دخل مجلس الأمة عطلته البرلمانية حتى الثلث الأخير من شهر أكتوبر المقبل، ليطوي صفحة الجلسة الأولى بما شهدته من انتخابات المناصب واللجان، بينما تواصل تقديم الطعون الانتخابية في نتائج الانتخابات، ومن المقرر أن يقدم النائب السابق صالح الملا طعنا غدا بمرسوم "الصوت الواحد".

Ad

يدرك النواب أن المرحلة المقبلة تحتاج الى كثير من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، بعضها جذري كقانون الدوائر الانتخابية، وبعضها جزئي كتعديلات على عدد من القوانين الاقتصادية، إضافة الى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، من تعليم وصحة وسكن وتوفير فرص وظيفية للشباب، وتلك كانت عناوين مشتركة لجميع النواب خلال حملاتهم الانتخابية، ما يفترض معه أنها ستكون ذات أولوية على جدول أعمال دور الانعقاد المقبل.

برنامج عمل الحكومة

في المقابل، هناك مسؤولية أخرى أمام الحكومة تتمثل بإعداد برنامج عملها الذي دعا رئيس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك وزراءه إلى أن يكون واقعيا ووفق برنامج زمني حتى يمكن تحقيقه، وأيضا هناك أولويات ينتظر أن تتفق عليها السلطتان التنفيذية والتشريعية لتمثل خارطة الطريق بينهما.

ورغم أن المسار السياسي في الكويت أصبح متكررا في الآونة الأخيرة من بداية الانتخابات حتى عقد جلسات مجلس الأمة، وما يتضمنه الأمر من مطالبات وغيرها، وما يتخلله من تصعيد نيابي من بوابة الاستجوابات، فإن المجلس الحالي يعتبر الأكثر مراقبة من قبل عدة أطراف، فمن معارضي الصوت الواحد المقاطعين للانتخابات، الى الكتل المتنفذة التي خسرت في الانتخابات الماضية، بعد أن كانت لها أغلبية وحضور، الى من شارك بعد المقاطعة الأولى.

وتأتي تركيبة المجلس الحالي "الشبابية" بصورة قد تمهد لإقرار عدد من القوانين السياسية والاقتصادية، والتي يرى الكثير من المراقبين أنها أصبحت مطلوبة في الفترة المقبلة للانتقال بالكويت من مرحلة الجمود الى مرحلة دوران العجلة بعد تعثرها سنوات عديدة، لافتين الى أن المطالبات التي طرحت في الساحة المحلية تتطابق بشكل كبير جدا مع توصيات مؤتمر الشباب الوطني "الكويت تسمع"، التي حازت اهتمام سمو أمير البلاد في أكثر من خطاب، ودعا الحكومة الى تنفيذها وتبنيها.

مطالبات إصلاحية

لكن واقع الحال من العمل الحكومي يطرح الكثير من التساؤلات، فهل السلطة التنفيذية مستعدة لتبني ما سيطرحه النواب من مطالبات إصلاحية ورد معظمها في توصيات مؤتمر "الكويت تسمع"؟ فعلى سبيل المثال هناك قانون إشهار الأحزاب السياسية وحق الفرد وذوي الشأن في اللجوء الى المحكمة الدستورية، وقانون استقلالية القضاء، فجميع تلك المطالب تمثل خطا أحمر حكوميا، وسبق لها ان رفعت "الفيتو" ضدها.

المرحلة المقبلة لم تعد مجرد مرحلة إصلاحات اقتصادية رغم أهميتها وضرورتها، بل أصبح الجانب السياسي فيها أكثر ضرورة بعد أن كشفت الأزمات الماضية ثغرات تتطلب معها تطوير القوانين السياسية بما يعيد قطار التعاون بين السلطتين الى سكته، ووفق آليات أكثر تطورا وقوانين تضمن حقوق وواجبات السلطتين في العمل.

كرة الاستقرار السياسي، وعجلة الدوران الاقتصادي لم تعد اليوم في ملعب سلطة دون الأخرى، وهو ما يجب على النواب والوزراء إدراكه، ولعل المسؤولية الأولى تقع اليوم على عاتق رئيسي السلطتين مرزوق الغانم والشيخ جابر المبارك في الدفع تجاه التعاون النيابي الحكومي، وتغليب القوانين الإصلاحية التي تصب في المصلحة العامة على تلك التي تخدم فئة دون أخرى، لاسيما التي يطلق عليها القوانين "الشعبوية".