بتاريخ السادس من شهر أغسطس عام 1990 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 661 بشأن ما عرف بتسميته "الحالة بين الكويت والعراق"، وقد دعا هذا القرار من بين بنود أخرى إلى وقف التجارة مع العراق وتقديم المساعدة إلى الحكومة الشرعية في الكويت وطلب من جميع الدول ما يلي:

Ad

أ- اتخاذ تدابير مناسبة لحماية الأصول التي تملكها حكومة الكويت الشرعية ووكالاتها.

ب- عدم الاعتراف بأي نظام تقيمه سلطة الاحتلال.

وقد التزمت كل دول العالم بهذا القرار وخاصة المتعلق بالأصول والممتلكات الكويتية ما عدا عدداً قليلاً من الدول المؤيدة للعدوان. بالإضافة إلى بعض الدول الصديقة التي أخذت موقفاً متأنياً, ومن هذه الدول كانت جمهورية البرتغال.

وبما أني كنت سفيراً لدولة الكويت لدى البرتغال محالاً من الجزائر الشقيقة ونظراً لوجود بعض الممتلكات الكويتية في تلك الدولة الصديقة، فقد تلقيت مكالمة هاتفية من الأخ الفاضل ضاري عبدالله العثمان وزير العدل والشؤون القانونية في ذلك الوقت، الذي أبلغني بتكليفي من الحكومة بضرورة التوجه إلى لشبونة لحث الدولة الصديقة على سرعة الالتزام بنص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661, وعليه فقد توجهت إلى ذلك البلد الصديق يرافقني أحد الموظفين المحليين بالسفارة.

بعد وصولي مباشرة طلبت موعداً مع وكيل وزارة الخارجية البرتغالية، وفي اليوم التالي ذهبت إلى ذلك اللقاء، وبعد تبادل عبارات الترحيب تحدثنا عن عمق العلاقات بين البلدين، ثم تطرق الحديث عن الغزو والعدوان وما تتعرض له الكويت من تدمير وقتل وتشريد لشعبها, ثم قمت بتسليمه نسخة من قرار مجلس الأمن الدولي رقم "661" مع إبراز الفقرة المشار إليها، وقد وعد بدراسة الموضوع والرد حالما يتوافر موقف محدد, وبعد عصر اليوم نفسه تلقيت اتصالاً هاتفياً من الوكيل الذي أبلغني أن الحكومة البرتغالية وانسجاما مع موقفها الرافض للعدوان، ونظراً لما يربط الكويت والبرتغال من علاقة وثيقة فقد تقرر الالتزام التام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم "661" وخاصة الفقرة التي تطالب باتخاذ الإجراءات المناسبة للمحافظة على الممتلكات والاستثمارات الكويتية سواء الحكومية أو الخاصة.

قدمت للوكيل شكر وتقدير حكومة الكويت للدولة الصديقة على هذا الموقف المشرف، وقمت بعدها بالاتصال بالأخ العزيز ضاري العثمان في الطائف، حيث أبلغته بالموقف الإيجابي للبرتغال.

انتهزت فرصة وجودي في لشبونة فاستمزجت رأي وزارة الخارجية في إمكان عقد لقاء مع الصحافة المحلية لشرح الأوضاع المأساوية التي يعيشها شعب الكويت في ظل الاحتلال، وقد وافقت الوزارة على ذلك مع تقديم الدعم. ثم طرحت الموضوع مع مدير فندق "شيراتون لشبونة" وهو من الشباب المصري المكافح والنشط،  وقد قام الأخ سمير بالاتصال بالصحافة المحلية والإعداد لعرض صور الدمار الذي أحدثته قوات الاحتلال.

وهنا لا بد من الإشارة إلى الموقف الإيجابي المتميز للسفير سمير سيف اليزل سفير مصر في البرتغال في ذلك الوقت، والذي قدم دعماً لا محدوداً، وعلى عكس ذلك كان الموقف السلبي الذي قام به السفيرعصام بسيسو سفير منظمة التحرير في لشبونة الذي حاول الاعتراض على إقامة اللقاء الصحافي على الرغم من صداقتي القوية معه, أما السفارة العراقية فلم يكن لها أي موقف تجاه ذلك اللقاء، وكان يرأس السفارة في ذلك الوقت السفير منذر الونداوي الذي كنت أرتبط معه بصداقة طيبة قبل الغزو.

 وهنا نؤكد كما أكدنا من قبل أن الحديث عن يوميات الغزو ليس الهدف منه أن ننكأ جراح الماضي بقدر ما هو تسجيل للتاريخ لمواقف الدول والشخصيات تجاه بلدنا الغالي، الذي تعرض لغزو غادر لم يتعرض لمثله أي بلد في العالم.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

***

جسر جابر... والحسد    

قرأت في جريدة "الوطن" العزيزة عليّ مقالاً للزميل العزيز حسن علي كرم رداً على مقال سابق كنت قد كتبته عن "جسر جابر"، وكم أسعدني هذا الحوار الراقي الذي تميز به مقالكم والمناقشة الجادة مع طرح الأفكار، وكم أتمنى أن يسود هذا الرقي حواراتنا، فالهدف خدمة هذا الوطن الغالي. مع التأكيد لكم أخي العزيز أنه معاذ الله أن أصفكم أو أصف من كتب مع المشروع أو ضده بالحسد أو المصالح الشخصية، ولكن الهدف هو الدعوة إلى دعم كل ما من شأنه تحريك عجلة التنمية في البلاد التي طالها الصدأ نتيجة توقف دورانها.

لكم خالص الشكر والتقدير.