حديث بشار الأسد لصحيفة الـ"صنداي تايمز" البريطانية في عدد أمس عزز القناعة بعبثية الوساطات الدولية التي يجري الحديث عنها لإيجاد حلٍّ معقول ومتوازن للأزمة السورية المستفحلة، فما نقلته هذه الصحيفة الأسبوعية الشهيرة عن الرئيس السوري يؤكد فعلاً تهمة أنه منفصلٌ عن واقعه، وأنه لا يدرك أو لا يريد أن يدرك كم أن سورية الآن هي ليست سورية ما قبل الخامس عشر من آذار (مارس) عام 2011، وأنها بعد قرابة عامين من انفجار هذه الأزمة باتت تقف على حافة الانهيار وغدت مهددة بوحدتها الوطنية وأيضاً بوحدتها الجغرافية.

Ad

فَعَنْ الحوار "حتى مع المسلحين"، الذي تحدث عنه وليد المعلم عندما كان في موسكو وعندما كان في طهران والذي تغنى به "أعوان" هذا النظام وأيضاً الذين تربطهم به علاقات القربى المذهبية والطائفية، قال بشار الأسد لهذه "الأسبوعية" البريطانية: "إن المقصود بهذا الحوار هو فتح الباب للمسلحين لتسليم أسلحتهم... وقد أصدرنا أكثر من عفوٍ لتسهيل هذا الأمر... إن هذه هي الطريقة الوحيدة لإجراء حوارٍ مع تلك المجموعات... وهذا ما كنا بدأناه حتى قبل طرح هذه الخطة... ثمة معارضة تتكون من تنظيمات سياسية وهناك إرهابيون مسلحون... يمكننا الانخراط في حوار مع المعارضة السياسية، لكن لا يمكننا الانخراط في حوار مع الإرهابيين... نحن هنا نحارب الإرهاب".

وقال الرئيس السوري عن الجيش الحر: "إنه ليس كياناً كما يريد الغرب لقرائكم أن يعتقدوا... إنه يتكون من مئات المجموعات، وإنَّه ليس لديه لا قيادة ولا تراتبية... إنه مجموعة من العصابات المختلفة التي تعمل لأسباب مختلفة... وبالنتيجة فإننا كأي دولة ذات سيادة لا يمكن أن نتفاوض مع الإرهابيين"، وإجابة على سؤال حول ردِّ سورية على الغارات الإسرائيلية الأخيرة قال: "لقد ردت سورية في كل مرة لكن بطريقتها وليس بالمِثْل، والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما نقصده أي كيف كان ردنا... نعم الرد لا يعني صاروخاً بصاروخ أو رصاصة برصاصة... لا ينبغي أن يكون ردنا معلناً بالضرورة والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما أعنيه!

وبالنسبة للدعم الذي يتلقاه من حلفائه قال: "الموقف الروسي واضح جداً في ما يتعلق بالأسلحة، إنهم يزودوننا بأسلحة دفاعية وبشكل يتوافق مع القانون الدولي... حزب الله وإيران وروسيا يدعمون الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب... دور روسيا بناءٌ جداً، ودور إيران داعم جداً، ودور حزب الله هو الدفاع عن لبنان لا الدفاع عن سورية.

إن هذا بعض ما قاله بشار الأسد لهذه الصحيفة البريطانية، والحقيقة أن هذا يعني أنه من قبيل إضاعة الوقت الاستمرار في الحديث عن إمكانية التوصل إلى حلول سياسية وعن وساطات وعن مفاوضات مادام هذا هو رأي الرئيس السوري في الجيش الحر وفي المعارضة المسلحة، ومادام أنه كرر القول مراراً: "إننا مستعدون للتفاوض مع أي شخص بما في ذلك "المقاتلون" الذين يسلمون أسلحتهم... إننا لن نتعامل مع الإرهابيين المصممين على حمل السلاح".

ولهذا فإن الأفضل طيُّ هذه الصفحة، وإن الأفضل ألا تواصل الأمم المتحدة ومعها الجامعة العربية استنزاف الأخضر الإبراهيمي على هذا النحو، فالمعادلة غدت واضحة ومعروفة، فالروس مصممون على الاستمرار في استخدام دماء السوريين وأجساد أطفالهم في الصراع مع الأميركيين في لعبة دولية لا علاقة لسورية بها، والإيرانيون الذين يعتبرون أن نظام بشار الأسد هو حجر الزاوية بالنسبة لمشروعهم الشرق أوسطي المعروف والذين يعتبرون أن خسارتهم لهذا النظام ستؤدي إلى خسارتهم لطهران وكل هذا والرئيس السوري مصرٌّ على خيار العنف والقوة العسكرية الذي كان بدأه قبل نحو عامين، في حين تصرُّ المعارضة على التمسك بأسلحتها، لأنها تعرف أن التخلي عن هذه الأسلحة يعني تسليم عنقها إلى سيف الجلاد، ويعني بعد كل هذه التضحيات الجسام العودة إلى المربع الأول.