المحكمة الدستورية وانتظار غودو
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وبالتالي فإن القول بانتصاف الحياة السياسية بين ما بعد الحكم وما قبله، هو حديث مبالغ فيه؛ فالمشكلة الأزلية التي تجمع "التاريخ" هي عدم قدرة النظام على التعايش مع ديمقراطية كاملة. صحيح أن حكم المحكمة الدستورية قد يمثل أداة مختلفة، ولكنها ليست جديدة، وتأتي في ذات السياق داخل إطار الصراع الاجتماعي والسياسي، الذي سيستمر بغض النظر عن حكم المحكمة، وبالتالي فهي ليست نهاية لأي شيء أياً كان الحكم الصادر. "في انتظار غودو" مسرحية "تراجيكوميدي" لصامويل بيكيت تم تصنيفها كأهم عمل مسرحي في القرن العشرين، وتحكي قصة شخصين فلاديمير واستراغون، اللذين ظلا ينتظران بشغف وعناء، وصول شخص يُدعى غودو، ولكن غودو لا يصل، وخلال ذلك الانتظار المرتقب تحدث مواقف غريبة ومتناقضة. غودو لم يصل رغم الانتظار المرهق، وكذلك حكم المحكمة الدستورية لن يصل إلى حل لمن يتصور نهاية طريق من خلاله، ولابد من توافق للخروج من المأزق. ويعد بيكيت رائد ما يسمى بمسرح العبث، والحق يقال لم أجد وصفاً مطابقاً لما يجري عندنا أفضل منه، فما يجري عندنا ليس إلا عبثاً في عبث.***الزميل عبداللطيف الدعيج فسر مقالتين أخيرتين لي حول الاتفاقية الأمنية الخليجية بأنهما محاولة "ذكية" لتبرير تمرير الاتفاقية، وذلك عبارة عن كبوة، فكيف فهم مقالتيَّ بهذه الصورة؟ فمنذ أثير موضوع الاتفاقية الأمنية على السطح في ديسمبر الماضي أوضحتُ خطورة إقرارها، وأجريت اللقاءات والمحاضرات العامة في ذات الاتجاه الرافض للاتفاقية، وكتبت ٧ مقالات في ذات الاتجاه الرافض لها، كان آخرهما المقالتين اللتين فسرهما بطريقته الخاصة، والتي لا تنسجم ولا تلتقي مع قناعاتي ولا ما قلته وأقوله، وبالتالي تصبح الكبوة هي فهمه وتفسيره لمقالتيَّ، مع خالص الشكر لكلماته الطيبة بحقي، والتي لا يمكن أن تتوافق، كما أشار هو حقاً، مع مبدأ قبولي تمرير الاتفاقية الأمنية.