بلغت الثورة المصرية أمس محطتها الجديدة، بحصار نظام محمد مرسي وسط إصرار على الإطاحة بجماعة «الإخوان المسلمين» من المشهد السياسي، عقب اجتماع رموز الدولة، ممثلة في وزير الدفاع والقيادات الدينية والقوى المعارضة لحسم مرحلة ما بعد مرسي.

Ad

وصلت الثورة المصرية أمس إلى محطتها النهائية مع الإصرار على الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، من قبل تكتل الدولة المصرية، المدعوم بالملايين في الشارع الثائر، المطالب برحيل نظام مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

واستمر ملايين المصريين أمس في الاحتشاد أمام قصرَي «الاتحادية» و»القبة» الرئاسيين، وفي ميدان «التحرير»، فضلاً عن عدة ميادين كبرى في عدد من المحافظات، للمطالبة بتنفيذ أجندة حملة «تمرد»، التي تتضمن تنحي مرسي، ونقل صلاحياته إلى رئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور، وتشكيل حكومة وطنية، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.

واستجاب الجيش لنبض الشارع، بعقد وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي لقاءات موسعة، ظهر أمس، مع كل من المتحدث باسم المعارضة محمد البرادعي، والإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وشباب حملة «تمرد» وممثلي حزب «النور» السلفي، لمناقشة «خريطة الطريق» التي أعلن عنها السيسي الاثنين الماضي.

وحاول مرسي تحدي الملايين الغاضبة، بخطاب أذيع مساء أمس الأول حمل تصعيداً وتهديداً لمعارضيه، وقوبل بسخرية ورفض حاسم من قبل المعارضة.

وفي أول رد فعل على الخطاب المستفز، عقد وزير الدفاع اجتماعاً فجر أمس، مع قادة القوات المسلحة لبحث الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وقال أدمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن السيسي ذكر، عقب بيان مرسي «أنه أشرف لنا أن نموت من أن يروَّع أو يهدد الشعب المصري، ونقسم بالله أن نفتدي مصر وشعبها بدمائنا ضد كل إرهابي أو متطرف أو جاهل».

جريمة «النهضة»

وبدا محيط جامعة القاهرة، عصر أمس الأول ساحة حرب، حيث تحوَّلت «حديقة الأورمان» التاريخية، إلى ثكنة عسكرية، تضم أعداداً كبيرة من التيار الإسلامي، يتم تدريبهم على أساليب قتالية عدة، مستخدمين أسلحة بينها بنادق ومسدسات وعصي، مرتدين «الخوذ» وواقي الصدر، وسط هتافات «ربنا يحميكوا» وينصركوا «ودين الله منصور». وقالت مصادر أمنية إن نحو 16 قتيلاً سقطوا في هذه الأحداث، بينهم عناصر من الشرطة.

وكان مجموعة من الشباب، يعتقد أنهم قناصة، اعتلوا شرفات في منطقة «بين السريات»، القريبة من «ميدان النهضة»، حاملين الأسلحة، بينما سحلت مجموعة أخرى كل مَن سقط بين أيديها، وسط طوفان من الضرب المبرح، بينما اندلعت مشاجرات بالسلاح الناري، وقال مراسل «الجريدة»: «حين كنت أجري خوفاً من الهجوم عليَّ، رأيت من يتساقط بجواري متألماً، ولم أتمكَّن من العودة إليه، لإنقاذه، واكتشفت أنه ذلك الشخص الذي كان يقوم بتصوير الأحداث، وتم الاعتداء عليه من قبل إسلاميين، بالضرب المبرح، وربما يكون لقي حتفه».

وبينما علمت «الجريدة» بتجمع قيادات جماعة «الإخوان» في مدينة مطروح، غير بعيد عن الحدود المصرية- الليبية، رفضت قيادات حزب «الحرية والعدالة» الحديث عن أي خطوات للتهدئة أو التراجع، مؤكدة أنه لا يمكن للجيش تحدي ما سموه «الإرادة الشعبية»، معلنين إخلاء مسؤوليتهم عن أي أحداث عنف وقعت أو ستقع.

الحلقات تضيق

وواصلت قطاعات الدولة تكاتفها ضد جماعة «الإخوان»، بعدما استقال أمس مستشار شيخ الأزهر عبدالدايم نصير، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالهادي القصبي، من عضوية مجلس «الشورى» تضامناً مع الشارع المصري في مطالبه التي لم تلق صدى في الرئاسة.

في غضون ذلك، ضاقت الحلقات على نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على 6 من حرسه الشخصي بتهمة حيازة سلاح ومقاومة السلطات، وسط أنباء عن ضلوع الشاطر وقيادات الجماعة في قضايا تخابر وإضرار بالأمن القومي لمصر.

وخاطبت نيابة جنوب القاهرة الكلية، أمس، جهاز «مباحث الأمن الوطني» لتقديم تحرياته بشأن ضلوع كل من مرشد جماعة «الإخوان» محمد بديع ونائبه الأول الشاطر، وعدد من قيادات الجماعة في التحريض على قتل 11 متظاهراً أمام مكتب الإرشاد بضاحية «المقطم» شرقي القاهرة، أثناء تظاهرات الثلاثين من يونيو المطالبة بإسقاط حكم الجماعة ورحيل الدكتور مرسي عن الحكم.