الذهب في أضعف حالاته منذ الانفصال عن الدولار

نشر في 01-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 01-07-2013 | 00:01
No Image Caption
توقعات بأن يؤدي تراجع المعدن إلى إنعاش الطلب على الحُلي

الانزلاق الذي بدأ بمنتهى الحماس في أبريل الماضي، تسارع خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن وضع بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، للمرة الأولى إطاراً لخروج البنك المركزي الأميركي من برنامج التسهيل الكمي.
إلى أي مدى يمكن أن يهبط سعر الذهب؟ في الوقت الذي تنهي فيه سوق الذهب أضعف فصل لها منذ أن تم فصل الذهب عن الدولار، هناك تمتمات متوترة بهذا السؤال تتردد من قاعات التداول في نيويورك إلى أروقة مجالس الإدارة في شركات التعدين في جوهانسبرغ وليما.

ومنذ مطلع العام، تراجع الذهب بنسبة 29.5 في المئة، وهوى مؤشر فايننشال تايمز لمناجم الذهب، الذي يقيس أسهم شركات التعدين المختصة بالذهب، بنسبة 52 في المئة.

ولا تظهر علامات تذكر على أن هذا التراجع سيتباطأ. ويوم الجمعة الماضي لامس الذهب أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات عند 1180 دولاراً للأونصة.

ويقول إيفي هامبرو، الذي يعتبر واحداً من أكبر مستثمري الذهب، باعتباره رئيس قسم صناديق الذهب والمعادن في «بلاك ـ روك»: «في الوقت الحاضر أسهم شركات الذهب ليست بعيدة عن أن تحتسب في أسعارها نهاية العالم».

والانزلاق الذي بدأ بمنتهى الحماس في نيسان أبريل الماضي، تسارع خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن وضع بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، للمرة الأولى إطاراً لخروج البنك المركزي الأميركي من برنامج التسهيل الكمي.

وأخذت صناديق التحوط التي استلهمت قراراتها من قوة الدولار وتراجع التوقعات التضخمية، تراهن ضد الذهب للمرة الأولى. لكن مصرفيين يقولون إن ملاحظات برنانكي ساعدت على إثارة موجة من البيع من قِبل من يُفترَض أنهم من مستثمري الأجل الطويل – أي الأثرياء الذين لديهم حسابات مصرفية سويسرية ومديري صناديق التقاعد الذين كان لهم دور فعال في إثارة سوق الذهب الصاعدة منذ عقد.

ويقول أحد كبار المصرفيين في المعادن الثمينة: «الآن بعد أن تراجع السعر 300 دولار، فإن الاستثمار الذي كان يُقتنى على الأجل الطويل لم يعد يبدو مناسبا للأجل الطويل».

وكان نطاق تحول المستثمرين عن الذهب عجيباً. فالصناديق التي يتم تداولها على أساس المؤشرات، وهي شكل ميسر وواضح تماماً من أشكال الاستثمار في الذهب، باعت خُمس مقتنياتها حتى الآن، في حين أن تعاملات المستثمرين في العقود الآجلة وخيارات الذهب في الولايات المتحدة في أدنى مراحلها الصاعدة منذ عام 2005، وفقاً لهيئة التداول في العقود الآجلة للسلع.

ويجادل بعضهم بأن تعاملات المستثمرين بلغت حداً من التطرف لا يرجح معه لسعر الذهب أن يهبط إلى مستوى أدنى بكثير في الأمد القصير. ويقول جيفري كوري، رئيس قسم أبحاث السلع في جولدمان ساكس: «حين ننظر إلى نطاق الحركة في أسعار الذهب في الفترة الأخيرة، نعتقد أن التداولات ستكون يميناً ويساراً من الآن، وهي عند أدنى مستوى لها في الأمد القصير».

 صناديق التحوط

والواقع أن بعض صناديق التحوط التي كانت تراهن على تراجع أسعار الذهب كانت تستهدف مستويات منخفضة بحدود 1150 ـ 1200 دولار للأونصة، ما يشير إلى أن الاندفاع إلى أعلى يمكن أن يكون وشيكاً، في الوقت الذي تجني فيه الأرباح من رهاناتها على شراء المعدن.

لكن تماماً مثلما فاجأت سوق الذهب المحللين والمتداولين في سنوات الطفرة، حين قفزت من رقم قياسي مرتفع إلى آخر، ولأن الأسعار في حالة انزلاق الآن، فليس هناك كثير من الناس يرغبون في التعامل بثقة عند مستوى القاع.

