سيريانا!

نشر في 18-08-2013
آخر تحديث 18-08-2013 | 00:01
سيريانا فيلم لا يأتي بجديد ولا يكشف الأسرار،،، لكنه يستحق أن يشاهد، لأنه سيذكّر المشاهد بأن كل شيء مما يدور حوله لا يأتي جزافاً، إنما «كل شيء مرتبط»!
 د. ساجد العبدلي سيريانا هو فيلم قديم لجورج كلوني ومات ديمون ومن إخراج ستيفن جاجان، كنت شاهدته منذ سنوات، ومررت عليه مؤخراً بالمصادفة، فتذكرت حكايته وإذا بها لا تزال حية وكأنها تحكي واقعنا. الفيلم لا يأتي في حقيقة الأمر بجديد، لكنه يجيء ليغرس سيخاً من حديد في حقيقة واقعنا المتقيحة، في حال أن نكون نسيناها!

القصة تصور الأحداث السياسية الجارية دوماً في الشرق الأوسط، وتدور بشأن إمارة خليجية غنية بالنفط، يدور فيها صراع على الحكم بين ابني الأمير المتقدم في السن، أحدهما مثقف يحمل شهادة الدكتوراه ويرغب في الإصلاح السياسي والاقتصادي لبلده ويريد إطلاق الحريات، في حين أن الآخر يعيش حياة الملذات والفساد والتمتع بالثروة، إلا أن الشركات النفطية الأميركية في هذه الإمارة، وبسبب مصالحها، تلجأ وبقوة لمساندة الابن الثاني إلى أن آلت مقاليد الحكم وسائر الأمور إليه.

كاتب الفيلم، ورغم أنه كما قلت لا يأتي بجديد في هذا المحور، يطلق وبذكاء وبراعة محاور موازية عدة تتحرك كلها في الوقت نفسه مع محور الفيلم الأساسي والمتمثل بالصراع الدائر بين الأخوين على السلطة. أحد المحاور يتمثل بهدر حقوق الإنسان في هذه الإمارة من خلال تسليط الضوء على سوء معيشة العمالة فيها، الأمر الذي دفع ببعض هؤلاء البسطاء إلى التطرف وكره النظام السياسي الحاكم والشركات النفطية الأميركية، ومحور آخر يتمثل بقيام وكالة الاستخبارات الأميركية بدس أحد عملائها (جورج كلوني) في الشرق الأوسط لاغتيال ابن الأمير ذي التوجه الإصلاحي، وكيف أنه وبعد اكتشاف أمره واعتقاله في بيروت على يد رجال أحد الأحزاب وتعرضه للتعذيب البشع تتنكر هذه الوكالة لوجوده بالكلية، وتقوم بإزالة كل أثر لهذه العملية من سجلاتها لتنفي عن نفسها شبهة التورط بالأمر. هذا بالإضافة إلى محور آخر تمثل بظهور شخصية المحلل الاقتصادي الذي عينه الابن الإصلاحي كمستشار له والذي قام بدوره الممثل مات ديمون، وكيف أنه يستغرب كيف أن حكومة هذه الإمارة لا تزال تنفق ببذخ وجنون، وتستنزف ما في جوفها من بترول من دون أي تخطيط أو إدراك لما سيأتي في المستقبل من تغيرات اقتصادية، فيكتشف في نهاية المطاف أن ذلك يحصل ليس لأن حكومة الإمارة لا تدرك ذلك، ولكن لأن الشركات النفطية العملاقة هي التي لا تريد لها أن تخرج من هذه الدائرة.

هذه المحاور كلها تلتقي في آخر الفيلم بشكل بارع في نقطة النهاية بشكل ذكي يؤكد الشعار الذي اتخذه صانعو الفيلم شعاراً لحملتهم الترويجية للفيلم بأن «كل شيء مرتبط»، مما يجعل من ذلك الفيلم الدسم فيلما جديراً بالمشاهدة لمن يود ذلك.

سيريانا فيلم لا يأتي بجديد ولا يكشف الأسرار،،، لكنه يستحق أن يشاهد، لأنه سيذكّر المشاهد بأن كل شيء مما يدور حوله لا يأتي جزافاً، إنما "كل شيء مرتبط"!

back to top