العقار ومواد البناء: القطاع الخاص جاهز لتنفيذ مشاريع المدن الإسكانية الكبرى ويحتاج إلى تطوير بيئة الأعمال فقط

نشر في 01-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 01-04-2013 | 00:01
عقاريون لـ الجريدة•: قانون الـ«بي أو تي» قاصر... ونظام «كوست بلس» بديل ناجح
لاتزال المشكلة الإسكانية في الكويت محور معظم النقاشات على المستويين الرسمي والخاص، في وقت لاتزال الحلول التي طرحتها الحكومة قاصرة وعاجزة عن الارتقاء إلى المستوى المطلوب لمواجهة هذه القضية التي تهم عشرات الآلاف من الكويتيين.

تسعى الكويت الى حل المشكلة الاسكانية متخذة الاطار القانوني تارة، وبطرح مشاريع القرى او المدن السكنية تارة اخرى.

وقد لجأت الكويت الى سن القانونين 8 - 9 / 2008 بهدف تخفيض اسعار العقار حتى يتسنى للمواطن وخصوصا من فئة الشباب امتلاك بيت العمر الذي كان بعيد المنال، فيما اظهرت الوقائع ان القانونين جعلا من امتلاك بيت العمر بعيد المنال امامهم، اذ خفض الاسعار فترة من الزمن تزامنا مع اغلاق باب التمويل، ثم بعد ان فازت البنوك الاسلامية بقضية تفتح لها نوعا ما باب التمويل للعقار السكني، عادت الاسعار لتشهد هجمة ارتفاع سعرية مسعورة لم يسبق لها مثيل قبل سن القانونين، حتى وصلت الى حد التضخم غير المسبوق.

ولجأت تارة اخرى الى انشاء مدن اسكانية او الاعلان عن المدن الاسكانية فيما ظلت الدولة بمثابة المقاول الشريك للمنفذ لتلك المشاريع ما جعل القطاع الخاص يحجم عن الدخول في شراكات مع حكومة اثبتت عدم قدرتها على اتخاذ قرار وتنفيذه بعد تجربة "اجيلتي والمستودات" التي تم سحب المشاريع من تلك الشركة رغم توقيع عقود بحضور حشد من مسؤولي الطرفين؛ الشركة المنفذة والحكومة.

ولم تحسب الجهات الرسمية حسابا لاي خسائر قد تمنى بها الشركة الموقعة لعقود الانجاز للمشاريع الحكومية. وبهذا نرى ان القطاع الحكومي صار محل عدم ثقة من قبل الجهات الخاصة في تنفيذ المشاريع كافة وليس الاسكانية فحسب.

ويسعى القطاع الخاص الى ان يكون هو المقاول الاول والاخير، ويصبح دور الحكومة الاشراف على مدى التزام الشركات المنفذة بالاشتراطات التي تم وضعها قبيل البدء بعمليات الانجاز تلك الاشتراطات التي تحتم الالتزام بها من قبل القطاع  الخاص، الذي يفضل ان يبقى دون مشاريع على ان يدخل في مشاريع غير مأمونة العواقب من جهة الحكومة.

وفوق هذا وذاك، فإن القطاع الخاص دائما ما ينادي بضرورة دخوله كشريك لا كخصم وطرف ثان في العملية الانجازية وراح الى ابعد من هذا فهو ينادي بضرورة منحه الفرصة لاثبات القدرة على انه قادر على ادارة تلك المدن الاسكانية التي تعتبر دولا داخل دولة الكويت من الفها الى يائها، بالنظر الى الكثافة السكانية وما يتبعها من ضرورة توفير كامل الخدمات الصحية والامنية والاقتصادية والادارية والرسمية للساكنين فيها.

لكن السؤال الذي يتبادر الى الاذهان حينئذ، هل القطاع الخاص قادر على الامساك بدفة ادارة تلك المدن او القرى او التجمعات السكانية من حيث الانجاز والبناء والتطوير والبيع والادارة من جوانبها كافة؟ هذا الامر تركنا الاجابة عنه لمجموعة من متابعي وخبراء  العقار:

مشاريع ضخمة

في بداية اجابته على تساؤلنا من حيث مدى مقدرة القطاع الخاص على الامساك بادارة المناطق السكنية الجديدة التي تنوي الحكومة طرحها مستقبلا، قال رئيس مجلس ادارة شركة سدير للتجارة العامة والمقاولات طارق المطوع: "من انجز مشاريع جسر جابر ومحطة الزور وغيرها من المشاريع التي طرحتها الدولة قادر على انجاز غيرها وادارتها والامساك بها من كل الجوانب".

