدما كانت على قائمة البيع، برأيك، أيهما الاجدى البيع أم التطوير؟

- "البترول العالمية" تعمل اكثر منذ 30 عاما، فما الذي اضافته لهذا الجهاز حيث فكرت المؤسسة قبل 10 سنوات ببيع المصفاة. والسر وراء البيع هو بيع الشركة بالكامل بدلا من ان يتم تطويرها وتوسعتها رغم ان استثمارات هذه الشركة بالمليارات وكانت الفكرة من بيع المصفاة تهميش "البترول العالمية" ومن خلال بيع مصفاة روتردام يتم تفكيك الشركة رغم ان اغلب اصول الشركة يعتمد على وجود هذه المصفاة.

والمنطق يقول ان من يرغب ببيع الشركة اما ان يبيعها كما هي او يطورها ويجهزها للبيع باعلى سعر، لكن الكويت تركت الشركة واهملتها وعند الغاء قرار بيع المصفاة تركتها وتم تركيز الجهد والنشاط على الصين وفيتنام.

• من وجهة نظرك، ما العمل الآن؟

- على المجلس الاعلى للبترول والمؤسسة ان يعيدا النظر باستراتيجية الدولة لتتناسب مع قدراتنا الفنية، والادارية والاقتصادية والتغييرات السياسية داخل الكويت وخارجها. لماذا التعالي والتكابر بالقول ان استراتيجية المؤسسة محمية من التغيير!

من المفترض النظر الآن بشكل جدي الى تجميد المشروعات الخارجية النفطية للكويت لاننا لا نمتلك القدرة على ادارتها، ويتم التركيز على اجراء الاصلاحات الجذرية الداخلية للمؤسسة والشركات التابعة لان المستوى الحالي "اقل من الحد الأدنى"، كما يجب التركيز على العمل داخل الكويت، والتركيز على المشاريع في البتروكيماويات واقامة مصانع لانتاج الشحوم الزيتية علما ان النفط الكويتي من افضل النفوط لهذا المشروع وعلى الحكومة النظر بجدية للمجلس الاعلى للبترول وايجاد شخصيات فنية تفهم ابجديات الصناعة النفطية.

سمعة مؤسسة البترول

• مع كل هذه المشاكل في القطاع النفطي كيف ترون سمعة مؤسسة البترول عالمياً؟

- سمعة الكويت النفطية والمؤسسة في "الحضيض"، ووصل الامر لدى البعض الى مستوى السخرية والضحك علينا، فهناك شواهد سابقة مثل الغاء العقود مع الشركات العالمية بالاضافة الى مشكلة "ديليك".

• كيف يمكننا انتشال الكويت وسمعتها النفطية من الحضيض؟

- يجب اجراء اصلاحات جذرية داخل الجهاز واحاطته ومنع التدخلات الخارجية التي كسرت ظهر الوزير والقياديين  الذين يجب ان يكونوا عند المستوى المطلوب مع ضرورة استمرارة الوزير في منصبه فضلا عن عمليات التدريب المستمر والصحيح للعاملين في القطاع ويجب ان يعلموا ان عليهم مسؤولية مستقبلية، لكن ما نراه اليوم هو مجرد "ترقيع".

• الكويت منتجة للنفط منذ أكثر من 75 سنة، وحتى اليوم تفتقر الى آلية لتعيين رؤساء فرق للشركات النفطية؟ فلماذا لم تضع نظاماً حتى الآن؟

- الوضع سياسي بحت، علينا تحصين المؤسسة واعطاء القياديين الجيدين في المؤسسة الحق والصلاحية للاصلاح ووضع قوانين تشريعية واستغلال علاقاتنا الجيدة مع الشركات العالمية لكي يكون لدينا طاقم جيد من الاجانب لتبادل ونقل الخبرات، فالقطاعات النفطية العالمية لديها مثل هذه الانظمة.

