من أين يأتي الروائي إسماعيل فهد إسماعيل بكل هذا الود الإنساني لينثره على جميع من يحيط به؟

Ad

منذ قرابة العقود الأربعة، عمر علاقتي الفكرية والإبداعية بإسماعيل، والسؤال يتبادر إلى ذهني بين وقت وآخر: هل الود تجاه الآخر مسلك يولد مع الإنسان؟ أم أن تربة بعينها، أسرية واجتماعية واقتصادية، يُعجن منها الإنسان فتخلق لديه هذا المسلك؟ أم أن الفكر والأدب والفن يشذّب أرواح البعض فلا يظهر على سطح تعاملهم مع الآخر إلا الطيبة والود؟

إسماعيل فهد إسماعيل كان أحد ثلاثة أشخاص لهم فضل الأخذ بيدي لولوج عالم القراءة ومن ثم الكتابة، ومنذ سبعينيات القرن الماضي وأنا أرى إسماعيل، داخل وخارج الكويت محاطاً بجمع من الأصدقاء، وهو يصرّ أينما وجِد على نثر مودة خالصة تجاه منْ يعرف ومنْ لا يعرف، ودائماً كنتُ أغبطه على ذلك وأحاول أن أتعلم منه. لكن، ما يلفت الانتباه إلى هذه المودة وذاك الطيب، هو قدرة إسماعيل اللافتة على عقد علاقات مع أجيال من الشباب المهتمين بالقراءة والكتابة، وسرعان ما تتوطد تلك العلاقات لتتحول إلى صداقات، وتأخذ تلك الصداقات منحى آخر، لحظة يقنع إسماعيل الآخر أنهما معاً في زورق واحد، وأن كلاهما يكمّل الآخر، وأن وصلاً ثقافياً وإبداعياً بينهما سيكون مبعث فرحٍ واستفادة لكلاهما! وهذا ما يفسر صداقات إسماعيل، داخل الكويت وخارجها، مع أجيال من الكتّاب القصاصين والروائيين والفنانين التشكيليين والمسرحيين والسينمائيين. إن ما يهمّني الإشارة إليه هنا، هو تلك الثقة المهمة التي يبثها إسماعيل فهد إسماعيل لدى أجيال من الشباب عبر لقاءاته وحواراته وربما مشاركته لهم فيما يكتبون عبر ورش ثنائية، وهذا بدوره يساعد بما لا يمكن تقديره على خلق أجيال من الشباب الكويتيين الذين يتخذون من القراءة والكتابة درب حياة يسيرون عليه. وبفضل أدباء مبدعين من أمثال إسماعيل فهد إسماعيل، وخليفة الوقيان، وعلي السبتي، وسليمان الشطي، وليلى العثمان، يؤمنون بجهد الشباب ويقدّرون مواهبهم الإبداعية ويدفعون بهم إلى الأمام، كنا ولم نزل نرى مواهب شبابية أثبت البعض منهم حضوره على الساحة الثقافية، ويحاول البعض بجهد مستمر أن يثبت نفسه. مما يشكّل حضوراً إبداعياً وثقافياً كويتياً مهماً في طول الوطن العربي وعرضه.

أدار الروائي إسماعيل فهد إسماعيل بالتعاون مع "الملتقى الثقافي" والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية "ورشة لكتابة الرواية" على امتداد الأسبوع الفائت، وبحضور ما يزيد على ثماني عشرة شابة وشابا يتخذون من الكتابة القصصية والروائية مسار حياة يمشون عليه. وقد أثار الروائي إسماعيل نقاطاً مهمة في الصلب من كتابة الرواية، خاصة وأنه الروائي القدير الذي نشر قرابة ثلاثين رواية، وأمضى قرابة خمسين سنة في الكتابة الروائية، وكان لافتاً رفض إسماعيل أن يكون متحدثاً وحيداً في الورشة، بل عمِل منذ اليوم الأول، على جعل نقاش الورشة نقاشاً حياً يثير من خلاله نقطة بعينها، ثم يدعو جميع الحضور للمشاركة في الحوار من حولها، مما جعل من مشاركات الشباب بآرائهم فرصة طيبة للوقوف على قناعاتهم تجاه الكتابة الروائية، وكذلك لمعرفة ما يدور في أذهانهم حيال الكتابة الإبداعية، خاصة ومشاركة أصدقاء مبدعين كالكاتب السعودي يوسف المحميد والزميل شريف صالح.

إن إقامة ورشات إبداعية متخصصة، يديرها كتّاب وفنانون أكفاء، لهم باعهم الطويل والمشهود في الكتابة الإبداعية، ليعدّ اليوم الوسيلة الأكثر علمية لصقل مواهب الشباب، ووضع كتاباتهم على المحك، ومن ثم الدفع بهم الى مزيد من العطاء المبدع.

لإسماعيل فهد إسماعيل تحية مودة خالصة وله العمر المديد، فهو قدوة إبداعية إنسانية تستحق الوقوف عندها.