واضاف المطوع ان حجم المشاريع لا يعني عقدة ادارتها بل ان على الجهات المعنية ان تطلق يد القطاع الخاص لانه لا يحتاج الامر من الجهات الحكومية سوى طرح المشاريع عبر مناقصات مع وضعها لاشتراطات تلزم القطاع الخاص بضرورة التقيد بها من حيث التصاميم والمواصفات التي تفرضها عليه ثم بعد هذا يترك امر الانجاز والادارة للقطاع الخاص الذي اثبت تفوقه في عمليات الانجاز.

واردف بالقول ان كل مشروع بامكان الحكومة طرحه عبر مجموعات وليس كدفعة واحدة لجهة واحدة وبهذا تضمن سرعة الانجاز وجودته في آن واحد اضافة الى تأمين ادارة تلك التجمعات السكنية دون ان تتحمل نفقات تلك المشاريع بل هي تطرحها على القطاع الخاص الذي ينجزها ويسلمها لمستحقيها في وقت تحدده العقود معه وفق مواصفات ايضا محددة.

واوضح ان مشاريع مثل مشروع الـ50 الف وحدة سكنية ليس على الحكومة الا تقسيمها الى تجمعات وطرحها على دفعات بمناقصات مختلفة لجميع الخدمات والمرافق الصحية والتعليمية والبنية التحتية الاخرى من صرف صحي وكهرباء وماء وغيرها.

ولفت الى ان على الحكومة ان تضع عددا من الاشكال او التصاميم امام الجميع ليختار المستحق للسكن شكلا معينا لبيته ثم بعد ذلك تلزم هذا المقاول كشركة تقدمت بطلب الانجاز بضرورة التقيد بها وبهذا تكون جعلت مساحة الارض الموزعة على مستحقها مناسبة لهذا العقار او ذاك.

وبين ان الجهات الرسمية تستطيع وضع مخطط ثابت للبيت المؤلف من غرفتين وآخر لبيت مؤلف من ثلاث غرف، ومخططا لبيت مؤلف من اربع غرف مع خدماتها الاخرى،   وتلزم المواطن باختيار ما يناسبه هو واسرته بهذا المخطط وكذلك تلزم بهذه الحالة الجهات المنفذة (القطاع الخاص) بشكل معين للمخططات المطلوبة وتحاسبه عليها ان خالفها.

فشل حكومي

ومن جهته، اكد رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة الصالحية العقارية غازي النفيسي ان الدولة اثبتت فشلها في حل المشكلة الاسكانية، مضيفا ان علاجها لا يأتي عبر تلك الحلول التي تطالعنا بها الحكومة بين الفينة والاخرى.

واضاف النفيسي ان هناك حلولا عدة طرحت من اكثر من جهة لكنها لاقت عدم اهتمام من الجانب الرسمي، والاكثر من هذا ان تلك الحلول فقدت من يجرؤ على تبنيها لحل المشكلة الاسكانية.

واشار الى ان اول ما يعوق جميع خطوات حل المشكلة الاسكانية يكمن في حالة البيروقراطية المستشرية في الدوائر الرسمية التي تعوق اي خطوة لعلاج المشكلة الاسكانية.

واضاف ان على الحكومة ان تولي القطاع الخاص اكبر اهتمامها لحل المشكلة الاسكانية بعد ان ثبت بالدليل القاطع عجزها عن حل هذه المشكلة، في وقت ينبغي ان تقول للقطاع الخاص: "تفضل ضع حلولك ونفذها لحل مشكلة عانى منها الكويتيون كثيرا".

وبين ان الدولة مطلوب منها ان تقدم الارض للقطاع الخاص ثم يكلفل القطاع الخاص تقديم ارقى المشاريع السكنية باقصر الاوقات وبجودة انجاز عالية.