• الكويت اليوم تعمل ذاتيا في القطاع النفطي، وهي الوحيدة عالميا التي لا تستعين بالشركات الاجنبية، فهل لدينا القدرة على العمل بمعزل عنها؟

- اذا تمت الاصلاحات والدفاع عن المؤسسة التي تأتي منها "لقمة العيش"، فمن السهل على الطاقم الجديد ان يستعين بالخبرات العالمية للعمل وتطوير ورفع قيمة الاجهزة في القطاع الداخلي وتعزيز علاقته مع الشركات الأجنبية. ويجب ان تكون هناك استراتيجية واضحة تحقق في المستقبل البعيد طموح القطاع.

لذلك انا ضد مشروع فيتنام لاننا سندخل في مغامرة كبيرة جدا وسنواجه مشاكل لا حصر لها لانه ليست لدينا حرية البيع والشراء وخصوصا في المحروقات وستظهر المشاكل عندما تقل اقتصادات المشروع، وكان من باب اولى ان يدخل في هذا الاستثمار الهيئة العامة للاستثمار وليس القطاع النفطي.

• بعد السنوات الطويلة في السوق النفطي وإلى اليوم لا يوجد مركز للأبحاث النفطية يتبع المؤسسة... هل الأبحاث غير مهمة في هذه الصناعة؟

- هذه إحدى المصائب الموجودة في القطاع، كما أنه لا يوجد تنسيق بين المؤسسة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت، ويجب أن تأخذ الموسسة زمام العملية وتطوير علاقتها، وعدم وجود معهد للبحوث خاص بالمؤسسة دليل على ضعف الجهاز الإداري في المؤسسة، ويجب أن تطعم الإدارة في المؤسسة بأصحاب الخبرة العالمية، لأن التكويت أصبح مشكلة للقطاع، لأن الموظفين لم يكونوا بالمستوى المطلوب، وأيضاً من تتم ترقيتهم غير مؤهلين.

• الخليج تطور في صناعة البتروكيماويات من خلال خطط مدروسة ونحن حتى الآن إنتاجنا خجول في هذه الصناعة فما المطلوب؟

- أكرر... يجب التركيز على صناعة البتروكيماويات والمصافي وتطوير المكامن وكل ما يتعلق بهذه الصناعة داخل الكويت، وإذا استمررنا على ما هو عليه فسننسى عملية التطوير، لأن القطاع يضيع وقته في زيارة فيتنام.

• ما تقييمك لاستثمارات الكويت الخارجية خاصة المصافي النفطية؟

- تاريخيا بدأت الاستثمارات الخارجية للقطاع النفطي الكويتي في اول الثمانينيات، من خلال شراء أصول شركة غلف الأميركية، التي بدأت في سنة 1983، بعدها تأسست شركة البترول العالمية الكويتية KPI، وكان مقرها في لندن، ثم تطورت وزادت انشطتها، حيث قامت بشراء مصفاة في مدينة نابلي بإيطاليا، ودخلت في شراكة مع شركة اجب الايطالية بنسبة 50 في المئة.

وحاليا لدى البترول العالمية مصفاتان، الاولى في جزيرة صقلية بإيطاليا، وتملك منها 50 في المئة وطاقتها الانتاجية 120 الف برميل يوميا، والاخرى يوروبورت في مدينة روتردام الهولندية، وطاقتها نحو 90 الف برميل يوميا، وقامت شركة البترول العالمية ببيع محطات البنزين في بريطانيا، واقتصر نشاطها في شركة لبيع وقود الطائرات ومصنع لخلط الزيوت.

وبدأت فكرة ذهاب الشركة إلى منطقة الشرق الأدنى والأقصى على اساس ان النمو النفطي العالمي سيكون في الهند والصين وكوريا واليابان وتايلند، وكان النقاش في البداية مرتكزا على الهند والصين، لكن الدخول في مشاريع في فيتنام لم يكن ضمن أفكار المؤسسة، وإنما جاء عن طريق الشركات اليابانية التي فكرت في دولة منتجة للنفط ذات قدرات مالية، وهذا هو سر وجود الشريك الياباني في مشروع فيتنام "فاليابانيون يعرفون جيدا من اين تؤكل الكتف".