ويقول كمال نقوي، رئيس قسم مبيعات مستثمري السلع في «كريدي سويس»: «السؤال المهم هو إلى أي مدى منخفض سنذهب؟ بالنسبة لسوق الذهب يكون الرقم في العادة نحو الرقم المدور التالي، لكننا انتقلنا بسرعة إلى درجة أن الناس مضطرون إلى اللحاق بالأرقام». وما يثير القلق بالنسبة للذين يتوقعون السوق الصاعدة في الذهب هو أن المشترين الآسيويين – وهم مصدر مهم للمساندة في حالات التراجع السابقة في الأسعار – يحافظون على هدوئهم في الوقت الذي انزلقت فيه الأسعار في الأسابيع الأخيرة. وفي الهند تراجع الطلب بفعل قرارات حكومية تحد من واردات الذهب. ويبدو على المستثمرين الصينيين أنهم جالسون في حالة انتظار بعد أن اشتروا كميات عقب تراجع الأسعار في أبريل، لكنهم فوجئوا بأن الأسعار تدهورت أكثر من ذي قبل.

ويقول فيليب كلابويك، العضو المنتدب لشركة الاستشارت «بريشس ميتالز إنسايتس» في هونج كونج: «الأمر بكل بساطة هو أن شهية الآسيويين غير موجودة».

وبدلاً من ذلك ينظر المستثمرون بصورة متزايدة إلى تكلفة إنتاج المعدن. ووفقاً لوليم تانكارد، مدير الأبحاث في شركة تومسون رويترز جي إف إم إس الاستشارية، حين تكون الأسعار في مستوى 1200 دولار للأونصة فإن نحو نصف صناعة تعدين الذهب تخسر المال.

شركات التعدين

لكن شركات التعدين تستغرق وقتاً لأجل الإقفال، ويرجح أن تعثر على سبل لتقليص التكاليف. وحتى لو أقفلت بعض شركات التعدين بالفعل، فمن المرجح أن كمية العرض التي ستتأثر بذلك ستكون صغيرة نسبة إلى المبيعات المحتملة من قبل المستثمرين. وبلغت مبيعات الصناديق التي تتابع المؤشرات 541 طناً منذ بداية العام حتى الآن، وهي أعلى من معدل الإنتاج السنوي من التعدين في أي بلد.

ويقول تانكارد: «لا أعتقد أنك سترى قسماً كبيراً من الصناعة يعلن فجأة أنهم سيقفلون. ستكون هذه عملية انسحاب طويل الأمد على فترة ممتدة كثيراً».

بالتالي، ما الذي يمكن أن يوقف تراجع الذهب؟ باستثناء انقلاب في السياسة النقدية من برنانكي، سيتحول المتداولون والمحللون بصورة متزايدة إلى زوايا السوق التي كانوا يتجاهلونها لسنوات، في الوقت التي أخذت فيها التدفقات الاستثمارية تهيمن على أسعار الذهب. ومن المرجح أن يعمل التراجع الحاد في أسعار الذهب على تحفيز انتعاش في الطلب على الحُلي، بعد ما تراجع بنسبة 30 في المائة منذ 2005 على خلفية الارتفاع الحاد في الأسعار.

كذلك يرجح أن يعمل التراجع في الأسعار على تحفيز انخفاض حاد في مبيعات الذهب القديم المخصص للتدوير، التي شكلت في السنة الماضية 36 في المائة من إمدادات الذهب العالمية. ويقول متداولون إن إمدادات الذهب المخصص للتدوير تراجعت بصورة حادة استجابة للتراجع في الأسعار. ويتساءل هامبرو: «متى كانت آخر مرة رأيتَ فيها إعلاناً لتشجيعك على بيع ما لديك من ذهب مقابل المال؟ لم أشهد إعلاناً منذ أشهر وأشهر. ينبغي أن تبدأ إمدادات الذهب المخصص للتدوير بالتراجع».

وما المدى اللازم من هبوط الأسعار حتى تبدأ هذه الأساسيات القديمة لسوق الذهب بالوقوف في وجه عمليات البيع من المستثمرين؟ يقول كلابويك: «لا بد أن تجد أن الذهب المخصص للتدوير أصبح مسحوقاً تماما. وهذا يعني بالنسبة لي سعراً بحدود ألف دولار».

*(فايننشال تايمز)

back to top