سماسرة البيانات يكسبون مليارات من بيع تفاصيل حياة الناس

نشر في 24-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 24-06-2013 | 00:01
No Image Caption
«أكسكيوم» تبيع معلومات 700 مليون شخص إلى 7 آلاف عميل
يحفز صعود شركات البيانات الكبيرة الشركات الأخرى لاستخدام المعلومات الموجودة بحوزتها في أمور تزيد كثيراً على مجرد الاستهداف الإعلاني البسيط. وتغذي الشركات التفاصيل حول المستهلكين في خوارزميات لتحديد كيفية التأثير في أفعالهم والتنبؤ بها.

قبل أشهر من ولادة إليانور نيغل، كان يجري تبادل تفاصيلها والمتاجرة بها مقابل بضعة ملاليم في سوق الشركات المختصة بمعلومات المستهلكين.

الشركات التي تعمل في وساطة البيانات تنقب خلال المشتريات من محال أثاث الأطفال والأمومة، والإعلانات على الوسائط الاجتماعية، واشتراكات البريد الإلكتروني حول الحمل، وقيود الأطفال وسجلات الميلاد، وحتى تفاصيل المشتريات من استوديوهات التصوير التي تلتقط صوراً في المستشفيات للأطفال حديثي الولادة.

وكل هذا من أجل تجميع قوائم حديثة وصحيحة للآباء الجدد، يتم تصنيفها حسب التاريخ المتوقع للولادة، وتشتمل على كل شيء من جنس الجنين إلى عمر الأم ودخل الأسرة، لبيعها لشركات التسويق.  وتتذكر كالاي نيغل، والدة إليانور، شعورها بطوفان الرسائل الإلكترونية التسويقية، والرسائل التي تلقتها من شركات مثل جيربر للتأمين على الحياة، وشركة الألعاب «بيبيز آر إس»، ومعهد دم الحبل السُّري، وشركة حليب الأطفال «سيميلاك». وبعضها وصل حتى قبل أن تخبر عائلتها وأصدقاءها بأنها حامل في طفلها الأول.  وتقول كالاي (26 عاماً) من أوكلاند في كاليفورينا: «كيف علموا أني كنتُ حاملاً؟ كيف استطاعوا الحصول على عنواني؟ أنا لم أعطه لهم».

وتقول «جيربر» للتأمين على الحياة إنها ترسل عدداً هائلاً من الرسائل «إلى كل كائن قيد التكوين تقريباً حول منتجنا»، فيما امتنعت سيميلاك عن التعليق، ولم يتسن الوصول إلى شركة الألعاب.

وخلال حياة إليانور ستقوم عشرات، إن لم يكن مئات الشركات، بتتبع آلاف التفاصيل حولها –كل شيء من البحث على الإنترنت والمنتجات التي تشتريها، إلى خرائط حول موقعها، وما إذا كانت متزوجة، ووضعها الصحي. وسيتم تركيب هذه البيانات معاً لتشكيل صورة عنها– هي قصة حياتها.

تسريبات

وقال تيم سوثر، كبير الإداريين التسويقيين والاستراتيجيين في «أكسكيوم»، وهي واحدة من أكبر شركات وساطة البيانات، برسملة سوقية 1.6 مليار دولار: «الواقع، حين تكون كل ذرة من هذه المعلومات حول الشخص بمعزل عن الأخرى، ليست لها قيمة كبيرة. أين القيمة في هذا؟ القيمة في التجميع».

وفي الوقت الذي يتزايد فيه رد الفعل الغاضب على التسريبات التي انتشرت حول نشاط الحكومة الأميركية في المراقبة الجماعية لأصول البيانات حول سجلات الهاتف والإنترنت، يستمر القطاع الخاص بهدوء في التجميع النشط لمعلومات هائلة حول الناس والمتاجرة بها. وهذه الصناعة غير الخاضعة للتنظيم، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، تزداد عناداً وإصراراً في الوقت الذي يسعى فيه المتابعون للناس إلى تغذية الطلب من أجل الحصول على مزيد من المعلومات حول الزبائن.

ولم تعد معلومات التوزيع السكاني الأساسية كافية، وباتت الشركات تطالب بملفات تفصيلية من أجل تحليل طموحات هؤلاء الناس والدوائر الاجتماعية والوضع المالي -وكل ذلك في مسعى لتحقيق الربح من خلال التنبؤ بسلوك الناس والتأثير عليه.  ووصف تقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2011، البيانات الاستهلاكية بأنها «النفط الجديد» الذي سيظهر باعتباره «فئة جديدة من الأصول تلامس جميع جوانب المجتمع». ويتفق معظم التنفيذيين في الصناعة مع ذلك.