والوضع السياسي في الشرق الأوسط سيئ جدا، ولم تسلم الكويت منه، وخلال الخمس عشرة سنة الماضية، تحول القطاع النفطي الكويتي من قطاع تجاري إلى بيروقراطي بحت، فضعف الحكومة من جهة، وعدم الاستقرار والاستمرارية في تعيين وزراء نفط غير متخصصين كل سنتين تقريبا، والتدخلات الخارجية من أصحاب النفوذ وأعضاء مجلس الأمة في التعيينات والترقيات، وترك الكثير من العناصر المحترفة الجيدة يتقاعدون مبكرا ومحاربتها ادت إلى بروز قيادات جديدة غير محترفة وغير مؤهلة، حيث دخلت في صراعات شكلية يومية مستمرة للحفاظ على مراكزها، كل هذا انعكس سلبا على سمعة المؤسسة وسمعة الكويت.

صراعات سياسية

• في ظل هذه الصراعات السياسية، هل لدينا قدرات إدارية وفنية كافية لاستثمار المليارات في الخارج؟

- أعتقد ان القدرات غير موجودة بسبب الشللية والقيادات غير المؤهلة، ولنأخذ الاستثمار في فيتنام مثالا، andوهو شراكة بين الكويت واليابان وفيتنام لاقامة مصفاة تكرير ومجمع للمواد البتروكيميكال الأولية، والهدف منه تحقيق العوائد المالية العالية، خاصة أن الطلب على المحروقات سيكون كبيرا في تلك المنطقة، اضافة الى ان الشراكة ستقوم بتكرير 200 الف برميل يوميا من النفط الكويتي، بمعنى ان المشروع يسوق بالنيابة عن الكويت هذه الكمية.

والدراسة الاولية للمشروع تشير الى ان المردود 18 في المئة، وبعدها انخفض الى 12 في المئة، وهذا الامر لو تمت مقارنته بجميع المصافي على مر التاريخ والمصافي المستقبلية في العالم لا يزيد على 7 في المئة، اذن فإن المردود 12 في المئة يعتبر عاليا، والسؤال المهم: كيف جاءت هذه النسبة "السحرية"؟

إن 70 في المئة من مصافي الشرق الأوسط تحقق خسائر، والمصافي الوحيدة الرابحة في الكويت وبعض المصافي في السعودية، ومضطرون لايجادها لتأمين المحروقات، اضافة الى توظيف العمالة وتحقيق عائد، ولو فرضنا ان نسبة مصفاة فيتنام تحقق عائد 7 في المئة، وانها ستسوق نفط الكويت، علما أن المؤسسة لديها أكبر جهاز تسويقي على مستوى العالم، وهي من كبرى الشركات الموجودة في المنطقة بخلاف السعودية.

ولدينا مكاتب كثيرة في مجال التسويق قبل انشاء مؤسسة البترول الكويتية، وكونت علاقات تجارية طويلة الأمد مع الزبائن، اذن لماذا نحتاج الى "البترول العالمية" لتسوق 200 الف برميل من النفط الكويتي؟ بمعنى اذا زاد انتاج الكويت الى 4 ملايين برميل يوميا مع بناء المصفاة الرابعة، بطاقة 600 ألف برميل يوميا، فهل جهاز التسويق العالمي الضخم ليس لديه القدرة لبيع او تسويق 200 الف برميل في اليوم؟!

لكن هم يتحدثون عن ضمان تسويق 200 ألف برميل في مصفاة فيتنام، وكلمة ضمان "فارغة" وليس لها محل من الاعراب، ولو كان هذا الأمر صحيحا فالطاقة التكريرية لحصة الكويت في ايطاليا تصل إلى 120 ألف برميل يوميا، ومع أن المصفاة تستطيع تكرير النفط الكويتي لكن اقتصادات النفط الكويتي لا تسمح بذلك، وبالتالي لا تكرر المصفاة نفطا كويتيا على الاطلاق. وبعد انشاء الشراكة في فيتنام، واتضح أن النفط الكويتي غير اقتصادي، كما يحصل مع المصفاة في ايطاليا فما العمل؟ اين الضمان الذي يتكلمون عنه؟!

