لإسناد الجبهة العسكرية الجديدة، التي فتحها "حزب الله" في منطقة حمص بأمر من مرشد الثورة علي خامنئي، بادر مساعد الأركان العامة الإيرانية "القازلْباش" اللواء حسن فيروز أبادي، وبأمر من الولي الفقيه نفسه، بفتح جبهة سياسية، ربما تتحول إلى جبهة عسكرية، باتهام الأردن بوضع أجوائه تحت تصرف الطيران الإسرائيلي، وبتشريع أبوابه لعناصر "القاعدة" لقتل أبناء الشعب السوري!

Ad

وبالطبع فإن هذا "القازلْباش" الصفوي المحشو رأسه بكل تشوهات التاريخ وأحقاده قد اعتبر أن هذه الاتهامات الكاذبة، التي ألصقها بالأردن، انسجاماً مع تهديدات بشار الأسد بنقل الحرائق التي تلتهم سورية إلى الأراضي الأردنية واستكمالاً لها، تشكل "إخلالاً بالعالم العربي، وتهديداً لمصالح الأمة الإسلامية وخيانة لفلسطين"!

وبهذا فإن اللواء حسن فيروز أبادي، الذي وبالتأكيد أطلق تصريحاته إما من جبهة "القصير" في حمص، التي فتحها حسن نصر الله بأوامر من علي خامنئي، وإما من دمشق نفسها من أحد مخابئ بشار الأسد، يبدو أنه نسي أن إيران في ذروة ثورتها، وعندما كان الإمام الخميني لايزال على قيد الحياة، والذي لا يمكن أن يحدث في هذا البلد أي شيء إلا بإشارة من إصبعه، خانت فلسطين والعالم العربي والأمة الإسلامية بالطول والعرض بتلقي مساعدات عسكرية من إسرائيل، التي كانت تصفها طهران بالعدو الصهيوني.

ولعل الأخطر من هذا كله أن إيران، بعدما أصبح الحكم فيها للمذهب الشيعي الاثني عشري بداية بانتصار الثورة الخمينية في عام 1979، قد بادرت إلى استكمال إشعال نيران الحروب المذهبية، التي كان الصفويون قد أقحموا هذه المنطقة والعالم الإسلامي فيها، بالوقوف وراء هذه الحمى الطائفية في العراق وفي البحرين وفي معظم دول الخليج العربي، إضافة إلى غزو المذهب الزيدي الذي يتَّسم بالوسطية والاعتدال من الداخل بتبني مجموعات "الحوثيين"، وتحويلهم إلى ضرس ملتهب في الفك اليمني.

وإضافة إلى تفجير هذه الحرب المذهبية القذرة في العراق، التي يقودها بأمر من الولي الفقيه علي خامنئي الجنرال قاسم سليماني، فإن ما لم يعد بحاجة لا إلى مبررات ولا إلى إثباتات أن إيران قد بادرت، ومنذ اللحظة الأولى لانفجار الأزمة السورية في عام 2011، إلى الوقوف مذهبياً إلى جانب نظام بشار الأسد وبالأسلحة والأموال والمقاتلين وبالسياسة أيضاً، وأنه لولا تدخلها الطائفي هذا، الذي نقل هذه الأزمة بعد فتح جبهة حمص بجيوش حزب الله إلى مرحلة بالغة الخطورة، لما استمرت هذه الحرب المحتدمة في سورية حتى الآن، ولما سقطت كل هذه الأعداد من القتلى، سواء في صفوف المعارضة أو في صفوف القوات الحكومية.

ويبقى هنا أنه لابد من إيضاح أن "القازلْباش"، الذي يعني الرأس الأحمر أو الرؤوس الحمراء، هو اللقب الذي أُطلق على جنود جيوش الصفويين وجنرالاتهم، لأنهم كانوا يغطون رؤوسهم بأردية باللون الأحمر، والمعروف أن هؤلاء الصفويين قد حكموا في بلاد الفرس منذ عام 1501 حتى عام 1785، وأنهم أقحموا المنطقة خلال هذه الفترة بحروب طاحنة عنوانها مذهبي وطائفي، وحقيقتها السعي لاستعادة ما يسمى أمجاد الإمبراطورية الفارسية، وهذا ما يفعله الإيرانيون الآن!