محطة مصر: أرصفة بلا مسافرين أو قطارات
رئيس «السكة»: «الرواتب سارية»... ومدير المقهى: «خراب بيوت»
صفير قطار يتعالى، باعة متجولون يرفعون أصواتهم بالنداء على بضائعهم، أحد الأشخاص يدفع ثمن صحيفة ويجري مهرولاً، أم تقبل ابنها وهي تودعه، إشارة "س.ح.م" (اختصار سكك حديد مصر) مكتوبة على أحد القطارات، صوت عامل المحطة يعلن أن القطار سيدخل المحطة. كل هذه المشاهد غابت عن محطة مصر، بمنطقة رمسيس (وسط القاهرة) الآن، منذ فض اعتصام أنصار "الإخوان" في 14 أغسطس الماضي، وإصدار قرار بإيقاف حركة القطارات، بين عدد كبير من المحافظات.
غاب المسافرون عن أرصفة المحطة، وبدت القضبان وحيدة بلا قطارات، وعند رصيف 8 جلس بجانب (متجر خشبي صغير) يحتوي على بعض البضائع التي لا تجد من يشتريها، شاب "عشريني" يُدعى أحمد يستخدم الكشك، في النوم طوال اليوم، بعدما أُغلقت كل أكشاك المحطة، قائلاً "لا أحقق أية إيرادات بسبب توقف المحطة، ورغم ذلك آتي يومياً آملاً في تبدل الحال". أما مقهى المحطة، الذي كنت تجد فيه المسافرين، فهو الآن خاو، محض أكواب وفناجين لم يمسسها أحد، منذ فض الاعتصام الإخواني وفرض حظر التجول، واكتفى مدير المقهى الذي لا أحد غيره في المكان بكلمة واحدة: "هذا خراب بيوت ووقف حال لم نره من قبل". وفي مكالمة هاتفية قال رئيس المحطة مصطفى مهران لـ"الجريدة": "هذا الوضع لم يحدث من قبل، لكنه للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، من أعمال الشغب، التي تحدث في الخارج، ومن المنتظر عودة حركة القطارات في أي وقت بعد موافقة الجهات الأمنية"، موضحاً أن قلة العمل في السكة الحديد لا يضر بعاملي المحطة في شيء، فرواتبهم سارية. خارج أسوار المحطة، كانت الحياة تضج بأبواق السيارات التي يزدحم بها شارع رمسيس، تختلط بحناجر سائقي سيارات الأجرة "ميكروباص" التي ينطلق بعضها من مواقف عشوائية إلى محافظات قريبة، مستغلين في ذلك احتشاد أعداد كبيرة من المسافرين خارج "المحطة"، ولا يخلو المشهد من مشادات كلامية بين المسافرين والسائقين بسبب رفع أجرة الركوب عدة أضعاف للفرد المسافر إلى مدينة الإسكندرية مثلاً، لكن سرعان ما يمتلئ "الميكروباص"، وينطلق تاركاً وراءه محطة مصر، غارقة في صمتِها الرهيب.