رسم السياسة النفطية

• اذا كيف غابت مثل هذه الملاحظات عن مجلس ادارة المؤسسة والمجلس الاعلى للبترول، الذي يقع عليه رسم السياسة النفطية والموافقة على المشاريع؟

- يتضح لي ان معظم اعضاء مجلس البترول الاعلى وافق على المشروع الفيتنامي تحت ذريعة المردود العالي وضمان تسويق 200 الف برميل يوميا من النفط الكويتي بدون نقاش بعض النقاط المهمة الاقتصادية منها والتشغيلية، ومع احترامي وتقديري لكل اعضاء المجلس فمعظمهم عين عن طريق المحاصصة او الواسطة، فهم ليسوا فنيين متخصصين بالقطاع النفطي ومعرفتهم باقتصادات المصافي شبه معدومة.

• برأيك هل مشروع فيتنام سياسي أم اقتصادي؟

- المشاريع النفطية يجب ان تكون ذات طابع اقتصادي، لكن في بعض الحالات يتم ربط المشروع الاقتصادي سياسيا وهذا افضل.

لكن الذهاب الى مشروع لانه في اعتقادنا سيحقق لنا علاقات جيدة، كما يصور له البعض، فهذه مصيبة، ولو اخذنا "مشروع فيتنام" حيث ان اليابانيين هم من بادروا بالفكرة لان الحكومة اليابانية تفكر استراتيجيا لعلاقاتها بدولة اخرى، ويستخدمون القطاع النفطي في بناء استراتيجياتهم، وينظرون الى فيتنام على انها دولة نامية، ولديها ايد عاملة رخيصة يمكن استغلالها في بناء مصانع اولية للشركات اليابانية، والكويت ليست لديها هذه الاستراتيجية.

كما ان الكويت في هذا المشروع ستملك 35 في المئة، وهي اقل نسبة، والسؤال: لو واجهت الكويت مشكلة في المشروع ورغبنا في التخلص منه فمن سيشتري نسبة الكويت في المشروع؟ كما ان البعض يتساءل اين الشركات العالمية الكبرى التي تملك القدرات الفنية والادارية ولديها تاريخ عريق فلماذا لم تتجه الى فيتنام؟ ولماذا الكويت الدولة الوحيدة التي ذهبت لفيتنام؟ وكم عدد الكويتيين الذين سيعملون في المشروع والمتوقع من 3-5 اشخاص سيمثلوننا في مجلس الادارة، اذا الجزء التنموي للمشروع ليس مرتبطا بالكويت، كما ان علاقاتنا مع فيتنام حديثة، اضافة الى ان لديها مركزية في الاقتصاد.

• وماذا عن مشروع مصفاة الصين؟

- المؤسسة وشركة البترول العالمية لديهما مكاتب في الصين والنقاش حول هذا المشروع استغرق اكثر من 8 سنوات، فهل من المنطقي ان يأخذ المشروع هذا الوقت، هذا يفسر ان المشروع غير ذي جدوى او ان القدرات الفنية والادارية والسياسية ضعيفة ولا تعرف ادارة هذا المشروع.

تطوير «روتردام»

• هناك دراسة تنظر في تطوير مصفاة "روتردام" بعدما كانت على قائمة البيع، برأيك، أيهما الاجدى البيع أم التطوير؟

- "البترول العالمية" تعمل اكثر منذ 30 عاما، فما الذي اضافته لهذا الجهاز حيث فكرت المؤسسة قبل 10 سنوات ببيع المصفاة. والسر وراء البيع هو بيع الشركة بالكامل بدلا من ان يتم تطويرها وتوسعتها رغم ان استثمارات هذه الشركة بالمليارات وكانت الفكرة من بيع المصفاة تهميش "البترول العالمية" ومن خلال بيع مصفاة روتردام يتم تفكيك الشركة رغم ان اغلب اصول الشركة يعتمد على وجود هذه المصفاة.

