هل فكر الأدباء والمثقفون في الكويت والوطن العربي وهم يتلقفون في مطلع كل شهر مجلتهم المفضلة «العربي» أن شباباً كويتيين من ذوي الاحتياجات الخاصة يعملون في مطبعة الحكومة حيث تطبع هذه المجلة منذ عقود ساهموا بشكل فاعل في طباعتها لتصل إليهم في نهاية المطاف بالشكل الذي اعتاده عشاق هذه المجلة في حلتها الجميلة مع بعض الإصدارات الجانبية؟ وهل خطر أيضاً في ذهن بعض ملاك الشركات والمواطنين الذين ينتظرون الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» كل أسبوع للاطلاع على آخر المناقصات والممارسات أن أيدي هؤلاء الشباب سبقتهم إليها فعملوا على تجهيزها وترتيبها لهم لتخرج على النحو الذي بين أيديهم؟ فمن المناسب بل ربما يكون من الواجب أن يقدم هؤلاء المفكرون والأدباء والشعراءوالمتابعون والمستفيدون من الخدمات التي تقدمها جريدة الكويت الرسمية بالامتنان لهؤلاء الشباب الكويتيين المخلصين الذين عملوا بأياديهم الطاهرة غير الملوثة بالسرقات الأدبية أو العلمية ولم يعتدوا على حرمة المال العام بتقديم ما يتلهفون له في الموعد المحدد وبشكل فني مناسب.
زيارة مطبعة الحكومة في وزارة الإعلام وحديث المسؤولين المشرفين على عمل ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاهدتك لهؤلاء الشباب الذين تختلف إعاقتهم من شخص لآخر تدفعك للسؤال من هم المعاقون؟ هل الذين يبدأ يومهم في العمل منذ الساعة السادسة صباحا ولا ينصرفون حتى ينجزوا أعمالهم حتى وان تأخرت لساعات العصر، أم أولئك «الأصحاء» الذين يأتون لأعمالهم متأخرين ويبحثون عن الفرصة للخروج قبل أن ينتهي وقت العمل وبما يمضي يومه ولم ينجز أي شيء؟في البداية، أكد مدير مطبعة الحكومة فهد العجمي أن «وزارة الإعلام حريصة على توفير فرص عمل للمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة تكون ملائمة لإمكاناتهم»، لافتا إلى أن «هناك أكثر من 30 مواطنا من ذوي الاحتياجات الخاصة يعملون في مطبعة الحكومة وذلك بعد أن قام مشرفون في المطبعة على تدريبهم وتأهيلهم للعمل على بعض الأجهزة والأعمال التي تتناسب مع إمكاناتهم ويفضلون العمل فيها أيضا».وأضاف العجمي «يحرص القياديون في وزارة الإعلام على دعم هذه الشريحة من خلال دعمهم معنويا حيث يحرص المشرفون عليهم على تشجيعهم على العمل وتدريبهم على الأجهزة أو الأعمال الفنية التي يفضلون العمل عليها»، مؤكدا أن «المسؤولين في وزارة الإعلام سبق لهم وخاطبوا الجهات الرسمية في الدولة لمنح هذه الشريحة بعض الحوافز والبدلات المالية لتشجيعهم على العمل الفني وذلك بعد لمسنا الاستجابة والالتزام بالعمل من قبلهم وهو أمر لا نشاهده اليوم في كثير من الأصحاء مع الأسف الشديد».وأكد العجمي أن «وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود طلب إعفاء هذه الشريحة من البصمة نظرا لحاجة البعض منهم للخروج أحيانا باكرا من العمل لمواعيد طبية أو بسبب بعض الالتزامات الأسرية حيث ان الغالبية منهم لا يقودون سيارات»، مشيرا الى أن «الأصل في عمل ذوي الاحتياجات الخاصة هو الالتزام بمواعيد العمل فهم أول من يحضر وآخر من ينصرف ولديهم إنتاجية في العمل الذي لا يكلون ولا يملون منه، لكن الإعفاء جاء لمنحهم مرونة في الحضور والانصراف نظرا لظروف الصحية والاجتماعية للبعض منهم».