تقرير اقتصادي : الكويت الأكثر ارتباطاً بالنفط... تدير ظهرها للإنتاج «الصخري»
• مؤتمر للنفط والغاز لا يناقش الطاقة غير التقليدية يدفع إلى قلق أكبر من المستقبل
• «أرامكو» أطلقت مناقصات الاستكشاف وأميركا تصدرت الإنتاج العالمي
• «أرامكو» أطلقت مناقصات الاستكشاف وأميركا تصدرت الإنتاج العالمي
لا ينحصر تحدي النفط والغاز الصخريين لدول الخليج، ومنها الكويت، في مجرد دراسات أو تخوف من احتمالات سيئة على المدى الطويل.
عقدت الكويت خلال الأسبوع الجاري مؤتمر ومعرض الكويت الأول للنفط والغاز، بحضور العديد من القيادات النفطية المحلية والعالمية، ودارت التصريحات الرسمية كلها حول آفاق الاستثمار في النفط والغاز، والتكرير والنفط الثقيل، فضلاً عن المصافي الخارجية في الصين وفيتنام. وغاب عن المؤتمر أهم ما يشغل بال موردي ومستهلكي الطاقة في العالم، وهو النفط والغاز الصخريان، منتجا الطاقة الجديدان اللذان باتا أمراً واقعاً في سوق النفط، حيث تشير إحصاءات وكالة الطاقة الدولية بشأن تطورات استكشاف كميات جديدة من الغاز والنفط الصخري في 2013 إلى أن النفط الصخري رفع الاحتياطيات العالمية من النفط الخام نحو 11 في المئة، واحتياطي الغاز الطبيعي 47 في المئة، وسط توقعات بأن النفط الصخري يمكنه إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي مما يؤثر سلباً على الدول المنتجة للنفط التقليدي، ومنها بالطبع الكويت، أكثر دولة في العالم اعتماداً على النفط والغاز في إيرادات ميزانيتها. وقبل أسابيع أعلنت أرامكو -عملاق النفط السعودي- طرح أولى مناقصات الاستكشاف عن الغاز الصخري خلال الشهر الجاري، وذلك في 3 مناطق مختلفة بالمملكة. وتشمل مناطق الاستكشاف المقترحة كلا من: «الربع الخالي» ومنطقة «جنوب حقل الغوار» ومنطقة «نفوذ الجافورة» في شمال المنطقة الشرقية بعد ان قدرت ابحاث لـ»بيكر هيوز» احتياطيات الغاز الصخري في السعودية بنحو 645 تريليون قدم مكعبة، وهو ما يعادل مرتين ونصف المرة حجم احتياطيات الغاز التقليدي بالسعودية. وتعتبر خطوة السعودية هي الأولى خليجياً نحو الاستثمار في الطاقة غير التقليدية، في حين تتحدث الكويت عن «أفكار» للاستثمار في النفط الصخري فضلاً عن تجربة فاشلة سابقاً في كندا نتيجة للبيروقراطية الحكومية! في حين لم تقم دول أخرى كالإمارات وقطر بأي تحرك في اتجاه الاستثمار بهذه الطاقة الجديدة، رغم أنهما من أكثر الدول استثماراً في الأصول العقارية والمالية عالمياً خلال السنوات العشر الاخيرة. تحدي النفط والغاز الصخري لدول الخليج، ومنها الكويت، لا ينحصر في مجرد دراسات أو تخوف من احتمالات سيئة على المدى الطويل، فالولايات المتحدة التي كانت تستهدف قبل أشهر ان تصبح اكبر منتج للنفط في العالم عام 2017 أعلنت قبل أقل من اسبوع أنها ستحقق هذا الهدف العام الحالي، متجاوزة روسيا والسعودية. وتتجه الولايات المتحدة، التي تمتلك احتياطيات من النفط الصخري القابل للاستخراج تقدر بـ58 مليار برميل، بقوة نحو تطوير تقنيات استخراج النفط والغاز الصخري وكذلك الامر نفسه بالنسبة الى روسيا اكثر دول العالم امتلاكا لاحتياطيات النفط الصخري بنحو 75 مليار برميل، اما على صعيد الغاز الصخري فإن الصين تتربع على اعلى قائمة الدول من حيث الاحتياطي القابل للاستخراج بـ19 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي، تليها الأرجنتين فالجزائر ثم الولايات المتحدة. لم يعد الرهان على الكلفة العالية لاستخراج النفط الصخري، واعتبار نظيره التقليدي مطلوباً في الاسواق لانخفاض كلفة انتاجه، امرا مجديا، فكلفة استخراج برميل النفط الصخري اليوم بحدود 77 دولارا، وهي كلفة عالية جدا اذا ما قورنت بكلفة استخراج البرميل العادي التي تبدأ من 8 دولارات، إلا أن ارتفاع برميل النفط فوق 100 دولار جعل الاستثمار في النفط الصخري، الذي كان لمدة طويلة غير مجد، اكثر جدوى. ولاشك ان تراجع سعر النفط في العالم الى ما دون سعر كلفة استخراج النفط الصخري لن يكون مضرا فقط للدول التي تستخرج النفط غير التقليدي، بل سيشمل دولا، لا تتحمل ميزانياتها العامة سعر برميل نفط دون 80 دولارا، فالكويت ترتكز ميزانيتها بنسبة 95 في المئة على ايرادات النفط والغاز، ومن ثم فإن دخول النفط الصخري كمنافس على خط الانتاج يضرها وسيضرها انخفاض سعر برميل النفط بشكل أكبر. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك أبحاثاً متواصلة لخفض كلفة الاستخراج النفط الصخري في المستقبل الى نصف الكلفة الحالية، فمن يضمن في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة عاليا ألا يتم الوصول الى طرق اقل كلفة اذا بدأ الغرب في الابحاث والتجارب في غضون سنة او 5 او 10 سنوات قادمة، وهنا يجب اعادة النظر في الاستراتيجية النفطية للكويت ليكون النفط غير التقليدي حاضرا في استثماراتها كي تكون مستعدة لاي تحول في الطلب العالمي خصوصا في ظل استمرار حالة عدم اليقين وقتامة المشهد الاقتصادي العالمي. وعندما نعاين ارتكاز دول الخليج على النفط والغاز في إيراداتها نجدها تبدأ من السعودية عند 79 في المئة من اجمالي الايرادات، وتتصاعد الى ان تصل الى رأس القمة، ليس خليجيا فحسب، بل عالميا في الكويت عند نسبة 95 في المئة، وهي بدون شك نسبة عالية ومحفوفة بالمخاطر عند حدوث اي اختلال في اسعار النفط او الطلب العالمي عليه، لاسيما ان موازنات دول الخليج بلا استثناء تضاعفت خلال السنوات العشر الاخيرة بما نسبته 300 الى 400 في المئة. انعقاد مؤتمر للنفط والغاز في الكويت في وقت لا ينشغل فيه عالم الطاقة بغير ملفي النفط والغاز الصخريين يكشف أن الاستراتيجية النفطية بعيدة عن قراءة مستقبل الأسواق، ولو ببحث او دراسة او ورشة عمل، وهذا امر يدعو الى قدر اكبر من القلق مستقبلا.