والمنطق يقول ان من يرغب ببيع الشركة اما ان يبيعها كما هي او يطورها ويجهزها للبيع باعلى سعر، لكن الكويت تركت الشركة واهملتها وعند الغاء قرار بيع المصفاة تركتها وتم تركيز الجهد والنشاط على الصين وفيتنام.

• من وجهة نظرك، ما العمل الآن؟

- على المجلس الاعلى للبترول والمؤسسة ان يعيدا النظر باستراتيجية الدولة لتتناسب مع قدراتنا الفنية، والادارية والاقتصادية والتغييرات السياسية داخل الكويت وخارجها. لماذا التعالي والتكابر بالقول ان استراتيجية المؤسسة محمية من التغيير!

من المفترض النظر الآن بشكل جدي الى تجميد المشروعات الخارجية النفطية للكويت لاننا لا نمتلك القدرة على ادارتها، ويتم التركيز على اجراء الاصلاحات الجذرية الداخلية للمؤسسة والشركات التابعة لان المستوى الحالي "اقل من الحد الأدنى"، كما يجب التركيز على العمل داخل الكويت، والتركيز على المشاريع في البتروكيماويات واقامة مصانع لانتاج الشحوم الزيتية علما ان النفط الكويتي من افضل النفوط لهذا المشروع وعلى الحكومة النظر بجدية للمجلس الاعلى للبترول وايجاد شخصيات فنية تفهم ابجديات الصناعة النفطية.

سمعة مؤسسة البترول

• مع كل هذه المشاكل في القطاع النفطي كيف ترون سمعة مؤسسة البترول عالمياً؟

- سمعة الكويت النفطية والمؤسسة في "الحضيض"، ووصل الامر لدى البعض الى مستوى السخرية والضحك علينا، فهناك شواهد سابقة مثل الغاء العقود مع الشركات العالمية بالاضافة الى مشكلة "ديليك".

• كيف يمكننا انتشال الكويت وسمعتها النفطية من الحضيض؟

- يجب اجراء اصلاحات جذرية داخل الجهاز واحاطته ومنع التدخلات الخارجية التي كسرت ظهر الوزير والقياديين  الذين يجب ان يكونوا عند المستوى المطلوب مع ضرورة استمرارة الوزير في منصبه فضلا عن عمليات التدريب المستمر والصحيح للعاملين في القطاع ويجب ان يعلموا ان عليهم مسؤولية مستقبلية، لكن ما نراه اليوم هو مجرد "ترقيع".

• الكويت منتجة للنفط منذ أكثر من 75 سنة، وحتى اليوم تفتقر الى آلية لتعيين رؤساء فرق للشركات النفطية؟ فلماذا لم تضع نظاماً حتى الآن؟

- الوضع سياسي بحت، علينا تحصين المؤسسة واعطاء القياديين الجيدين في المؤسسة الحق والصلاحية للاصلاح ووضع قوانين تشريعية واستغلال علاقاتنا الجيدة مع الشركات العالمية لكي يكون لدينا طاقم جيد من الاجانب لتبادل ونقل الخبرات، فالقطاعات النفطية العالمية لديها مثل هذه الانظمة.

• الكويت اليوم تعمل ذاتيا في القطاع النفطي، وهي الوحيدة عالميا التي لا تستعين بالشركات الاجنبية، فهل لدينا القدرة على العمل بمعزل عنها؟

- اذا تمت الاصلاحات والدفاع عن المؤسسة التي تأتي منها "لقمة العيش"، فمن السهل على الطاقم الجديد ان يستعين بالخبرات العالمية للعمل وتطوير ورفع قيمة الاجهزة في القطاع الداخلي وتعزيز علاقته مع الشركات الأجنبية. ويجب ان تكون هناك استراتيجية واضحة تحقق في المستقبل البعيد طموح القطاع.

لذلك انا ضد مشروع فيتنام لاننا سندخل في مغامرة كبيرة جدا وسنواجه مشاكل لا حصر لها لانه ليست لدينا حرية البيع والشراء وخصوصا في المحروقات وستظهر المشاكل عندما تقل اقتصادات المشروع، وكان من باب اولى ان يدخل في هذا الاستثمار الهيئة العامة للاستثمار وليس القطاع النفطي.

