لقاء في وهران

نشر في 04-06-2013
آخر تحديث 04-06-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي مرت قبل أيام ذكرى رحيل أحد فرسان حرب تحرير الكويت الغالية من الاحتلال العراقي الغاشم في أغسطس عام 1990، سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه، فقد قام سموه بجولة شملت العديد من دول العالم من أجل حشد الدعم لتحرير الكويت وطرد الغازي من أرض الآباء والأجداد.

وكان من ضمن تلك الجولة دول شمال إفريقيا العربية المغرب، والجزائر، وتونس وليبيا، هذا وقد وصل سموه إلى الجزائر وكنت يومها أتولى منصب رئاسة البعثة الدبلوماسية هناك، وقد كان على رأس مستقبلي سموه السيد مولود حمروش رئيس مجلس الوزراء الذي أقام حفل عشاء على شرف سموه، وفي اليوم التالي عقد اجتماع ثنائي بين سمو الشيخ سعد رحمه الله والسيد مولود حمروش، وقد عقد اللقاء في حديقة قصر الميثاق مقر الإقامة، وذلك بناء على طلب سمو الأمير الوالد نتيجة لمعرفة سموه الوثيقة بطبيعة الأنظمة "التقدمية" في عالمنا العربي.

في اليوم التالي غادرنا مطار مدينة الجزائر إلى مطار مدينة "وهران"، حيث جرى اجتماع في القصر الجمهوري الذي يقع على ربوة عالية محاذية للبحر في منطقة من أجمل مناطق البحر المتوسط قاطبة.

حضر الاجتماع أعضاء الوفد الكويتي المرافق ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر الأخ الفاضل ناصر الروضان والأخ العزيز عبداللطيف البحر، ومن الجانب الجزائري الرئيس الشاذلي بن جديد ورئيس الوزراء مولود حمروش ووزير الخارجية أحمد الغزالي، كان الاجتماع في اعتقادي يخلو من اللياقة الدبلوماسية من الجانب الجزائري، فلم يبد على الرئيس الاهتمام الكامل بالحديث والحوار، كما أنه لم يكمل قراءة الرسالة التي كان يحملها سمو الأمير الوالد من سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه، ثم فوجئنا بأن الرئيس أنهى اللقاء بأن همّ بالوقوف، وذلك قبل أن يكمل سمو الشيخ سعد رحمه الله استعراضه لأحداث الغزو، مما أدى إلى تأثره الشديد، وما زلت أذكر كلمات سموه طيب الله ثراه وأنا أودعه في مطار وهران عندما قال لي "سعادة السفير... الله يعينك على ربعك".

بعد خروجنا من القصر الجمهوري لاحظت وقوف أحد المواكب الرسمية على جانب من القصر، وعند استفساري عن ماهية ذلك الموكب اتضح أنه كان لوزير العدل العراقي في الحكومة العراقية آنذاك الذي اجتمع مع الرئيس الجزائري ووزير الخارجية بعد خروجنا من القصر مباشرة.

أما رئيس الوزراء فلم يحضر ذلك اللقاء، وقد عاد بطائرة خاصة إلى مدينة الجزائر، وقد رافقته في تلك الرحلة، حيث دار حديث مطول وقد طلبت منه ضرورة إعطاء السفارة الفرصة للتحرك الإعلامي أسوة بالفرصة الممنوحة للسفارة العراقية، ولم يبد اعتراضاً على هذا الطلب.

وهنا نحب التأكيد أن الحديث عن يوميات الغزو وأحداثه لا يعني بالضرورة أن ننكأ جراح الماضي، إنما هو تسجيل لمواقف الشخصيات والدول من بلدنا وأرضنا وكرامة أهلنا، ليس فقط لجيلنا بل للأجيال القادمة، وأنا على يقين بأن هناك أحداثاً مرت قبل الغزو، وأثناء الاحتلال، وبعد التحرير لم يكشف النقاب أو الحديث عنها بعد، أو لعله لم يحن أوانها، ولكن لا شك أن السنين القادمة كفيلة بإبرازها.

وكلمة للتاريخ نقولها:

رحمك الله يا "أبا فهد" فقد أعطيت الكويت وأهلها كل ما في قلبك ووجدانك من حب ووفاء، فبادلك أهلها حباً ووفاءً ومنّ الله على وطن النهار وأشرق النور على أرجائها، وعادت الحرية التي يرنو إليها الكثير من شعوب العالم، فلك اللهم حمداً يملأ ما بين الأرض والسماء، والدعاء لك اللهم بأن تحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

ملاحظة:

الأخ العزيز مزيد المعوشرجي "بومبارك" من الشباب الكويتي الخلاق الذي لا يكاد الكون يسع طموحاته وأفكاره ورغبته الجامحة لخدمة الكويت وأهلها، فتراه يعمل ويقوم بتنفيذ فكره وتتصارع في ذهنه أفكار من أحدثها فكرة تكريم كوكبة من نساء ورجال الكويت ممن أفنوا جلّ عمرهم في خدمة هذا البلد الطيب، وعبر عن ذلك بكلمة تحمل الكثير من المعاني الراقية، فالكويت تقول لهم "شكراً" شكراً يحمل التقدير والعرفان، ولا شك عندي أنهم هم من سيقولون للكويت "شكراً" التي أتاحت لهم الفرصة لخدمتها، وبودي أن يحظى الأخ العزيز "بومبارك" بدعم لا محدود من كل الجهات سواء الحكومية أو الخاصة، فخدمة هذا البلد الطيب ليست مقصورة على أحد... وفقك الله أخي "بومبارك" وكثّر الله من أمثالكم من الشباب... وأقول لكم من كل قلبي "شكراً".

back to top