واعتبر العجمي «تجربة عمل ذوي الاحتياجات الخاصة في مطبعة الحكومة من التجارب الكويتية الفريدة التي يجب أن تعمم على جميع المؤسسات الحكومية للاستفادة من مثل هذه الطاقات المتميزة ولدمجهم أيضا في المجتمع وهو الأمر الذي سيساهم إلى حد كبير في التخفيف عما يشعرون به أحيانا من وحدة وملل بسبب عدم وجود ما يشغلون به وقت فراغهم»، مؤكدا ان «من خلال متابعته وعن كثب لعمل ذوي الاحتياجات الخاصة اكتشف التفاني والإتقان والإخلاص في العمل حتى أصبحوا مثالا يحتذي به زملاؤهم في المطبعة».ومن جهته قال رئيس قسم مكينة الكراسة عادل القطان «ان إدارة المطبعة حريصة على توفير أجواء عمل ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة وتقوم برعايتهم وفق الإمكانات والحدود المتاحة لهم»، لافتا إلى أن «التعامل معهم وتوفير العمل المناسب لهم يتم على حسب الحالة التي لدينا فمنهم من لديه إعاقة حركية وآخر سمعية وأخرى ذهنية، حيث تحرص إدارة المطبعة في أول أيام التعيين على تعريفهم على الأقسام والأعمال المختلفة الموجودة في المطبعة ومن ثم يقوم باختيار الموقع الذي يفضله ويتناسب مع وضعه الصحي».وقال القطان ان «تعيين ذوي الاحتياجات الخاصة في مطبعة الحكومة لا يكون عن طريق وزارة الإعلام مباشرة وإنما من خلال التنسيق بين المجلس الأعلى للمعاقين وديوان الخدمة المدنية، وكان آخر تعيين لدينا منذ 4 سنوات»، مؤكدا أن «مطبعة الحكومة قادرة على تعيين المزيد من هذه الشريحة من أبناء الكويت إذا ما تم التنسيق بين وزارة الإعلام ممثلة في مطبعة الحكومة والجهات الأخرى المختصة في الدولة».وعلى الجانب الآخر، يقول يوسف كركان «أعمل في مطبعة الحكومة منذ 10 سنوات وتدربت خلال تلك السنوات على أجهزة وأعمال مختلفة في المطبعة»، لافتا إلى أنه «استفاد كثيرا في حياته الاجتماعية بعد عمله في المطبعة واكتسب الكثير من الأصدقاء أيضا، كما أنه يقضي وقتا ممتعا في العمل والحديث مع أصدقائه خلال فترة الراحة التي يخصصها لهم المشرفون».ويؤكد كركان «أنه يقوم مع زملائه بالعمل على مكينة الجمع وهي التي تقوم بجمع الملزمات الخاصة بمجلة العربي وجريدة الكويت اليوم وغيرهما من مطبوعات يتم طباعتها في مطبعة الحكومة»، لافتا إلى أنه «فخور وسعيد جدا في عمله كما أن أسرته تشعر بذات الشعور تجاه ما أقوم به من عمل».ومن جهته، يؤكد خالد سليمان أنه يعمل في مطبعة الحكومة منذ 8 سنوات وهو يشعر بالفخر والاعتزاز بأنه يقدم عملا يعود بالنفع للكويت، لافتا إلى أنه يحب عمله كثيرا لذلك لا يفضل الإجازات أو التغيب عن العمل دون أن يكون هناك ضرورة ملحة لذلك.ويطالب خالد المسؤولين في وزارة الإعلام بتخصيص كافتيريا في مبنى المطبعة ليتسنى لهم تناول وجبه الإفطار أو حتى الغداء لأنهم أحيانا يتطلب عملهم المكوث حتى ساعات العصر الأولى، لافتا إلى أن «البعض منهم يعاني مرض السكر أو يأخذ علاجا يتطلب منه أن يلتزم في مواعيد للطعام لذلك فهم بحاجة ماسة لوجود كافتيريا أسوة بما هو موجود في مبنى ديوان الوزارة».