• بعد السنوات الطويلة في السوق النفطي وإلى اليوم لا يوجد مركز للأبحاث النفطية يتبع المؤسسة... هل الأبحاث غير مهمة في هذه الصناعة؟

- هذه إحدى المصائب الموجودة في القطاع، كما أنه لا يوجد تنسيق بين المؤسسة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت، ويجب أن تأخذ الموسسة زمام العملية وتطوير علاقتها، وعدم وجود معهد للبحوث خاص بالمؤسسة دليل على ضعف الجهاز الإداري في المؤسسة، ويجب أن تطعم الإدارة في المؤسسة بأصحاب الخبرة العالمية، لأن التكويت أصبح مشكلة للقطاع، لأن الموظفين لم يكونوا بالمستوى المطلوب، وأيضاً من تتم ترقيتهم غير مؤهلين.

• الخليج تطور في صناعة البتروكيماويات من خلال خطط مدروسة ونحن حتى الآن إنتاجنا خجول في هذه الصناعة فما المطلوب؟

- أكرر... يجب التركيز على صناعة البتروكيماويات والمصافي وتطوير المكامن وكل ما يتعلق بهذه الصناعة داخل الكويت، وإذا استمررنا على ما هو عليه فسننسى عملية التطوير، لأن القطاع يضيع وقته في زيارة فيتنام.

فشل المؤسسة والشركات التابعة لها في تطوير العنصر البشري

قال العوضي إن المؤسسة والشركات التابعة لها فشلت فشلا ذريعا في تطوير العنصر البشري، فلم تهتم بالتدريب العلمي السليم للعنصر البشري الكويتي، وكانت هناك فرص ذهبية لم تستغل عند شركة البترول العالمية لنشاطاتها في الدول الأوروبية، خصوصا خلال في الثلاثين سنة الماضية، فلو دربت شركة البترول العالمية عشرة من الكويتيين كل سنة لتخرج ما بين 150/200 فنيا من الطراز الأول "نسبة نجاح التدريب 50/65 في المئة"، والذي يقول إن قوانين الدول الأجنبية تعوق عمل الكويتيين، فهذا افتراء وكذب، وما هو إلا لذر الرماد في العيون.

شهادتي مجروحة في هاني حسين وعلى الحكومة أن تعاونه

حول موضوع أن القطاع أصبح حقل تجارب للوزراء غير الفنيين واليوم الوزير من رحم القطاع، فهل هو قادر على حل المشاكل قال العوضي: الوزير الحالي جاء حديثاً للوزارة ولم يعط الوقت الكافي للعمل وتقييمه، كما أن هناك حملة ضده قبل توليه المنصب، وشهادتي في الوزير هاني حسين مجروحة، لكن يجب أن يعطى الفرصة للعمل، وعلى الحكومة أن تعاونه من خلال إيقاف التدخلات في القطاع ومن ثم ترى ما سيقدمه الوزير.

بعض أعضاء مجلس الأمة لا يفقه شيئاً في المشاريع الفنية

تعليقاً على تدخل مجلس الأمة في عمل القطاع قال، إذا كان مجلس الأمة لا يثق بأبنائه فهذه مصيبة كبرى، وكان من المفروض أن مجلس الأمة يدافع ويساند في إصلاح الجهاز وإعطائه الثقة. ومجلس الأمة يحاول أن يدخل الأمور السياسية في القضايا الاقتصادية والتجارية والفنية، وهذا خطأ فادح، فهناك إدارة مجالس للشركات والمؤسسة والأعلى للبترول ومجلس الوزراء، وإذا كانت جميع هذه الأجهزة لا تصلح وغير قادرة فنحن في مصيبة، ويجب سن قوانين إصلاحية للقطاع النفطي، لأن مجلس الأمة بعض أعضائه لا يفقه شيئا في المشاريع الفنية، فكيف يطالب بالتدخل والاطلاع على كل شاردة وواردة في مؤسسة البترول.

back to top