وتكمن جذور الصناعة في التسويق المباشر القديم الذي أصبح يعلوه الغبار. ولعدة عقود كانت الشركات مثل أكسكيوم وإكسبيريان تجمع التفاصيل حول الناس من خلال التنقيب في السجلات العامة واستبيانات الزبائن، واشتراكات اليانصيب وقواعد البيانات الأخرى. ثم تشتري شركات التسويق قوائم الزبائن من أجل استهداف القوائم البريدية والاتصالات الهاتفية.

وفكرة دمج المعلومات حول نشاطات الشخص على الإنترنت وبعيداً عن شاشة الكمبيوتر كانت مثيرة للجدل منذ فترة طويلة. مثلا، في 2000 بدأت هيئة التجارة الفدرالية تحقيقاً حول قضايا الخصوصية على علاقة بالاستحواذ على «أباكوس دايركت»، التي كانت تتابع مشتريات الناس، من قبل «دبل تشيك»، شركة الإعلانات على الإنترنت التي تم شراؤها فيما بعد من قبل «غوغل». وفي النهاية وافقت دبل تشيك على عدم دمج مجموعات البيانات لدى الشركتين، وهذا ما أدى إلى ردع الشركات الأخرى.  هذا المزاج تراجع الآن. وقد أمضت الشركات السنوات القليلة الماضية وهي تجمع وتنمي عضلاتها الرقمية.

أعمال رقمية

وفي 2011 تعاقدت أكسكيوم مع سكوت هاو، الخبير المخضرم في مجال الدعاية الرقمية، للعمل في منصب الرئيس التنفيذي، وهي تحاول منذ ذلك الحين إنشاء أعمال رقمية نشطة.

ويعمل صعود شركات البيانات الكبيرة على تحفيز الشركات الأخرى لاستخدام المعلومات الموجودة بحوزتها في أمور تزيد كثيراً على مجرد الاستهداف الإعلاني البسيط. وتغذي الشركات التفاصيل حول المستهلكين في خوارزميات لتحديد كيفية التأثير في أفعالهم والتنبؤ بها.

ومنذ فترة طويلة تقوم «إكسبيريان» وشركات وساطة البيانات الأخرى بتجميع البيانات من أجل حساب التقدير الائتماني للشخص. وبحسب القانون يجب أن تظل هذه البيانات مستقلة عن معلومات التسويق. لكن هذا لم يوقف الشركات عن العثور على استخدامات جديدة لمعلومات التسويق التقليدي.

وتعمل شركة أكسكيوم، ومقرها نيويورك، تدريجياً على تحويل أعمالها لتقديم مزيد من التحليلات التي تتجاوز تجميع البيانات الأساسية. هذه الشركة، التي بلغت إيراداتها 1.1 مليار دور عن السنة المالية المنتهية في 13 مارس، تقوم بتجميع المعلومات حول أكثر من 700 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم، وتبيع هذه التفاصيل إلى أكثر من سبعة آلاف عميل.  وتبيع الشركة ثلاثة أنماط من منتجات البيانات: معلومات التسويق، ومنتجات للدليل تقوم على معلومات الاتصال الموجودة في دليل الهاتف المنشورة، وخدمة كشف ومنع التحايل. ويستطيع المستهلكون الأميركيون الوصول إلى المعلومات الأساسية حول أنفسهم في منتج الكشف عن التحايل مقابل خمسة دولارات.

وتستثمر الشركة الآن في منتجات جديدة للبيانات والتحليلات، مثل نماذج الميل والاستعداد عند الجمهور، التي لا تتابع فقط ماضي المستهلك، وإنما تقوم كذلك بتحليل المعلومات من أجل التنبؤ بما يرجح للأفراد أن يقوموا به.

والاتجاه العام الأرحب يثير القلق لدى المشرعين والأجهزة التنظيمية الحكومية ودعاة الخصوصية، الذين يخشون أن المستهلكين غير مدركين إلى حد بعيد لهذه التجارة الضخمة في معلوماتهم الشخصية. ويخشون كذلك أن المعلومات حول صحة الشخص، أو وضعه المالي، أو تاريخه الجنسي، أو أية معلومات أخرى يمكن استخدامها للتمييز ضده.

ويقول جيف تشيستر، المدير التنفيذي لمركز الديمقراطية الرقمية، الذي يجري أبحاثاً حول غزو الخصوصية المرتبط بالمعلومات على الإنترنت: «هذه القيمة على الحياة هي حرف قرمزي رقمي».

* (فايننشال تايمز )

back to top