في مشهد يزداد اضطرابا ويقترب من سيناريو حرب شوارع مفتوحة، سيطرت أمس، حالة من الارتباك بين فرقاء العمل السياسي، بعد الاشتباكات الواسعة التي شهدتها القاهرة وبورسعيد وعدة محافظات مصرية، بين المتظاهرين وقوات الشرطة، مما أسفر عن مقتل 5 وإصابة ما يزيد على 579، في تصاعد لحدة العصيان المدني المعلن في عدة محافظات مصرية لرفض ممارسات نظام جماعة «الإخوان المسلمين» لاحتكار جميع السلطات.

Ad

  وشيع الآلاف من أهالي مدينة بورسعيد، أمس جثمان أحد شهداء الاشتباكات الواسعة التي شهدتها المدينة مساء أمس الأول بين المتظاهرين وقوات الأمن على خلفية قرار وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم نقل سجن بورسعيد خارج المدينة، تمهيدا للحكم المرتقب السبت المقبل في  مذبحة استاد بورسعيد.

  وكانت مدن بورسعيد والقاهرة والمنصورة، شهدت مواجهات مفتوحة بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط خمسة قتلى ومئات المصابين، ونظم العشرات من شباب القوى السياسية بمدينتي طنطا والمحلة الكبرى مساء أمس الأول، وقفات احتجاجية لإعلان التضامن مع المتظاهرين في عدد من المدن المصرية.

وأعلن المتحدث الإعلامي لوزارة الصحة المصرية الدكتور يحيى موسى أمس، ارتفاع عدد قتلى بورسعيد إلى 5 قتلى نتيجة اشتباكات مساء أمس الأول، في حين بلغ عدد المصابين في كل من بورسعيد والقاهرة والدقهلية 579 مصابا، بينما أكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية إلقاء القبض على 81 شخصا ممن وصفتهم «الداخلية» بـ»مثيري الشغب» خلال الأحداث.

الجيش ينفي

وكان المشهد الأبرز، ما تناقلته عدة مواقع إخبارية وعدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي مساء أمس الأول، حول اشتباكات بين قوات الجيش والمتظاهرين وقوات الأمن المصرية، في مدينة بورسعيد، مما فجر مخاوف باقتراب مصر من هوة لم تعرفها من قبل.

  وخرجت المؤسسة العسكرية أمس على لسان المتحدث الرسمي باسمها، العقيد أركان حرب أحمد علي، لتنفي حدوث اشتباكات بين عناصر من القوات المسلحة والشرطة في أحداث بورسعيد، وقال إن «الطلق الناري أصاب أفرادا من جانبي الشرطة والجيش، وهو ما يؤكد أن عناصر مجهولة قامت بالاعتداء على الطرفين».

وبينما أكد المتحدث العسكري أنه لا صحة لما تردد حول وفاة عقيد القوات المسلحة شريف جودة العرايشي الذي أصيب بطلق ناري في أحداث مدينة بورسعيد، قام وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي أمس بزيارة العقيد المصاب، وعبر السيسي خلال الزيارة عن تقديره لرجال القوات المسلحة في دورهم الوطني والقومي من أجل مصر.

خريطة طريق

وفي محاولة لفك طلاسم الأزمة السياسية الحالية، طرح المنسق العام لـ «جبهة الإنقاذ الوطني»، رئيس حزب «الدستور»، محمد البرادعي خريطة طريق من 5 نقاط للخروج من الأزمة الراهنة، وقال البرادعي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن بداية الإصلاح والخروج من الأزمة السياسية التي تعصف باستقرار مصر مرتبط بـتشكيل «حكومة ذات مصداقية»، و»استعادة الأمن»، و»عدالة انتقالية ومصالحة وطنية»، و»تعديل الدستور»، و»قانون انتخابات يحقق المساواة»، وهي مبادرة قابلتها قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» بالرفض.

وعلى صعيد الاستعداد للانتخابات النيابية المفترض أن تبدأ في 22 أبريل المقبل، بحثت قيادات حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» سبل التحالف مع قوى سلفية كحزب «الراية- تحت التأسيس» برئاسة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لتكون بديلا عن التحالف مع حزب «النور»، أكبر الأحزاب السلفية، الذي انقلب على «الإخوان» وأحرج الرئيس مرسي في عدة  ملفات.

في المقابل، هدد حزب «النور» السلفي بمقاطعة انتخابات النواب في حال استشعاره عدم نزاهتها، ولخص موقف «النور» القيادي بالحزب جلال المرة لـ»الجريدة» قائلا: إن «النور يحذر من التلاعب بنزاهة الانتخابات»، مشيراً إلى أنه في حال حدوث ذلك، أو عدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات سيقرر الحزب الانسحاب من تلك الانتخابات».

البرلمان الشعبي

 في السياق، كثفت جبهة «الإنقاذ الوطني»، كبرى حركات المعارضة المدنية، من تحركاتها لتفعيل قرار مقاطعة انتخابات مجلس النواب وبدأت في الاستعدادات الأخيرة لتدشين «البرلمان الشعبي» لمواجهة البرلمان الذي تهيمن عليه جماعة «الإخوان المسلمين».

وقال القيادي بجبهة الإنقاذ وحيد عبدالمجيد لـ»الجريدة»: إن «الجبهة تستعد لتشكيل برلمان شعبي لمواجهة السياسات التشريعية لمجلس النواب المقبل بـالباطل»، مضيفا: «الجبهة ستدشن حملات لجمع توقيعات إلكترونية، وتوقيعات رسمية في كل المحافظات لمقاطعة الانتخابات».

وكشف عضو المكتب التنفيذي لشباب جبهة الإنقاذ، حسام فودة لـ»الجريدة» عن أن شباب الجبهة يستعدون لتدشين حملة جماهيرية موسعة باسم «باطل... قاطعوهم»، لتوعية المواطنين بالأسباب التي دفعت أحزاب الجبهة إلى مقاطعة الانتخابات، كما أعلنت حركة «كفاية» بدء حملة جمع توقيعات للمقاطعين، تمهيداً لتسليمها للجنة العليا للانتخابات، لتأكيد رفض قطاعات واسعة من الشعب المصري للانتخابات النيابية، التي تحيط شكوك في إمكانية إجرائها وسط أحداث العنف الأخيرة.