ويقول جابر أحمد «أعمل في المطبعة منذ سنوات وأنا سعيد جدا في عملي وأحرص على التعلم والاستفادة من خبرات المسؤولين وزملائي أيضا»، لافتا إلى أن «الأعمال التي يقومون بها لا تقل أهمية عن أي عمل آخر في المطبعة حيث يتطلب عملهم على مكينة التجميع التركيز والدقة حتى يكون المطبوع بشكل متناسق وجميل».وعن الحوافز المالية يقول جابر «للأسف الشديد لا توجد لدينا أي حوافز مالية رغم المساعي الحثيثة التي يبذلها المسؤولون في المطبعة والوزارة لكنها تجمد في ديوان الخدمة المدنية»، مؤكدا أنهم يعملون في بيئة خطرة وفيها ضوضاء وتلوث ورغم ذلك لا يتم صرف أي بدلات عن هذه الظروف غير الطبيعية التي يعملون بها أسوة بإخوانهم الذين يعملون في بيئة عمل مشابهة لبيئة مطبعة الحكومة.وأكد شريدة أن عمله في المطبعة جعله سعيدا جدا وانه يشعر بأنه أصبح عضوا فعالا في المجتمع، لافتا إلى ضرورة أن يكون هناك المزيد من الدعم الحكومي لذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير فرص عمل حقيقية للراغبين منهم بالعمل في مختلف المؤسسات الحكومية.ويؤكد نواف متعب أنه يعمل في مطبعة الحكومة منذ 10 سنوات وحاليا يعمل في الوزن والتجميع والتجليد، لافتا إلى انه يحظى بدعم وتشجيع كبير من المسؤولين في المطبعة الذين يعملون على توفير احتياجاتهم ليتسنى لهم القيام بواجباتهم الوظيفية على النحو المطلوب منهم.وشدد متعب على ضرورة منحهم بدلات ومزايا مالية نظير أعمالهم التي لا تقل خطورة عن عمل نظرائهم الذين يعملون في المصانع النفطية والبتروكيماوية، مؤكدا أنه لا يفكر على الإطلاق في ترك العمل وإنما يحرص على الحضور لإنجاز أعماله اليومية والجلوس خلال فتره الراحة مع أصدقائة لتبادل أطراف الحديث معهم.ويطالب سامي عبدالرحمن الذي يعمل في المطبعة منذ 6 سنوات بتخصيص خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة في مطبعة الحكومة مثل دورات المياه وكافتيريا تقدم وجبات نظيفة وذات قيمة غذائية لهم، مؤكدا أنه يحرص على الحضور من الساعه الـ 6 صباحا للعمل ومن ثم ينصرف إلى المنزل الساعة الـ 12:30 ظهرا.خاجه: سعيد جداً بعمل ابني وأتطلع لتخفيض ساعات العملأكد أحمد خاجه وهو ولي أمر أحد العاملين في المطبعة من ذوي الاحتياجات الخاصة أن المسؤولين في وزارة الإعلام ومطبعة الحكومة يقومون بعمل وجهد كبير في تدريب وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة للعمل على الأجهزة أو بعض الأعمال الفنية، لافتا إلى أنه يحرص على توصيل ابنه والبقاء معه بعض الوقت لمشاهدته وهو يعمل خصوصا بعد تقاعده من العمل.ويطالب خاجه المسؤولين في مطبعة الحكومة بتخفيض ساعات العمل عن هذه الشريحة لينتهي عملهم في الساعة الـ 12 ظهرا ليتمكن ذووهم من استلامهم، مؤكدا سعادته بعمل ابنه واندماجه في المجتمع وشعوره بالمسؤولية وانه يقوم بعمل مفيد لوطنه وشعبه.
ألبومات
ذوو الاحتياجات الخاصة العمود الفقري لمطبعة الحكومة
01-06-2013