قرار شركة مايكروسوفت بشأن شراء وحدة أجهزة نوكيا يدل على تحول كبير في طريقة مقاربتها للهواتف الذكية. ويمثل ذلك القرار رهاناً تكلفته 7.17 مليارات دولار من أجل نقل الشركة الى عالم الهواتف الذكية، وهو ما فشلت «مايكروسوفت» حتى الآن في تحقيقه، وتلك محاولة لاكتشاف طريق النجاح المحير من خلال اتباع خطى شركة أبل بدلاً من «غوغل».

Ad

وقد تبين أن سوق الهاتف الجوال الذكي يخضع لهيمنة مسارين. في نموذج أبل تقوم شركة واحدة بتصميم وصنع الأجهزة ونظام تشغيل، وتبيع الحزمة كلها عبر ماركتها التجارية. ثم هناك مسار شركة غوغل التي تعرض أندرويد مجاناً على أي جهة صانعة لجهاز هاتف ذكي تكون في حاجة الى نظام تشغيل، وذلك بأمل جني فائدة من خلال الحصول على المزيد من متصفحي اعلاناتها التي تمثل مصدر موارد الشركة المالية. وبين برامج آي فون وأندرويد تسيطر الشركتان على حوالي 92 في المئة من سوق الهواتف الذكية.

وكان أن علقت «مايكروسوفت» في الوسط. فهي لديها هاتف ويندوز، وتسعى إلى نيل رسوم ترخيص بدلاً من الإعلانات، كما أنها عرضت منصتها من الهواتف الذكية على شركات صنع الأجهزة، ولكن بعد عدة سنوات من العمل في السوق جاء 80 في المئة من هواتف ويندوز عبر «نوكيا» من خلال علاقة خاصة بين الشركتين. وتمكن اللاعبون الكبار من التفوق على «نوكيا» تماماً حتى مع حصول هواتفها الذكية الجديدة على تقديرات جيدة من قبل النقاد، غير أنها لم تجتذب سوى شريحة قليلة من المستهلكين. ومن خلال حصر العملية برمتها ضمن «مايكروسوفت» تستطيع الشركة الأكبر القيام بدفع أقوى من أجل التأثير على سوق الهواتف الجوالة في حين تحقق سيطرة كاملة على منتجاتها.

هل يبدو هذا مألوفا؟ إنه نموذج شركة أبل. وقد حظي «آي فون» بتقبل فوري لدى العملاء والمطورين، لأن أجهزته وبرامجه عملت معاً بصورة جيدة، ولأن «أبل» كانت في الأساس ماركة جذابة. وتراهن «مايكروسوفت» على القيام بالعمل ذاته، وربما بعيداً عن مسألة الجاذبية. وإذا أردت إتقان العمل فعليك القيام به بنفسك.

ويعترض شركة أبل بعض المشاكل: فقد صنعت «مايكروسوفت» قرص»سيرفس» بنفسها ولم ينجح حقاً، اضافة الى أن الدخول الى ميدان تصنيع الهاتف الجوال قد ينفر الشركاء الحاليين في هاتف ويندوز. وإذا تنافست «مايكروسوفت» مباشرة مع صناع الهواتف الآخرين فإن تلك الشركات قد تفقد الاهتمام في صنع هواتف تعمل بنظامها التشغيلي. وربما يسهم هذا في تحييد ميزة محتملة – كما يقول آل هيلوا المحلل لدى آي دي سي – لأن شركات الهواتف تتوق الى بديل لأندرويد مع ازدياد ندرة برامج «غوغل».

إن «مايكروسوفت» في حاجة الى عمل شيء ما، وهي في حاجة الى مزيد من العملاء بغية اقناع المزيد من المطورين بصنع تطبيقات لهواتفها والعكس بالعكس. ويقول هيلوا: «قد تكون هذه نقطة اصنع أو حطم لأنهم سواء استمروا في نيل مؤيدين في الجانب المتعلق بالهاتف مثل سامسونغ و اتش تي سي، فإن صناع الهاتف في حاجة الى خيارات. والسؤال هو: هل هذا هو الخيار الذي يريدونه؟».

كان الحذاء ذات مرة في القدم الاخرى. وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي كانت «أبل» تعمل في جزء غير جوهري من سوق الحواسيب الشخصية في حين كانت تصمم أجهزتها الخاصة والبرامج التي تعمل فيها. وفي غضون ذلك كانت «مايكروسوفت» في صعود: ودعت الشركات على اختلافها الى صنع آلات تعمل عبر نظام تشغيل ويندوز، وتدفقت الأموال. وهكذا بدأت شركة أبل بترخيص برامجها الى شركات الحواسيب الاخرى بأمل أن تتوسع في أعمالها، غير أن الفكرة لم تنجح واضطرت «أبل» الى التراجع، وعاد الى العمل أحد المديرين التنفيذيين كانت الشركة قد طردته.  العامل الرئيسي وراء النجاح الذي حققته «أبل» في عالم ما بعد الحواسيب الشخصية جاء الى حد كبير من خلال صنع أجهزة كانت أجمل وأكثر بساطة من أي شيء آخر في السوق. وكان عليها أن تكون هي ذاتها. وتريد «مايكروسوفت» الآن أن تكون شركة هواتف جوالة تبدو بقدر كبير مثل «أبل»، ولكن هل ذلك حقاً واقع «مايكروسوفت»؟   

(بزنس ويك)