كافور من الإخوان
بينما هما مقيدان بانتظار القادم الذي سيشتريهما وضع كل واحد منهما أمنيته، فالآخر متدين وله لحية ويدعي السلفية الإسلامية... هكذا يزعم. هذا الرجل يؤمن بمبدأ الطاعة وإيثار السلامة، يقنع بقوت يومه وتعجبه الراحة، ولم يسمع عن التخطيط ولم تستفزه المنافسة... أقصى أمنياته أن ينام بالليل وهو "شبعان" قد ملأ بطنه وتغطى "كويس" وارتاح ينتظر الصباح وأوامر جديدة من السيد "ولي الأمر".لديه نظرية!!!... نعم نظرية تختزل العالم في حدود فهمه البسيط وإطار مداركه المحدودة، ولذلك نراه "يطفر" من أي جديد أو تجديد، فتبنى حضرة "العبد" هذا نظرية أن الإنسان عدو ما يجهل. وبينما هو في حالة الانسجام والتفكير هذه "جاه ما يتمناه"، فاشتراه خباز ليشغله بوظيفة "معاون خباز". وقبل أن يغادر مربطه سجد لله شكراً على الوظيفة التي سيضمن بها مستقبله.
كافور له همّة عالية وطموح يعانق السماء، ولأنه من الإخوان فهو يسعى إلى الحكم والسلطة.... هكذا هم الإخوان من عهد كافور. لا يستكين كافور هذا ولا يرضى حياة "الخباز"، فحصّل ما يريد أيضاً، خرج من الأسر إلى ظهور الخيل وطعن الرماح ومقارعة الأعداء وقيادة الأبطال. العيب الوحيد في وظيفة كافور أنها ليست آمنة كوظيفة "الخباز" وتتطلب الكثير من "المرجلة" والقيادة وبعد النظر.وبينما كافور يتعدى حدود مصر إلى الشام... ليحكمها طبعاً "انسدح" صديق الأسر على أحد "خياش" الطحين يلتهم قطعة من خبز سيده لم تنضجها النار وأغلبها من العجين وأخذ يهرف على من عنده من الصبيان وينسج الكذب على الإخواني كافور بأنه متواطئ مع الفرس، وأنه لن يطبق الشريعة، وأنه فاسد العقيدة، وأنه سيهزم بسبب قيادته الفاشلة... وفجأة قفز الصبيان من أمامه وخرجوا مسرعين، فأخذته غريزة "التبعية" خلفهم، ووقف خارج المخبز ليرى منظراً طارت منه قلوب الناس... إنه كافور وجنده قد عادوا بعد فتح الشام.