واوضح النفيسي ان على الدولة ان تطلب من القطاع الخاص ما تحتاجه من وحدات سكنية ضمن هذه الارض سواء كان 5 آلاف او خمسين الفا ثم تطلب من القطاع الخاص اشتراطات معينة تكون عليها تلك المساكن بمواصفات تراها مناسبة للمواطنين ثم بعد ذلك تحاسب القطاع الخاص ان خالفها وتطالبه قبل هذا وذاك بالالتزام بها.

وقال ان الدولة تستطيع فعل هذا مع تحديد فترة زمنية على القطاع الخاص الالتزام بها، وبهذا تكون خلال فترة زمنية مقررة قادرة على اعطاء ارقام دقيقة لحاجة الكويت من السكن، وفق ما يتم انجازه من مشاريع ووفق ما تفرزه المخرجات السنوية من حاجة للطلبات الاسكانية.

ولفت النفيسي الى ان الدولة تخرج علينا كل فترة بقوانين او قرارات او تصريحات حول حلول للمشكلات الاسكانية ولكن حتى هذه اللحظة نرى تنامي حجم الطلبات وتنامي حجم المشكلات ولا حل مناسبا يجد طريقة الى ارض الواقع.

واكد ان الجهات الرسمية المعنية بحل المشكلة الاسكانية تطلق منذ نحو  15 سنة تصريحات رنانة حول حلول المشكلة الاسكانية في البلاد ولكن كما نرى اليوم الطلبات في تزايد تراكمي مخيف والدولة لاهية بالبيروقرطية التي دوخت كل من يبحث عن حل من  القطاع الخاص لهذه المشكلة المزمنة.

وتساءل النفيسي بالقول: "مادامت دول العالم الراقية والنامية قد اوجدت بعد بحث طويل حلولا لمشكلاتها الاسكانية فلماذا لا يتم تطبيق تلك الحلول في الكويت مع الاخذ بالاعتبار خصوصية الحال في الكويت".

وشدد النفيسي على ان الحلول متوافرة ولكنها تحتاج الى جهات رسمية جريئة تأخذ الموضوع بجدية وحينئذ ستكون الحلول واقعا ملموسا في الكويت كلها.

نظام «الكوست بلس»

وعلى صعيد متصل، جزم امين سر اتحاد العقاريين الكويتيين قيس الغانم ان الحكومة لجأت الى كثير من الخطوات غير الموفقة لحل المشكلة الاسكانية وكان آخرها اتباع نظام البناء والتشغيل والتحويل او مايسمى الـ"بي او تي".

واكد الغانم ان هناك نظاما من المفترض ان تناقشه الجهات الرسمية بدلا من اضاعة الوقت في البحث عن طرق او مسارات قانونية تارة وغير قانونية تارة اخرى لحل المشكلة الاسكانية.

واوضح ان الحكومة يمكنها اتباع نظام "الكوست بلس" ذي الجدوى التي تفوق تلك التي كانت تعلق الآمال عليها الدولة عند طرحها نظام الـ"بي او تي" القاصر عن اداء ما تم سنه.

واضاف ان "الكوست بلس" من شأنه بعد تطبيقه ان يخفف التكلفة الانجازية على المواطن وبهذا تكون الدولة قد حققت اكثر من هدف في اتخاذها مستندا قانونيا واقتصاديا ضامنا لها وللطرف الاخر الا وهو القطاع الخاص فضلا عن ضمان تخفيض التكلفة للطرف الثالث المتمثل بالمواطن.

وقال ان "الكوست بلس" يعني حساب تكلفة المتر من قبل الجهات المعنية ثم بعد ذلك تضاف اليه القيمة المضافة على التكلفة وهي لمصلحة القطاع الخاص الذي سيضطلع بدور المنجز لهذه المدن او القرى السكنية.

والمح الى ان التكلفة المترتبة على تنفيذ المشروعات السكنية وفق قانون الـ"بي أو تي" تحمل المواطن قيما اضافية عبر مراحل الانجاز، في حين ان "الكوست بلس" يعطي قيمة ثابتة للقطاع الخاص المنجز لتلك المشاريع وفق اشتراطات ومواصفات للسكن المستهدف بناؤه وبناء عليه لن تزيد التكلفة على المواطن وهنا مكمن النجاح في اتباع هذا النظام.

