الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الكويتية "كونا" يتضمن نافذة جميلة تحمل شعار الدولة وتحتها عنوان "البرنامج الزمني لخطة التنمية لدولة الكويت"، وتحت هذا العنوان أيضاً ساعة رقمية "ديجيتال" ذات عد تنازلي لموعد انتهاء الخطة بالسنة والشهر واليوم والساعة والدقيقة والثانية!

Ad

وعلى ذمة كونا فإن ما تبقى من عمر الخطة هو سنة واحدة وشهر وأربع وعشرون يوماً، وبالتزامن مع هذا التوقيت أعلنت وزيرة التنمية الدكتورة رولا دشتي أن الحكومة أنفقت ما يقارب 7.5 مليارات دينار أي ما يعادل 25 مليار دولار على المشاريع التنموية منذ إقرار الخطة عام 2009.

وهذان المطلبان أساس متين ومقنع في أي مشروع حيث دقة المواعيد وعلنية المصروفات، وما تبقى هنا أن نرى ماذا يجري على أرض الواقع.

وبحسب أسعار السوق المحلية، وهي على فكرة كما يقال بالكويتي أسعار نار، فإن تكلفة البناء للمتر المربع بمواصفات "سوبر سوبر ديلوكس" تساوي 300 دينار كويتي.

وإذا أسقطنا حسابياً ما صرفته الدولة على مشاريع التنمية حتى الآن فإنه يفترض أنها أنجزت من هذه المشاريع 25 مليون متر مربع أي بمقدار المنطقة الممتدة من العاصمة إلى الأحمدي، وفي أي مشروع عمره أربع سنوات يفترض أن تكون السنة الأخيرة هي مرحلة التشطيب النهائي والتأثيث.

ويجب أن تعكس هذه الأرقام التنموية مشهداً من عالم الخيال أو شاشة كبيرة من البانوراما تسحر الأنظار نستطيع أن نطل على منظرها الخلاب من أسطح منازلنا أو في أصعب الأحوال "نكوّد اليهّال" في السيارة بمشوار لا يتجاوز بضع دقائق لنريهم الكويت الجديدة... كويت التنمية والخيال... وكويت المستقبل. والسبب في غاية البساطة، فتكلفة أولمبياد لندن الأخيرة بمنشآتها المختلفة التي أبهرت العالم كانت أقل من الرقم الكويتي بستة مليارات دولار، وتكلفة بناء العاصمة الصينية بأكملها إضافة إلى جميع المنشآت الرياضية والخدماتية ووسائل النقل فيها قبل أولمبياد بكين بلغت 40 مليار دولار.

ولكن الحكومة لها رأي آخر، فخلال الأسابيع القادمة سوف تكشف عن هذه المشاريع، ولا نعلم إذا كانت هذه المشاريع التي تمتد مساحتها لأكثر من 20 كم مخزنة في أي درج أو يمكن مخبأة في "تجوري" عملاق حفاظاً على التحفة الجديدة من السرقة، أو أن المشروع عبارة عن مفاجأة ضرب حولها ستار ليرفع في احتفالية كبرى تتخللها الألعاب النارية التي دخلت موسوعة غينس والأغاني الوطنية ودعوة الشعب الكويتي إلى الحضور لإدخال الفرح إلى قلوبهم.

أو قد تكون المفاجأة السارة أكبر بحيث يحصل أي مواطن يشارك في هذا الحفل البهيج على "شيك" بألف دينار أو تسقط عنه فوائد القروض إذا كان مقترضاً!

وإذا كانت السبعة مليارات قد حققت لنا مثل هذا الإنجاز، فكيف إذا صرفت 125 مليار التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء... أليس هذا قمة احترام الحكومة لعقولنا؟!

ولكن يروى أن مسؤولاً كويتياً يسأل نظيره الأجنبي: "إنتوا شلون تبوقون من الشعب؟ الأجنبي: شايف المشروع اللي جدامنا؟ الكويتي: إي شايفه! الأجنبي: هذا كلّف مليار دولار، ضبطناها وقلنا إنّه كلف مليار ونص، وإنتوا شلون تبوقون؟ الكويتي: شايف المشروع اللي هناك؟ الأجنبي: لا ماني شايف شي! الكويتي: يا عيني عليك، هذا يا سيدي كلّف عشرين مليار"!!