وشدد الغانم على ضرورة اقتران كل ما سبق قوله بمدى جدية الجهات المعنية في اعتماد الحلول الجريئة للمشكلة الاسكانية.

ولفت الى ان هناك عدم ثقة تولدت لدى القطاع الخاص تجاه القطاع الحكومي بعد تجارب بعدم التزام الاخيرة بعقود تم ابرامها مع القطاع الخاص تنصلت منها الحكومة وفضتها دون ابداء اعذار منطقية ودون ادنى حسابات لاي خسائر قد تمنى بها تلك الجهات المتعاقدة معها.

واردف بالقول ان الحاجة ماسة في هذا الوضع لسن تشريعات جديدة تواكب المرحلة ومتطلباتها، اضافة الى نسف القديمة المعوقة لحركة التطوير للمشاريع الاسكانية والمعوقة للباحثين عن حلول لها، وتعديل ما يمكن تعديله من قوانين.

الـ«بي أو تي» غير مجد

بدوره، قال رئيس ادارة الصناديق العقارية في شركة بيت الاستثمار العالمي (غلوبل) سعد المنيفي ان لدى القطاع الخاص تخوفا لا يخفى على احد جراء ما سبق له من تجارب في تعامله مع الحكومة بخصوص عقود سبق ان فضتها الحكومة دون ادنى مبرر منطقي.

واضاف المنيفي ان قانون الـ"بي أو تي" الذي تم سنه اخيرا لم يكن ليرضي نهم الشركات فقد احتوى على مخاطر عالية الدرجات خلافا لما كان عليه القانون السابق، متسائلا بالقول: كيف للشركات المساهمة ان تدخل استثمارا عالي المخاطر اولا،  وكيف لها ان تدخل استثمارا مع الحكومة التي سبق ان وقع القطاع الخاص ضحية لتغير موقفها في مشاريع وعقود موقعة؟!

ولفت الى ان الامر لا يقف عند هذا الامر فحسب بل يتعداه الى عدم ضمان ايصال الخدمات في الوقت المناسب من قبل الجهات الرسمية المعنية الى تلك المدن في وقت يكون القطاع الخاص قد انجز تلك المدن السكنية على مراحل تتطلب ان تتزامن مع ايصال خدمات في اوقات معلومة مثل الكهرباء والماء والهاتف وغيرها من الخدمات الاخرى الواجب توفيرها للمناطق التي تقع مسؤولية توفيرها على عاتق الجهات الحكومية.

واوضح ان القطاع الخاص قادر على ان ينجز المشاريع الاسكانية الضخمة غير ان هناك خطوات يجب على الحكومة ان تخطوها تزامنا مع خطوات ومراحل الانجاز من قبل القطاع الخاص، فالقطاع الخاص على سبيل المثال قادر على انجاز المستشفيات وعلى الحكومة ان تسهل عمليات الحصول على التراخيص، وعلى القطاع الخاص ان يقيم المدارس والمعاهد وغيرها من الابنية التي تحتاج الى خطوات حكومية مقابلة من تسهيل اجراءات الحصول على الموافقات الرسمية.

وبين ان جهدي الحكومة والقطاع الخاص يجب ان يتناغما معا في عمليات الانجاز فيما اظهر القطاع الخاص نجاحا في انجاز مشاريع اسكانية ضخمة في السوق العقاري،  تجعل من الواجب ان تسهم قرارات الدولة جميعا في تشجيع المستثمر المحلي والخليجي والاجنبي على اختلافه على الدخول الى السوق المحلي في مثل هذه المشاريع.

واكد ان القطاع الخاص لديه من الكفاءة والقدرة والخبرة ما يمكنه من انجاز وانجاح كامل الحلول للمشكلات الاسكانية التي تعاني منها الكويت، وهذا مقرون بمدى التسهيلات التي تقدمها الحكومة لهذا القطاع الذي أخرج الى الواقع مشاريع عقارية اسكانيه ضخمة في السوق الخارجي.

back to top